الخرطوم اختتمت يومها الأخير في التعامل النقدي داخل مؤسسات الدولة بعد فترة سماح امتدت منذ منتصف العام الجاري. (السوداني) سعت لمعرفة موقف ترتيبات المؤسسات الحكومية ومدى استعداداتها للعمل بالدفع الإلكتروني.
تقييم الخطوة
خطوة الخرطوم بإنهاء التعامل النقدي في المؤسسات الحكومية لصالح الدفع الإلكتروني وجدت إجماعا من الخبراء والمختصين، بحسب تقارير إعلامية، واعتبروه نظاما لسداد المدفوعات وتسهيل لعملية الدفع عبر جميع القنوات المصرفية حتى يستطيع المواطنين تسديد مدفوعاتهم عبر جميع القنوات الإلكترونية مثل البنوك والصرافات الآلية والإنترنت المصرفي.
الكثير من الخبراء يذهبون إلى أن الدفع الإلكتروني يوفر رقابة على المال العام، ويضبط تسيير عملية سداد وتحصيل الأموال العامة.
وعلى الرغم من الإجماع الذي حظيت به الخطوة لجهة اتساقه مع المعمول به عالميا، إلا أن اصحاب المهن البسيطة والفئات التي لا تتمتع بالقدر الكافي من الثقافة التكنولوجية في أطراف المدن والولايات تحفظت عليها، واعتبروا أن أزمة السيولة مفتعلة لدفع الجمهور في اتجاه تبني الدفع الإلكتروني.
ماذا قال المعنيون بالأمر؟
ديوان الحسابات القومي يعد الطرف الحكومي المسؤول على وضع أسس الخطوة ومتابعة إنفاذها بالتنسيق المباشر مع وزارة المالية. وأكد نائب مدير ديوان الحسابات القومي مرتضى صالح، في حديثه لـ(السوداني) أمس، اكتمال الترتيبات الخاصة بالدفع الإلكتروني من ناحية البنيات التحتية ومنصات الدفع من خلال بنك السودان وشركة الخدمات المصرفية والبنوك التجارية التي توفر المحافظ الإلكترونية التي تُستخدم في سداد الدفع الإلكتروني، فضلا عن تعريف المواطن بأهمية الدفع الإلكتروني خاصة في ظروف انخفاض النقد بالبنوك وشح السيولة، وأضاف: اليوم يعتبر آخر يوم للوحدات الحكومية التي تتحصل خدمات حكومية بالتحصيل النقدي إلى الدفع الإلكتروني، مؤكداً الاتجاه إلى الولايات بالتزامن والتنسيق مع ومن ديوان الحكم الاتحادي، مشيراً إلى زيادة وسائل التدريب والتأهيل بالنسبة للموظفين، بجانب تنوير المواطنين من خلال وسائل الإعلام المُختلفة في كيفية استخدام وسائل الدفع المختلفة، كاشفاً عن انطلاق حملة إعلامية واسعة بالتنوير عن أهمية الدفع الإلكتروني وكيفية استغلاله والاستفادة منه في معالجة الأزمات الاقتصادية.
أبرز الوزارات ممثلة في الخارجية أعلنت عن بدء التطبيق بالدفع الإلكتروني منذ التدشين الذي تم بوزارة الخارجية، مؤكدين أن الدفع الإلكتروني الآن متاح للحصول على خدمات الوزارة وإجراءاتها. في وقت أعلنت فيه وزارة الزراعة والغابات عن تطبيق الدفع الإلكتروني منذ انطلاقه وعدم وجود أي مشكلة تواجه الدفع الإلكتروني.
مشكلات وتحديات
نائب رئيس اتحاد المقاولين عبد المنعم الطاهر، أشار في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أن المشكلة الرئيسية التي تواجه الدفع الإلكتروني هي مشكلة العمالة لجهة أنها تحتاج إلى الـ(كاش) فضلا عن المواد المحلية كـ(الرملة والخرسانة والطوب الأحمر)، بجانب الترحيل وإيجار معدات البناء، وكل ذلك يحتاج إلى التعامل معها يتم نقدا وبالكاش وليس بالآجل، وأضاف: بالنسبة لمواد البناء الأخرى لا تواجهه أي مشكلة لجهة أن المقاول يستطيع الدفع إلكترونيا، لافتاً إلى وجود سعرين وهو فرق السعر بين التعامل النقدي والتعامل بالشيك، مؤكدا أنه في حال أن يكون الدفع الإلكتروني يجب إلزام كل المؤسسات في هذه الحالة تلتزم الشخص دون دفع فرق سعر.
عبد المنعم أكد أنهم في اتحاد المقاولين، قدموا مقترحا بأن يكون جزءا من العقد المبرم بين المقاول والجهة المتعامل معها مكونا من جزءين، الأول نقدي والثاني بالدفع الإلكتروني، وذلك لتسهيل عمليات شراء مواد البناء المحلية وتسهيل عمليات الترحيل وعطاء العمالة مستحقاتها المالية.
وجهة نظر أخرى
الخبير الاقتصادي بروفيسور عثمان البدري قطع في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن مسألة التعامل بالـ(كاش) متخلفة جدا، مؤكداً وجود البنيات التحتية منذ زمن طويل، مشيراً إلى وجود عدد 30 مليون شريحة جوال.
ونوه البدري إلى أن الجوالات الآن تعد حواسيب وليست تلفونات للاتصال وبها كل الحوسبة، وأضاف أن هذا القرار يحتاج إلى شجاعة من الحكومة ومن المواطنين والمؤسسات، وإذا تم وضع الاستثناءات ستتسع حتى تصبح هي الأصل، لافتاً إلى أن التعامل بين المواطنين نقداً ليس مجرّماً، ولكن لضرورة تطبيق الشمول المالي والشمول الضريبي، داعياً إلى حوسبة كل العمليات التي يتم فيها التعامل سواء في مجال الخدمات أو مجال السلع، مستبعدا أن تكون هناك مشكلة فعلية بينما المطلوب هو الإرادة والإدارة.
الخرطوم: رحاب فريني
صحيفة السوداني.