من “الانتهازية السياسية، والوصف بالعمل غير الإخلاقي” إلى الاتهام بـ(استعداء للقوات المسلحة على الحوار ودعوتها للانقلاب)، هكذا عبّر المؤتمر الوطني على لسان رئيس القطاع السياسي عبد الرحمن الخضر أمس الأول عن رفضه لما ورد في وثيقة مجموعة رئيس حركة الإصلاح الآن د. غازي صلاح الدين، أما أحزاب الحوار فلم تعتبر قرار انسحاب الأحزاب الأخرى سوى قرار متسرع ينم عن “انتهازيةٍ سياسية”.
المذكرة التي أعلنت عنها مجموعة غازي بغرض رفعها للرئيس عمر البشير دعتهُ فيها لاتخاذ إجراءات استثنائية لمواجهة الوضع الحالي بينها تشكيل مجلس سيادة انتقالي يتولى أعمال السيادة، ممتدحةً خروج القوات المسلحة لحماية المنشآت العامة، داعيةً إلى أن يمتد ذلك لحماية التظاهرات السلمية المشروعة ممن لا يتورعون في إراقة الدماء وقتل الأبرياء من المواطنين.
رفض الانقلاب
بالمقابل اعتبر القيادي بحركة الإصلاح الآن حسن رزق في حديثه لـ(السوداني) أمس أن هذا الحديث غير صحيح وأنهم ضد الانقلابات ومطلبهم كان انحياز من القوات المسلحة للجماهير، لافتًا إلى أنها انحازت في ثورة أكتوبر وأدت لنجاحها، وانحازت في إبريل 1985 بقيادة الراحل المشير سوار الدهب دون أن يطلب منها أحد ذلك، وأضاف: نحن طالبنا بانحيازها ثم أن الانقلاب مرفوض عالميًا وإفريقيًا وحتى لو جاء انقلاب بمحض إرادته فلن يجد قبولاً من العالم الإفريقي والعالم ككل، مشيرًا إلى أنهُ تتم مقاطعة الدول التي تجري فيها الانقلابات، مشددًا على أن الانقلاب لا ينجح إلى جانب عدم سماحهم بحدوث انقلاب، موضحًا أن الانقلابات لا تتم الدعوة إليها علنًا في المنابر.
ويرى رزق أن القوات المسلحة جزء أصيل من الشعب السوداني لذلك تمت دعوتها لحماية المتظاهرين لافتًا إلى أن لديها إعداد قوي وأنهم طالبوا بأن تكون قوات محايدة ومهنية بعيدة عن السياسة وتنحاز لصالح الجماهير حماية لحقها فى التظاهر الذي كفلهُ الدستور.
مغامرة سياسية
الاتهام بالانتهازية السياسية كان هو الآخر جزءاً من حديث الشارع لهذه القوى متسائلاًً لماذا لم تنحاز لمطالب ومعاناة الشارع منذُ وقتٍ مبكر؟ ، فيما احتفى آخرون بهذه الخطوة، واعتبروها إضعافاً للزخم الذي وجده الحوار الوطني حد اعتباره نموذجاً تسعى العديد من الدول الاقتداء به.
إلا أن أحزاب الحوار والحزب الحاكم يعتبرها مغامرة سياسية، إذ أشار رئيس قطاع الإعلام بالمؤتمر الوطني د.إبراهيم الصديق في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أنهُ ليس اتهامًا من الوطني وإنما مجموعة أحزاب حكومة الوحدة الوطنية الممثلة للحوار الوطني لجهة أن موقف حركة الإصلاح الآن وبعض الأحزاب الأخرى يتسم بعدم المبدئية السياسية ورشد الممارسة بدلًا عن الحوار، معتبرًا أن هذا التصرف أقرب إلى المغامرة السياسية ويعبر عن افتقاد قيم الوفاء للعهد والشراكة السياسية، لافتًا إلى أنها مزايدة سياسية، لأن الخيار الشعبي يتم من خلال الانتخابات والتداول السلمي للسلطة، وأضاف: حزبنا وأحزاب الحكومة تؤكد ضرورة إجراء الانتخابات للاحتكام للشعب وخياره، وما نراه أن خيار الشعب هو الذي أفشل الكثير من المؤامرات والدسائس وانتصر للسودان و الأمن والإستقرار والعمل والإنتاج، وما خلى ذلك هو خطل في القراءة السياسية ومعرفة اتجاهات الرأي العام وتطلعات المواطن.
مأزق سياسي
من جانبه اعتبر القانوني معز حضرة في حديثه لـ(السوداني) أن البلاد أمام مأزق سياسي باعتراف الدولة، معتبرًا أن الإصلاح الآن حزب سياسي مسجل وفق القانون، وبصرف النظر عن الاختلاف معه فقد نادي بحكمة لمعالجة الأمر وإشراك كافة القوى السياسية بما فيها الجيش، معتبرًا أن ذلك سلوكا طبيعياً كونها مؤسسة ثابتة وداعمة للاستقرار.
ويرى معز أن القوات المسلحة مؤسسة قومية ولا غبار في الاستعانة بها لجهة أنها بقوميتها ستكون الضمانة لتحقيق الاستقرار السياسي، معتبرًا أن الجيش هو صمام الأمان، وأضاف: لا يوجد قانون يتم به تجريم ما طالبت به مجموعة غازي وإلا فسوف يكون ذلك التفافًاً حول القوانين وعليها.
مطالب الشعب
وفيما تمضي آراء للقول بأن ما اتجهت إليه مجموعة غازي هو أمرٌ طبيعي لأنها انحازت حتى ولو متأخرًا بحسب البعض، لمطالب الشعب في أزماته التي يعانيها، إلا أن أمين الإعلام بالمؤتمر الوطني إبراهيم الصديق أشار إلى أن البعد الشعبي تحدده الانتخابات وصناديق الاقتراع باعتبار أن ذلك الخيار الطبيعي، وأن كان البعض يظن أن تظاهرات محدودة تمثل الشعب فهذه قراءة خاطئة، لافتًا إلى أن أحداث التخريب معزولة شعبيًا وجماهيريًا، وأن أحزاب الحوار الوطني أعلنت أمس أنها رفعت توصية إلى الآلية التنسيقية العليا للحوار تدعو إلى فض الشراكة مع هذه المجموعات، وأعلنت تمسكها بالحوار الوطني والمضي قدماً في إنفاذ التوصيات وإجراء الانتخابات في ٢٠٢٠م.
جدل الانسحاب
لم تمض 48 ساعة على موقف مجموعة غازي أو تحرياً للدقة جبهة التغيير، إلا وأعلن رئيس حركة (الإصلاح الآن)، د.غازي صلاح الدين العتباني، إن حزبه لم ينسحب من الوثيقة الوطنية والحوار الوطني، وإنما انسحب من الجهاز التشريعي الذي يشارك فيه بشكل رمزي، داعياً المؤتمر الوطني للالتزام بتنفيذ مخرجات الحوار وبسط الحريات والاهتمام بمعاش الناس. وأكد غازي وفقاً لتقارير إعلامية في ندوة بعنوان “أحزاب الحوار بين الثابت والمتغير”، إن حزبه طالب سلفاً بضرورة الالتزام بالوثيقة القومية والاهتمام بمعاش الناس وبسط الحريات، مشيراً إلى أن
المظاهرات الأخيرة كانت سلمية.
من جهته رفض حزب المؤتمر الوطني، اتهامه بالتسبب في تدهور الأوضاع الاقتصادية بدعوى وجود صراعات بين أجنحة وتيارات في الحزب، ودعا القوى السياسية لتحمل مسؤوليتها في الأزمة وإيجاد الحلول والمعالجات لها. وأكد رئيس القطاع السياسي في الحزب عبد الرحمن الخضر في ذات الندوة إن مخرجات الحوار الوطني أجابت على كثير من الأسئلة الحائرة حول الهُوية وغيرها من القضايا بما فيها قضايا الاقتصاد، وأضاف أن الحديث عن أشخاص بعينهم لتحميلهم خللاً ما، أمر غير موفق، نافياً وجود خلافات داخل أروقة الحزب تعوق تنفيذ مخرجات الحوار، مشيراً إلى أن الحكومة السابقة بقيادة رئيس الوزراء السابق، بكري حسن صالح، مرت بتحديات كبيرة وحققت نجاحات كبيرة ولا يعني إخفاقها في التعامل مع بعض القضايا أنها فاشلة.
وشدد الخضر على ألا مجال للوصول إلى السلطة إلا عبر صناديق الانتخابات، مؤكداً تمسك الحزب بمبدأ التداول السلمي للسلطة وفق ما نصت عليه وثيقة ومخرجات الحوار الوطني.
صحيفة السوداني.