حرب إقليمية قادمة

[JUSTIFY]
حرب إقليمية قادمة

الحرب الدائرة في جنوب السودان قد تشمل المنطقة كلها، إنها القارعة المُحتملة، إذ لن ينجو الجوار كله من شررها ما لم يسع جاداً وجاهداً لإيقافها، ولا يسمح لأطرافٍ قريبة أو بعيدة أن تزيد الطين بِلّةً. لكن يبدو أن تدارك هذا الأمر تأخر كثيراً حتى بات من الصعوبة السيطرة عليه، فما كان يجدر السماح للقوات الأوغندية بالتدخل على النحو الفاجع والجهير، وكأنها (داقا في الجنوب حجر دغش)، بينما الجوار الآخر ينظر إليها بطرف عين (غير محمرة).
المجمتع الدولي والاتحاد الأفريقي ظلا صامتين إزاء ذلك كما الجوار تماماً ولمّا استفحلت القوات الأوغندية واستشرت، واستطردت في عملياتها العسكرية وتهديداتها الخطابية، ابتدرت إثيوبيا بتنسيق خجول مع (السودان وكينيا) ودعم نرويجي مطالبة (القوات الأجنبية) تقرأ الأوغندية، بالانسحاب من جنوب السودان فوراً، وكان رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ماريم ديسالين قال للصحافيين: “بسبب هذا التدخل قد تتحول الحرب الأهلية بجنوب السودان إلى نزاع إقليمي، لأن هناك مصالح في الجنوب لأطراف أخرى وأضاف: آمل في وقف الأعمال العسكرية، يجب أن تنسحب القوات الأوغندية وكل القوات الخارجية الأخرى من جنوب السودان (مرحلة تلو مرحلة).
جنوب السودان الذي يشهد حرباً ضروساً بين القوات الموالية للرئيس سلفا كير، وقوات نائبه السابق رياك مشار، منذ 15 ديسمبر المنصرم، اختلطت الآن فيها الأجندات السياسية بالقبلية والإقليمية والدولية، أدت إلى تدخل الجيش الأوغندي بحجة أن الرئيس كير طلب منه ذلك لحماية البنى التحتية ومحيط القصر الرئاسي في العاصمة (جوبا)، لكنه (أي الجيش الأوغندي) تمدد إلى أعالي النيل وأدار معاركاً ضارية في بور وملكال وغيرهما ضد قوات مشار، في ذات الوقت الذي أُبتدرت فيه محادثات للسلام بين الطرفين المتنازعين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
هذه الحرب أفرزت ظروف إنسانية غاية في السوء والتعقيد، حيث قتل الآلاف وشُرِّد نحو مليون شخص، ولا تزال تتواصل الحرب في جنوب السودان، إذ أبدت منظمات غير الحكومية قلقها حيال أزمة إنسانية تتفاقم باضطراد وبدون توقف.
لذلك فإن دعوة إثيوبيا الواضحة لانسحاب (الأوغندية)، وتحذيرها من تزايد احتمال اندلاع حرب إقليمية واسعة النطاق حال رفضها الاستجابة، ينبغي أن تؤخذ على محمل الجد، لأن التدخل العسكري في (الجنوب) لن يكون نزهة، لأن هناك مصالح في الجنوب لأطراف أخرى، على حد تعبير (ديسالين)، وربما هذا الاحتمال هو ما استدعى وزير الخارجية النرويجية (بورج برند) أن يصرِّح لـ(رويترز) قائلاً: من المهم الآن للرئيس الأوغندي موسيفيني البدء في عملية تقليص ثم سحب قواته الموجودة في جوبا والمناطق المحيطة بها، وأن يناشد الرئيس السوداني (البشير) بالابتعاد عن أي شكل من أشكال التدخل.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version