بعد اعتماد الزوجات عليه .. (الديلفري) .. هل صار سبباً أساسياً لـ(الطلاق).؟

قضية غريبة ومثيرة وقد يراها البعض طريفة، لكن خطورتها تكمن في أنها وصلت بزوجين إلى المحاكم، وقد تتكرر بين أزواج وزوجات آخرين، فالزوجة طلبت الطلاق لأن زوجها يرفض اعتمادها على وجبات الديلفري، ويطالبها بدخول المطبخ وإعداد الطعام بنفسها، وهو أمر لم تعتده منذ أن كانت في بيت أهلها، وأمام خلافهما، قررت الزوجة اللجوء إلى محكمة الأسرة لطلب الطلاق للضرر، فهل يجوز هذا شرعاً؟

(1)
تؤكد الدكتورة آمنة نصير، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية وعضو مجلس الشعب، أنه لا يحق للزوجة أن تطلب الطلاق لهذا السبب، لكن العيب في هذه القضية يلحق بوالدتها وأسرتها، التي لم تعلمها أي شيء عن أعمال المنزل، ولهذا فإن مثل هذه الزيجات لا تعمّر طويلاً، لأنها اعتادت على الراحة وعدم تحمل المسؤولية، وتعتبر «الديلفري» الطريق الأسهل والأكثر راحة، ولا يهم من سيدفع فاتورته التي قد لا يتحملها باستمرار دخل الزوج. وتشير الدكتورة آمنة إلى أنه يجب شرعاً على مثل هذه الزوجة، التي لا تجيد إعداد الطعام لزوجها وأولادها، أن تحاول استكمال النقص الذي ورثته عن أمها التي لم تعلمها شيئاً واكتفت بتدليلها والاعتماد في المأكل والمشرب على «الديلفري»، الذي لا يستسيغه كثير من الأزواج، الذين يحبون أن يأكلوا من أيدي زوجاتهم، ولا يلجأون إلى «الديلفري» الذي لا يجدون فيه مذاقاً مميزاً، هذا فضلاً عن تكاليفه المادية التي ترهق ميزانية الأسرة في ظل الغلاء الفاحش.

(2)
من جانبها تؤكد الدكتورة عفاف النجار، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية للبنات- جامعة الأزهر، أن الزوجة التي لا تجيد الطبخ لزوجها وأولادها تعاني عقدة نقص خطيرة، لأنها بذلك تتناقض مع الثقافة النسائية الشائعة بأن «أقرب طريق إلى قلب الزوج معدته»، فما بالنا بالرجل الشرقي الذي يفضل الطهو المنزلي ويكون اللجوء إلى «الديلفري» للضرورة القصوى! بل إن الزوجة تتفاخر أمام قريناتها من الزوجات بأنها موسوعة في الطبخ وإعداد كل المأكولات، وهذا يشعر الزوج بالراحة النفسية.؟..وتشير الدكتورة عفاف إلى أنه حتى في الأسر التي تعتمد على خادمات في المنزل لإعداد الطعام، يفضل الزوج ما تطبخه زوجته أما أن تعتمد مئة في المئة على «الديلفري»، فهذا وضع لا يطيقه الرجل الشرقي، ولهذا يجب عليها شرعاً طاعة زوجها وتعلّم إعداد الحد الأدنى من الوجبات التي يحبها، وهذا ليس انتقاصاً من شأنها حتى لو كان والدها من عليّة القوم، وعليها أن تتأمل قول رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): «إذا صلّت المرأة فرضها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها، قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت».

(3)
من جانبه، ينصح الدكتور محمد داود، أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة قناة السويس، الأزواج بأن يتقوا الله في النساء، حتى ولو كان فيهن اعوجاج أو نقص ما، مثل عدم إجادة الطبخ، وليكن صبرهم حسبةً لوجه الله وحباً برسوله (صلّى الله عليه وسلّم)، يقول للرجال: (اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله)، ويشير الدكتور داود إلى أن من حق الزوجة شرعاً طلب الطلاق بسبب «الديلفري»، إذا كانت قد اشترطت عليه ذلك ولم يوفِ به، لكن التعامل بين الزوجين يجب أن يكون بالفضل والإحسان، وليس على أساس المعاملة بالمثل، ولهذا قال النبي (صلّى الله عليه وسلّم): (كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، والأمير راع، والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته)، ويختتم الدكتور محمد داود حديثه، مؤكداً أن بعض الفقهاء طالبوا الزوج بتوفير معيشة لزوجته مماثلة للتي كانت عليها عند أهلها، وحتى لو كانت لديها خادمات، يجب أن نقارب بينهما، خاصة إذا لم يكن في استطاعة الزوج توفير ذلك، وطالما هي ارتضت الزواج به فعليها الصبر، حتى لو كان مستواه الاجتماعي أدنى ولها أجر الصبر، في الوقت نفسه يجب ألا يربط الزوج حاضر حياته الزوجية ومستقبلها بالأكل والشرب فقط، لأن معاني الزواج تفوق هذا بكثير.!

صحيفة السوداني

Exit mobile version