توجّه إليها أمس البشير في الدوحة… زيارة ذات طابع اقتصادي

بدأ رئيس الجمهورية، المشير عمر البشير، أمس زيارة إلى العاصمة القطرية الدوحة تستغرق يومين، ولكون الزيارة لم تكن معلنة مسبقاً، فقد أكد بيان صادر عن رئاسة الجمهورية، إن البشير سيلتقي بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد للتباحث في العلاقات الثنائية بين البلدين وجهود تعزيز السلام في دارفور والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك. وليست صدفة أن تكون الديار القطرية هي أول وجهة يقصدها رئيس الجمهورية عقب موجة الاحتجاجات التي انتظمت البلاد في الشهر الأخير، ولم تكن الأخيرة بعيدة عما يحدث فكانت من أوائل الدول التي أعلنت دعمها الصريح للحكومة، ووصل ذلك الإعلان من أرفع المستويات القطرية، ففي اليوم الثالث للحراك الذي صادف يوم 22 ديسمبر الماضي أجرى الشيخ تميم بن حمد اتصالاً هاتفياً بالقيادة السودانية أعلن خلاله بن حمد وقوف بلاده إلى جانب السودان، واستعداده لتقديم كل ما هو مطلوب ليتجاوز السودان هذه الأزمة.

علاقة راسخة

تعد علاقة الخرطوم بالدوحة الأكثر رسوخاً ومتانة، وبينهما الكثير من التفاهم في وجهات النظر، وتحفظ الخرطوم لبلاد الشيخ حمد تبنيها كلياً ملف سلام دارفور، وما تزال الدوحة ممسكة بالملف.

اختبار العلاقة

في ظل الأزمة الخليجية احتفظ السودان بموقف دبلوماسي يؤكد دعمه لمبادرة حل الأزمة واحتوائها، التي تولتها الكويت قبل نحو عام ونصف، علاوة على ذلك ففي الوقت الذي ما تزال تشارك فيه القوات السودانية ضمن قوات التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن بقيادة الرياض وأبو ظبي، يمضي السودان في علاقاته الإيجابية مع الدوحة.

بعد اقتصادي

وكانعكاس لمستوى العلاقات المتميزة بين البليدن تحتل الاستثمارات القطرية في السودان مرتبة متقدمة، لكنها ما تزال – هذه الاستثمارات- لا توازي حجم ومتانة العلاقات السياسية، إذ لم تتجاوز الاستثمارات القطرية في السودان حاجز الـ “4” مليارات دولار حتى العام الماضي، بحسب وزارة الاستثمار، مع بعض المشروعات الاستثمارية الأخرى لشركات تعمل في البنى التحتية.

ولم يرتق حجم التبادل التجاري المعلن بين السودان وقطر لمستوى العلاقات السياسية المتميزة جداً خاصة وأن للسودان فرصة لزيادة صادراته من منتجاته الزراعية وثروته الحيوانية إلى قطر.

استثمارات قطرية

ورغم ذلك، لا يمكن إغفال البعد الاقتصادي الذي تمثله الاستثمارات القطرية في السودان، لكونها تمثل نسبة كبيرة من الاستثمار الخارجي في السودان، من خلال المؤسسات القطرية، مثل بنك قطر الوطني، شركة الديار العاملة في المجال العقاري وشركة ودام، وشركة حصاد العاملة في مجال المشروعات الزراعية، وشركة بروة العقارية، وقطر للتعدين، بجانب عدد من الأفراد المستثمرين في المجال الزراعي والتجاري.

وتعد الخطوط القطرية من أميز الشركات التي تقدم خدماتها للمسافرين من وإلى السودان، وهناك مشروع الآثار والسياحة الذي يهدف إلى ترميم الآثار وصيانتها وتأسيس البنى التحتية التي تجعل الوصول إلى مناطق الآثار والإقامة فيها سهلاً وميسوراً.

ظروف اقتصادية

يقول الخبير الاقتصادي، الأستاذ المشارك بجامعة المغتربين، الدكتور محمد الناير: “بالتأكيد زيارة البشير للدوحة تشكل أهمية كبيرة وسط الظروف الاقتصادية الحالية”، ويؤمل أن تخرج بمكاسب تسهم في دعم اقتصاد الدولة.

وقال الناير في حديث لـ “الصيحة” أمس، إن علاقات الخرطوم بالدوحة تتسم دومًا بالعمق والتوافق المشترك في كثير من القضايا، مشيراً للدور القطري المعروف في رعاية مفاوضات السلام بين الحكومة وقادة الحركات الدارفورية المسلحة، وما نتج عن ذلك الدور من اختراق في ملف السلام بتوقيع عدد من الحركات على اتفاق سلام أنهت بموجبه حمل السلاح ودخلت معترك السياسة.

وأقر الناير بأن الدور الاقتصادي للدوحة بالخرطوم لم يصل لنفس درجة التنسيق والتوافق السياسي بين البلدين، رغم إشارته لعدد كبير من المشروعات التي نفذتها قطر بالسودان.

زيارات رفيعة

وفي الاتجاه الآخر، لم تنقطع زيارات كبار المسؤولين القطريين للسودان، وكترجمة فعلية لحجم العلاقات المتميز بين البلدين لم تنقطع زيارة المسؤولين القطريين للخرطوم، ولعل آخرها كانت زيارة النائب العام القطري، علي بن فطيس المري، في زيارة رسمية استغرقت عدة أيام، وبحثت الزيارة العلاقات الثنائية وآخر التطورات على الساحة الإقليمية، كما شهد العام 2017 زيارة وزير المالية القطري علي شريف العمادي للخرطوم، فيما كانت زيارة الشيخة موزا بنت ناصر للسودان ذات العام علامة بارزة في علاقات البلدين.

اقتصادياً.. شهد 2011 مشاركة نحو 95 من الشركات ورجال الأعمال والمستثمرين القطريين في ملتقى سوداني قطري ليضع بعده رأس المال القطري عدداً من اللبنات لتأسيس شراكة اقتصادية مع السودان.

سلام الدوحة

على المستوى السياسي، ترجم التوافق بين البلدين في تنسيق المواقف في المحافل الدولية والإقليمية، والزيارات المتبادلة، وغير ذلك من المشاركات على كل المستويات، ويؤكد ذلك اهتمام قطر بالمسائل المتعلقة باستقرار السودان وإقرار السلام والتنمية، وعلى وجه الخصوص المبادرة القطرية بشأن قضية دارفور وتتويج ذلك بالتوقيع على وثيقة الدوحة للسلام في الإقليم، وما تبع ذلك من مشروعات الإعمار والتنمية، عبر مبادرة قطر لتنمية دارفور، وبدورها لم تدخر الحكومة وسعاً ولا مجالاً للتأكيد على تمسكها بالدوحة كمنبر وحيد لاستكمال سلام دارفور، وترفض قطعياً أي محاولة لإيجاد منبر بديل.

صحيفة الصيحة.

Exit mobile version