ينتهي سقفها الزمني اليوم وعود المركزي بحل أزمة السيولة.. فئات نقدية في المشهد

تنتهي اليوم الثلاثاء 15 يناير المهلة التي حددها بنك السودان المركزي لإعلان طرح الفئات النقدية الجديدة الـ(100) جنيه في مقابل طرح فئات أخرى(200 – 500) جنيه لوضع حد لأزمة السيولة التي تعاني منها البلاد منذ فبراير 2018م التي كانت إحدى الدوافع الرئيسة في اندلاع الاحتجاجات التي تنتظم البلاد منذ 19 ديسمبر، مطالبة بتوفير (النقود، والقوت والوقود).

إقرار وخطة علاجية:

محافظ بنك السودان المركزي د.محمد خيرالزبير أقر في وقت سابق بحدوث نقص كبير وندرة في الأوراق النقدية وأن السياسات الجديدة هدفت لمعالجة هذا الأمر الطارئ، لافتاً إلى إسهام التدهور السريع في سعر الصرف والتضخم في زيادة المشكلة والطلب على النقود، كاشفاً عن خطة محكمة للمركزي لعلاج المشكلة نهائياً بنهاية إبريل القادم عبر توفير أوراق نقدية كافية على حسب المعادلة المعروفة بالاستعانة بأوراق بفئات أكبر، مشيراً إلى موافقة الرئيس ورئيس الوزراء على طباعة فئات الـ( 100، 200، 500)جنيه، منوهاً إلى أنهم شرعوا في الأمر منذ أكتوبر الماضي بطباعة تلك الفئات بالخارج بتكلفة (200) مليون دولار وسيتسلمونها منتصف يناير الجاري(اليوم) ليتم طرح الأوراق من فئة الـ(100) جنيه أما الفئات الأخرى فستأتي تباعاً ـ على حد تعبيره ـ ، ووعد بحل مشكلة ندرة النقود نهائياً عند استلام الفئات الجديدة وإدخالها للبنوك.

اكتفاء نقدي:

الأمين العام السابق لاتحاد المصارف د.مجذوب جلي أكد في حديثه لـ(السوداني) أن خطوة طباعة الفئات الكبيرة جيدة، داعياً في الوقت ذاته لترشيد الصرف النقدي وتنفيذ قرار استبدال العملة من فئة الـ(50) جنيهاً قبل طرح الفئات الجديدة، مشدداً على ضرورة الاستمرار في طباعة العملة حتى تكتفي المصارف لمقابلة طلبات العملاء من داخل الفروع والصرافات الآلية لاستعادة ثقة المواطنين في الجهاز المصرفي.

هروب مضاد:

أستاذ الاقتصاد العام والسياسات الكلية جامعة النيلين بروفيسور حسن بشير يذهب في حديثه لـ(السوداني)أمس، إلى أن طباعة الفئات الجديدة (100 ـ 200 ـ500) جنيه وطرحها للتداول فرضته ظروف التضخم المتصاعد والمستمر لفترة طويلة مما أفقد الجنيه السوداني قيمته، مشيراً إلى أنها تصب في إطار الإصلاح النقدي لأوراق البنكنوت وتقلل من تكلفة الطباعة. مشيراً إلى أن الارتفاع الكبير في التضخم يفقد النقود وظيفتها كوسيط للتبادل التجاري ومخزن للقيمة، مما يحتم على الحكومة تعديل الفئات النقدية إما بحذف أصفار أو طباعة فئات بقيمة أعلى.

ولفت بشير لإسهام طباعة الفئات الكبيرة سلبياً من خلال هروب الكتلة النقدية من المصارف بسهولة وتخزينها في المنازل والخزن الحديدية، محذراً من أن يؤدي استمرار بنك السودان المركزي في إجراءاته بحجب السيولة في هروب هذه الفئات النقدية الجديدة كذلك خارج الجهاز المصرفي فور طرحها.
وكان محافظ البنك المركزي د.محمد خيرالزبير حدد نهاية ينايرالجاري موعداً لانفراج أزمة النقود بدخول الدفعة الأولى من الفئات الكبيرة التي تمت طباعتها داخل وخارج السودان، معلناً توفير كميات منها للإيفاء بالاحتياج ومواكبة الحركة الاقتصادية.

حلول ضعيفة:

فيما قلل المحلل النقدي محمد أبو شورة في حديثه لـ(السوداني)أمس، من أثر طرح هذه الفئات في حل أزمة السيولة، مشيراً إلى ارتفاع تكلفة الطباعة، لافتاً إلى اختفاء نافذة صراف الاستلام المختص بالتوريد النقدي من الجمهور، مشيراً إلى أن العمل المصرفي يبدأ بصراف الالتزام، مبيناً ارتفاع حجم الإيداع بالشيكات في المصارف رغم أزمة السيولة فحجم المقاصة والأرصدة بالبنوك معقول ولكن هنالك كمية من المعاملات لا بد أن تسدد بالنقد (الكاش).
ودفع أبو شورة بمقترح يتلخص في تحول المصارف لتمويل التجارة المحلية والعقارات والسيارات لبث تطمينات في أوساط جمهورالمتعاملين معها بسلامة موقفها المالي وعدم وجود مشكلات في التمويل لاجتذابهم نحو التعامل معاً مرة أخرى وعودة الثقة فيها.
وعزا د. جلي أسباب مشكلة السيولة لاستمرار البنك المركزي في شراء الذهب من الدهابة بالعملة من فئة الـ(50) جنيهاً التي طبعت حديثاً إغراءً لهم، مشيراً لاستغلال الدهابة لهذه الأموال في شراء العملات الحرة والعقارات والأراضي وعدم إيداعها في المصارف فضلاً عن الاتجار في العملة بالنقد وليس الشيكات وحفظهم لها في الخزن بالمنازل، وانخفاض موارد النقد الأجنبي التي أقعدت البنك المركزي عن الوفاء بمتطلبات طباعة العملة، وما حدث من عطل في مطبعة العملة نتيجة الضغط المتزايد وعدم تمكن المطبعة من توفير الاسبيرات في الوقت المناسب والذي فاقم من مشكلة السيولة.

آثار وظواهر

وتسبب تنفيذ بنك السودان المركزي لسياسة امتصاص السيولة من الأسواق لإيقاف المضاربات في أسعارالذهب والعملات الأجنبية وتدهور الجنيه السوداني في حدوث خفض حاد للجنيه مقابل الدولار لأكثر من (56) جنيهاً وتغيير اتجاهات مدخرات المودعين إلى خارج الجهاز المصرفي، بعد أن بدأوا في السحب التدريجي لودائعهم، خوفاً من عدم القدرة على استردادها في حالة احتياجهم إليها.

وأفرز تحجيم البنك المركزي للسيولة ظواهر سالبة في النشاط التجاري والاقتصادي السوداني بسيادة المعاملات الربوية والتعامل بسعرين بالنقد والشيك من خلال البيع بفرق سعر أعلى بالشيك وأقل في النقد(الكاش) (تحرير شيكات على الحساب للحصول على نقد بمبلغ أقل من قيمة الشيك لتصبح قيمة السلع بالنقد أقل من قيمتها بالشيك) وانتشار مكاتب خاصة بأسواق الخرطوم لتسيير وتيسير تلك المعاملات وتوفير الكاش للراغبين، وإحجام المحال التجارية عن استخدام نقاط البيع وتفضيل التعامل بالنقد لأن أسعار البضائع نقداً أقل من أسعارها بالشيك، كما أدى صعوبة الحصول على النقد لركود وشلل في الخدمات الزراعية والصناعية والمقاولات وزيادة الأعباء المعيشية على المواطنين.
ولم تف الحكومة برئاسة رئيس الوزراء معتز موسى بوعودها السابقة في حل أزمة السيولة رغم تحديدها سقفاً زمنياً محدداً لذلك بإشارتها منذ بدء مهامها لحل الأزمة في غضون (7 ـ 10)أسابيع، ثم عاودت تحديدها في المرة الثانية نهاية يناير الحالي،ومرة ثالثة مارس المقبل ثم أخيراً إبريل القادم 2019.
وشنّت الحكومة حرباً ضارية على المضاربين بالعملة، خلال الفترة الأخيرة، بهدف حماية أسواق العملات، منها صدور قرار لبنك السودان المركزي، في الأسبوع الماضي، بحجز أموال 89 عميلاً في المصارف السودانية، مع تجميد وإيقاف جميع معاملاتهم المصرفية بالعملات الأجنبية، فضلاً عن طلبه إفادة بالرصيد القائم بصورة دورية.

صحيفة السوداني.

Exit mobile version