هل تعاد الثقة في البنوك ؟!

ضرب السودانيون أروع المثل إبان الحُكم المايوي، عندما طالب الرئيس الأسبق “القذافي” إعادة المال الذي منحه إلى حكومة الرئيس “جعفر نميري” لم يتوان الرئيس “نميري” وقتها، وطلب من الشعب أن يجود كل بما يملك، لإعادة مال الرئيس “القذافي”، وبالفعل كانت همة السودانيين عالية جدا فتبرع كل بما يملك حتى سدد كل المبلغ إلى الجارة ليبيا، وسُمى المال وقتها (بمال الكرامة)، فاليوم ورغم عدم وجود الشبه بين ذاك المال والمال الذي سحبه المواطنون من البنوك، حينما شعروا بان البنوك لم تف بوعدها وتمنحهم مالهم المودع لديها، احتفظ كل صاحب مال بماله في بيته أو في متجره، حتى خلق ذلك أزمة شديدة، أدت إلى خروج الجماهير إلى الشارع، بسبب هذا المال الممنوع أخذه من البنوك، وبسبب الغلاء والأزمة الاقتصادية الطاحنة، ونعلم أن الشعب السوداني صاحب مبادرات مهما اختلفت الحكومة والمعارضة، ففي النهاية هذا الوطن ملك للجميع، فالآن ظهرت مبادرة من تجار ليبيا ومن الحادبين على مصلحة الوطن، طالبوا فيها الكل بإعادة ما لديهم من مال إلى البنوك، وبالفعل وجدت المبادرة صدى طيبا، فأعاد تجار ليبيا ما يقارب الـ(500) مليار جنيه، وهذه خطوة وطنية منهم ومن الجهات التي دعت إلى هذه المبادرة، ونأمل أن تستمر حتى تعود القروش إلى البنوك من جديد وتتحرك للمصلحة العامة، فمثل هذه المبادرات جبل عليها أبناء السودان المخلصين، الذين لا يهمهم إلا هذا الوطن أن ينعم أهله بالأمن والسلام والاستقرار، بعيداً عن المصالح الشخصية أو الارتماء في أحضان العمالة التي لا يهمها إلا أن ترى السودان محطماً كما حدث لكثير من الدول العربية، التي كانت تعيش أمناً وسلاماً واستقراراً، والآن أصبح أهلها في الخيام لاجئين يستجدون لقمة عيشهم منحوهم أو منعوهم، ولكن شعب السودان واحد من شعوب العالم الذي دائما يضرب المثل الأعلى في التضحية والفداء، وعلى الرغم من خروج الجماهير تهتف سلمية وتطالب بحقوقها ولكنها في نفس الوقت لم تنس الوطن، بل ظلت تهتف باسمه وتحمل علمه على الأعناق، إن الحكومة ينبغي أن تكون قد وعت تماماً للذي جرى، فلابد من معالجة الأمر بسرعة حقنا للدماء وتفويت الفرصة على المتربصين بأهله، أما المعارضة أن كانت تريد أن تقتلع النظام فهذه الطريقة لن تنجح فعليها أن تنتظر ما تبقى من هذا العام، وأن توحد صفوفها لخوض الانتخابات القادمة وهي متحدة، لأن المظاهرات التي خرجت في أغلب مدن وولايات البلاد أعطت الحكومة درساً بأن الشارع الذي انتفض محايدا ولا تحركه أي جهة .. ولذلك عليها أن تعمل من أجله، والعمل على تحقيق مصالحه.. خاصة المعيشية.. وإلا إذا استمر الوضع بهذه الطريقة وعدم الالتفات إليه فإن الانتخابات القادمة ستكون مختلفة تماما عن سابقاتها، لذا فإن المبادرة المطروحة الآن لإعادة الأموال إلى البنوك مبادرة طيبة وتشبه أهل السودان الأوفياء، لأن المتضررين من المواطنين كثر ولا ذنب لهم بالذي يجري الآن أن كانت هناك صراعات بين الحكومة ومعارضيها أو منسوبيها، فالمواطن يريد ماله ليعيش به فلا دخل له بالسياسة ولا أهلها، فعلى أصحاب المبادرة أن يستمروا فيها وأن يجمعوا الآخرين حتى تعود الثقة إلى البنوك وتعود المياه إلى مجاريها وتتوفر الأموال بالبنوك كما كانت.

صلاح حبيب – لنا رأي
صحيفة المجهر السياسي

Exit mobile version