محاولة اختطاف وطن

(1) نظرة فاحصة لقائمة قادة المتظاهرين يكشف خليطا غريبا، من أسماء وشخصيات وقوي وحركات ومنظمات ، في هيئتها وخطابها وافعالها تجافي وتجانب كل سائد في الدين والعرف والتقاليد، وكل راسخ من قيمة او خلق او مبادئ، ويختفي ذلك خلف غمامة كثيفة من الدعاية والفلاشات والأكاذيب وضجيج الحملات اللاهثة والاجندة الخفية والطموحات الزائفة والشعارات الكذوب ، فقد تم هندسة كل شيء باحكام ودقة، وبدأت حملة (النهش) في كل شيء وتفتيت كل شيء من بنية المجتمع ومؤسساته وقواه وشرائحه، حتى علاقة الامومة والابوة والأخوة، كل شيء يقود إلى شبح المجهول.

وكان خلط الأوراق متقنا، فالحزب الشيوعي يدعو للتظاهر في يوم الجمعة، ، وفي ميدان بحري عقد قران لمناضل ومناضلة بلا ولي، وسقوط الدين جزء من مفردات الخطاب، والرسالة الجديدة، ودعاة الإنسانية يضربون عن علاج الأطفال الخدج في مستشفى الأطفال، وبينما يتم دفع شباب يفع إلى واجهة الأحداث، فإن ٩٨% من حاضنة المعلومات، والأخبار والدعاية من خارج السودان، وبحث تقني بسيط في هاشتاق غرفة القيادة لهذه المجموعة ومن بين ٢٥ في المقدمة فإن ١٤ من دولة أجنبية و٩ من دولة عربية وواحد من السودان واخر من تركيا، و٦٩% من المتعاملين السودانيين يرددون إنتاج تلك المنصات
٢
ثم هذا الخلط السياسي، بين حزب عقائدي يساري وحركة عسكرية مسلحة، وتطلعات حزب صغير، بدأ بذات نهج الوراثة وتبادل الأدوار من أخ لاخيه، ومحاولة الإستفادة من مواقف غاضبين من الاسلاميين، وتجري محاولة لاستقطاب حزب آخر مع حالة الاحتقان الداخلي في ذلك الحزب، وتياراته داخلية ، كل ذلك يقوده (شبح)، لا قيادة واضحة ولا برنامج واضح ولا أفق فكرة مجرد روايات طائشة ، ماذا تعني هذه الإعلانات وتحديد المواقع وتحريك قطع الشطرنج من مكان لآخر ؟ ومن يتولى التمويل بسخاء؟ ماذا يعني تجمع المهنيين وإحياء ذات تجربة جبهة الهيئات ١٩٦٤م والتجمع النقابي ١٩٨٥م، وهل أعضاء نقابة في عام ١٩٨٩م ما زالوا فاعلين؟ انها محاولة اختطاف، لا تستهدف واقعا سياسيا، وإنما السودان كله بتاريخه وارثه وتجاربه.

٣
لم يكن الأمر خفيا من اول مشهد، ومن خلال الخطاب والتحرك الذي بدأ بالحرق والنهب وإعلاء سقف المواقف والمطالب مع نغمة اقصائية لكل شيء، وواضحة في نبراتها بإلغاء كل شيء، وتهيئة المسرح لتحول جديد، وحتي نمط خطاب الكراهية، من بين اقوالهم وتسجيلاتهم والكثير من الوهم، والمزايدة بأرواح عزيزة فقدت، وقد تشكلت لجنة للتحقيق ومعرفة التفاصيل وتبيان الحقائق، فكل قطرة دم خصم على الوطن ونسيجه الإجتماعي ومستقبله، وفاجعة لأسر وأهل واصدقاء.

وحتى الحقيقة والمصداقية، هل تذكرون الحديث عن إطلاق النار على النائب الأول لرئيس الجمهورية؟ هل تذكرون هروب والي القضارف؟ هل تذكرون حصار القصر ومنع الشيخ علي عثمان من السفر؟ هل سمعتم عن إجتماع القيادة العامة؟ وعن هروب القيادات والازدحام في المطار؟ وهل تذكرون إجتماع القيادة؟ أو تسجيلات تحرير دنقلا او طرد اهل توتي؟ كل ذلك تبتلعه حملة التزييف دون عباءة أخلاقية او قيمة حياء، وحتي تلك المرأة التي نشرت صورتها تضع علم السودان فوق قبر زوجها تم اختطاف صورتها؟.

ولكن الأكبر هو اختطاف مطالب مواطن عادي، نادي بتخفيف عبء المعيشة وتوفير الوقود والخبز والدواء والسيولة النقدية الي أجندة أخرى، وتدخل طرف آخر، وهو ما ينبغي أن نواجهه ونحاصره، ونهزم اجندته، لإن قوي كثيرة تريد أن تقودنا للمجهول، ولكن وعي شعبنا وامتنا سيهزم هذه الأجندة وتلك الاطراف..

د. إبراهيم الصديق على
صحيفة الرأي العام ١٣_١_٢٠١٩

Exit mobile version