يصل الإنسان، عندما يبلغ سنا متقدمة، إلى ما يطلق عليه بعض الخبراء مسمى “هضبة الشيخوخة”، حيث يمضي الإنسان في رحلة عمره إلى أن تبطئ شيخوخته من خطواته.
تلقى هذه الفكرة القبول على نطاق واسع، أو على الأقل كانت هي الفكرة السائدة والأكثر تداولا حتى ظهور دراسة جديدة، نشر نتائجها موقع “Live Science”، والتي تشير إلى أن هذه الفكرة تكونت بسبب خطأ إحصائي.
وتوضح الدراسة الجديدة أن المفهوم السائد لنظرية “هضبة الشيخوخة” يعتمد على أن الإنسان يستمر في قضاء المزيد من السنوات، لكن يحدث تباطؤ لمعدل ظهور علامات العمر التقدم في العمر عليه.
بل إن العلماء قاموا بدراسة احتمالات الوفاة الطبيعية خلال كل سنة من سنوات عمر الإنسان، حيث إنه من المتعارف عليه أنه عندما يصل شخص ما إلى سن الـ90، يبدو أنه أكثر عرضة للوفاة في هذا العمر عما كان عليه في سن الـ75.
ولكن احتمالات وفاة الشخص عندما يبلغ سن 105، على افتراض وصوله إلى 105 أعوام، لا تكون أعلى بكثير مما كانت عليه عندما بلغ التسعينات.
خطأ إحصائي
وتشير الورقة البحثية الجديدة، التي نُشرت في دورية PLOS Biology، إلى أن هذا المفهوم الكامل لـ”هضبة الشيخوخة” خاطئ، وأنه جاء نتيجة خطأ إحصائي متكرر، حيث توصل الباحث سول جوستين نيومان إلى كشف سلسلة من الأخطاء في طريقة جمع وتفسير بيانات الشيخوخة، والتي يمكن أن تكشف أن معظم، وإن لم يكن كل، أدلة نظرية “هضبة الشيخوخة” في البشر خاطئة.
ويقول نيومان: إن معظم الباحثين الذين يدرسون الشيخوخة يقبلون نظرية الهضبة كحقيقة واقعة، على الرغم من عدم وجود تفسير بيولوجي واحد متفق عليه لسبب حدوثها.
ويشرح أن المشكلة تكمن في أن الدليل على صحة نظرية الهضبة، يستند إلى افتراض أن الأعمار يتم الإبلاغ عنها بشكل صحيح لقواعد البيانات، التي يستخدمها الباحثون.
ولكن ما يؤكده نيومان هو أن بعض تلك الأعمار ربما تم إدخالها بشكل غير صحيح إلى قواعد البيانات.
ويعني ذلك كله أن هناك احتمالا كبيرا أن الشخص الكبير العادي يمكن أن يتم تسجيله على أنه توفي في سن أكبر مما كان عليه في الواقع، وليس أصغر منه في الواقع.
ووجد نيومان أن مجرد وجود عدد قليل من الأعمار المسجلة في قاعدة البيانات بطريق الخطأ، في حالات الوفاة، ربما يؤدي إلى خلل وانحراف للنتائج، وهو ما يمثل نسبة كبيرة من الخطأ في المجمل.
نيومان يتحدى
وفي بحث منفصل، نُشر أيضا في دورية PLOS Biology، يتحدى نيومان نتائج بحث سبق نشره في يونيو الماضي في مجلة Science. ويقول نيومان استقت تلك الورقة البحثية معلوماتها من قاعدة بيانات حول حياة الإيطاليين، وأظهرت في نتائجها، ما قد يبدو أنه دليل على وجود “هضبة” معدل الوفيات.
ونجح نيومان في إثبات أن معدل خطأ 1 في كل 500 من الأعمار، المبلغة بطريق الخطأ بما يؤثر بشكل خطير على صحة النتائج التي توصلت إليها تلك الورقة البحثية، التي شارك في إعدادها كينيث واشتر، الباحث الديموغرافي بجامعة كاليفورنيا في بيركلي.
لا دليل مباشراً
وعقب واشتر على تلك الانتقادات قائلا: “يقدم نيومان سيناريو افتراضيا ويتصور أن شكلاً معينًا من الأشكال المبكرة من العمر يمكن أن يعطي علامات ومظاهر مرحلة هضبة الشيخوخة”، مشيرًا إلى أن نيومان لم يعثر على أي دليل مباشر على تلك الأخطاء في قواعد البيانات.
وكتب واشتر في تعقيبه ردا على ما نشره نيومان، قائلا إن “مثل هذه الحسابات تكشف أن أبحاث نيومان تنطوي على معدلات كبيرة بشكل غير معقول من البلاغات الخاطئة عن أعمار كبار السن والمعمرين”.
وأضاف أنه لا يوجد دليل على أن هذا النوع من الأخطاء موجود بالفعل في قواعد البيانات الإيطالية.
حدود قصوى لعمر الإنسان
يستنتج نيومان في ختام أوراقه البحثية أن “عمر الإنسان لديه حدود قصوى”، وأضاف نيومان قائلا: إن “الشيخوخة لا تتوقف” في مرحلة الشيخوخة. وأن الأجهزة البيولوجية تزداد سوءا بلا هوادة، بدءا من سن البلوغ وحتى الموت”.
وبحسب سارة هاغ، الخبيرة في علم الأوبئة الجزيئية المتخصصة في مرحلة الشيخوخة في معهد كارولينسكا في السويد، لا يوجد فهم أو تعريف دقيق للشيخوخة على المستوى البيولوجي. وتقول بروفيسور هاغ إن هذا يجعل من المزاعم بوجود “هضبة شيخوخة” أمرًا يصعب تفسيره، ولكن من الصعب أيضًا رفضه تمامًا.
وصرحت بروفيسور هاغ لـLive Science” شارحة: إنه عندما ننظر إلى المسارات باستخدام الساعة اللاوراثية، وهو قياس للعمر البيولوجي يعتمد على التحليل الكيميائي، نرى بالفعل تأثير تباطؤ في الأعمار الكبيرة. وبعبارة أخرى، فإن أجساد الشعوب القديمة جدا تظهر بعض الأدلة على تباطؤ الشيخوخة. لكن لا ينسب الباحثون هذا التأثير إلى ما يسمى “الهضبة”.
العربية نت