معانٍ في سطور
(1)حِكمة أؤمن بها منذ الصغر “لا تُظهر الشماتة لأخيك، فيعافيه الله ويبتليك”..
نفسي أبت أن تطاوعني وأنا أرى محمد علي الجزولي رئيس تيار الأمة الموحد، وهو يكيل الاتهامات “للنظام”، مطالباً برحيله بأعجل ما تيسر..
كنت في غاية السعادة وأنا أستمع لحديثه، فالحكومة تركت للرجل الأبواب والنوافذ مُشرعة، ليختار ما شاء؛ فأصبح داعية وإماماً وخطيباً يؤم المصلين يوم الجمعة، وسمحت له عبر تلفزيونها الرسمي عقد البرامج واللقاءات، ولم تعترض على الافتاءات والتحريمات، أو تنبهه على الاتهامات والسباب التي كان يكيلها لخصومه في أعظم الأيام.. يوم الجمعة..
كنت أضحك وأشمت وأقول “يستاهلو”..!
(2)
أيام الحوار الوطني، سمعنا بأحزاب لم نسمع بها من قبل، لا مقار أو مكاتب أو جماهير أو أعضاء، ضَخَّمها الحزب الحاكم، ومنحها وزناً حتى تلتحق بـ”الحوار الوطني”، فتبنى أي مجموعات منشقة، من الأحزاب والحركات الأصل، حتى يوسع “القاعدة الجماهيرية” وفق مفهومه..
قبل يومين تكرر المشهد بصورة مغايرة.. تحالف الجبهة الوطنية، باستثناء غازي صلاح الدين – الذي له مبادئ في خياراته – كانت تحاول اللحاق بركب الثورة وتسجل موقفاً يعيد لها شيئاً من بريقها المفقود، لكنهم في النهاية وبعد الاستماع إلى حديث ممثل تجمع المهنيين السودانيين محمد يوسف المصطفى على قناة العربية، فإنهم لم يطولوا بلح الشام أو عنب اليمن..!
محمد يوسف ألمح إلى أنهم جزء من النظام، وغير مرحب بهم.
تغير المواقف بتغير المواقع، بات يتم بلا استحياء، فذات المواقف مرت عليهم لكنهم عملوا “نعسانين”..!
الغريب والعجيب أن الحكومة التي قلَّلت منهم ومن تأثير خروجهم، باتت تتباهى في مؤتمر صحفي عقدته بمن هم أدنى تأثيراً منهم..!
(3)
مع سوء الأوضاع المعيشية وتدهور الحال الاقتصادي، وعجز مساعي الدولة في إيجاد حلول ليس في فك الضائقة فحسب، إنما في محاربة الفساد، والإيفاد بالوعود، وتوفير أساسيات الحياة، لكان محبِطاً إن لم يتحرك الشارع، فالسكون والرضا يعنيان استمرار الأخطاء ومزيد من المعاناة..
على الحكومة أن تفتخر أنها تحكم شعباً مثل هذا الشعب، لا يستكين أو يستسلم، لا يهاب الموت أو يخشى الدماء، ثار لوحده، دون إيعاز من الأحزاب الراديكالية التقليدية، واحتج دون مساندة خارجية، وتظاهر دون قيادة سياسية؛ شعب أظهر مدى تكاتفه، ومساعدة أي فرد منه للآخر، مواقف كثيرة يعلمها فقط من شارك أو شاهد أو رصد تلك الاحتجاجات..
إنها مشاهد ودروس وعِبر، من كان عاقلاً لاستفاد منها وحللها، ومن أراد غير ذلك خسر أشياء كثيرة..!
لينا يعقوب
السوداني