في خطوة وصفها الكثيرون بأنها “مفاجئة ” عقب الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ نحو أسبوعين طالبت ” الجبهة الوطنية للتغيير” – والتي تضم 22 حزباً – الرئيس عمر البشير بحل الحكومة والبرلمان وتكوين حكومة انتقالية من كفاءات، مؤكدين على أن يراعى في الحكومة “القادمة” التمثيل السياسي دون محاصصة. وتتكون “الجبهة الوطنية للتغيير” من 22 حزباً أبرزها الإصلاح الآن، وحزب الأمة بقيادة مبارك الفاضل، والاتحادي الديمقراطي المنشق برئاسة إشراقة سيد محمود، وتيار الأمة الموحد برئاسة محمد علي الجزولي، وتيار المستقبل برئاسة فرح عقار، فضلاً عن أحزاب أخرى.
انحياز للشعب
وأعلن رئيس”الجبهة الوطنية للتغيير” د. غازي صلاح الدين في مؤتمر صحفي أمس الأول، انسحابه عن الحكومة، وإنهاء مشاركة أعضاء حزبه بالمجالس التشريعية في الخرطوم والولايات، وذلك تضامنًا مع حراك الشارع السوداني والاحتجاجات التي انتظمت العاصمة والولايات مؤخراً، كما أكدت الأحزاب المكونة لـ”الجبهة الوطنية للتغيير” على موقفها الداعم للاحتجاجات الشعبية.
دعوة للآخرين
وأشار د. غازي صلاح الدين إلى أن المكتب السياسي لحركة “الإصلاح الآن ” قرر الانسحاب من الحكومة، مشيراً إلى أن الأحزاب السياسية متخلفة عن الشارع الذي توحد وخرج في تظاهرات – على حد قوله – مؤكداً أن هذا الأمر يتطلب منهم العمل لتجسير الهوة بين المواطن والأحزاب.
في السياق، وصف زعيم حزب الأمة مبارك الفاضل المذكرة بـ”الموضوعية” و”الهادئة”، مضيفاً بأن عليهم الآن الانتقال لوضع جديد، مشيراً إلى أن المذكرة مفتوحة أمام أحزاب المعارضة الأخرى حتى تتوحد للتوصل لحل لأزمات البلاد.
رأي “الوطني”
في المقابل، وصف حزب المؤتمر الوطني خطوة الأحزاب المنسحبة من الحكومة بأنه خروج على الإجماع الوطني، واعتبره مخالفًا للممارسة السياسية الأخلاقية، وقال رئيس قطاع الإعلام بالمؤتمر الوطني د. إبراهيم الصديق إن أغلب الأحزاب المنسحبة بلا وزن “سياس” أو “جماهيري”، وبعض رموز المجموعة المنسحبة تجيد المغامرة السياسية وتغيير المواقف مما يشير لافتقادها “المبدئية” في العمل السياسي.
صلاة “المسبوق ”
علق ناشط “تجمع المهنيين السودانيين ” – على صفحته بالفيسبوك – على انسحاب 22 حزبًا من الحكومة ومطالبتها بتنحي الرئيس بأن الأمر كصلاة “المسبوق”، مشيراً إلى أن المسبوق يمكنه أن يدرك حتى الركعة الأخيرة لذلك نقول لهم أن تأتي متخراً خير من ألا تأتي، مضيفاً بأن المسبوق يستحيل أن يصبح إماماً حتى لو اضطر الإمام لقطع الصلاة بسبب “الحدث الأصغر”، فإنه يقدم من الصف الأول ولا يقدم مسبوقاً، مضيفاً بأنه ليس هناك مسبوق يستطيع أن يدعي بأنه أذان في الناس أن حي على “الكفاح”.
رفض الخطوة
في حين رفضت قطاعات واسعة من “تجمع المهنيين السودانيين” خطوة انسحاب 22 حزباً من الحكومة بأن – هذه الأحزاب – هي في الأصل جزء من النظام وبأن خطوتهم هذه جاءت بعد “ثبوت قدم الاحتجاجات” وتأثيراتها على المشهد السياسي مؤكدين على أن هذه الأحزاب تريد “قطف الثمار”.
بدايات جديدة
من جهته، اعتبر المحلل السياسي والصحفي عبد الله آدم خاطر خطوة انسحاب 22 حزباً من الحكومة بمثابة بدايات جديدة لهذه الأحزاب خاصة، وأنها من أحزاب الحوار الوطني، مؤكداً بأن موقفهم هذا يؤكد على جديتهم عندما شاركوا في “الحوار الوطني”، وأنهم استثمروا لأجل الجمهور الذي أيد “الحوار الوطني”، مضيفاً أن موقفهم هذا يمثل “بدايات جديدة” لهم ولربما اكتسبوا قطاعات جماهيرية جديدة، وأشار خاطر إلى أن مطالبات – هذه الأحزاب – ليست مطالبات جديدة، مشيراً إلى مطالبة قطاع عريض من السودانيين بها، مردفاً أن مطالباتهم أصبحت جزءاً من أدبيات المرحلة الحالية. ولفت خاطر إلى أن القضية ليست قضية تغيير أشخاص بأشخاص آخرين وإنما القضية تحتاج إلى تحول حقيقي يراعي فيه حقوق المواطنة وحقوق الولايات حتى تستطيع أن تؤمن موقفها حتى ينهض السودان كوطن، مردفاً أن الأخيرة تكاد تكون المحك حتى لا يكون الهدف تغيير الأشخاص فقط دون النهوض بالبرامج.
للاستهلاك السياسي
وعما رأه الوطني كون المنسحبين لا وزن لهم وبهم بعض الوجوه غير” المبدئية”، قال خاطر، إن حديث الوطني هو حديث للاستهلاك السياسي فقط، وعن كون هناك بعض قطاعات من “تجمع المهنيين السودانيين” ترفض الأحزاب لكونها شاركت في النظام، أشار خاطر إلى أن حديث التجمع يدخل في باب “المزايدة السياسية” لأن الوطن “وطن الجميع” والفيصل بين المواطنين هو القضاء العادل دون أن تسعى مجموعة إلى أن تحاكم مجموعة أخرى بمحاكمات “سياسية “أو “إعلامية” لأن مثل هذه المحاكمات تصبح “محاكمات جزافية” لأن الجميع هم أبناء الوطن و”شركاء” فيه.
دفعة للمتظاهرين
لفت المحلل السياسي، د. آدم محمد أحمد إلى أن انسحاب 22 حزباً يؤكد على أنهم رأوا أنه لا مستقبل للحكومة الحالية في ظل الضغوط الاقتصادية والسياسية والاحتجاجات التي تواجهها، وأضاف أحمد في حديثه لـ”الصيحة ” أمس، بأن حزب غازي قد يكون شارك دون رضا قواعدهم، وبالتالي فانسحابه قد يكون بضغط من قواعد حركته، أما بشأن مبارك الفاضل، فقد أشار أحمد إلى أنه لا يعتد بمواقفه لتقلبها.
صحيفة الصيحة.