الرجوع لسعر الدولار الجمركي السابق فضيلة

(1) في ميزانية العام الحالي 2018، تم رفع سعر الدولار الجمركي من 6.9 إلى 18 جنيهاً للدولار الواحد.
بعد ان حدث هذا الامر وبعد كل هذه الفترة دعونا نسأل ماذا استفاد السودان من ذلك القرار، هل كان هناك انتعاش اقتصادي في البلاد؟.
لا شيء غير الحطام والغلاء الفاحش.

الواضح والظاهر ان الاوضاع تدهورت وتراجعت بشكل رهيب وارتفع سعر الدولار في السوق وحدث شح وانعدام في السيولة، وفكرت السلطة بصورة جادة في رفع الدعم عن الكثير من السلع بعد سلسلة طويلة من مسلسل رفع الدعم عن الخبز والمحروقات والادوية وغير ذلك.
ما وصلنا له وما حدث من تراجع اقتصادي كبير، جعل للسلعة سعرين سعر بالكاش وسعر بالشيك سببه الرئيس رفع سعر الدولار الجمركي الى ما يقارب ثلاث اضعاف سعره الاول.

الآن الحكومة تدرس تخفيض سعر الدولار الجمركي كما جاء في هذه الصحيفة امس اذ طالب البرلماني بدرالدين محمود وزير المالية الاسبق بخفض سعر الدولار الجمركي واعادته لـ ( 6) جنيهات بعد ان اعلن رئيس الوزراء معتز موسى دراستهم لتخفيض سعر الدولار الجمركي.
الحكومة في حاجة الى ان تتراجع عن الكثير من القرارات الاقتصادية السابقة والتى اودت بنا الى تلك المهالك.

(2)
الازمات الاقتصادية التى تمر بها البلاد ، لو رجعنا لاصلها سوف نجدها تتمثل في امرين لا ثالث لهما.
كل الازمات التى حدثت في (الخبز) وفي (المحروقات) كانت بسبب قرارات اقتصادية غير مدروسة قضت برفع الدعم او تقليل الحصة من الدقيق او المحروقات لمنافذ الاستهلاك من مخابز وطلمبات.

الحكومة جربت رفع الدعم كثيراً، ونفذته اكثر من مرة وانعكس ذلك على الشارع السوداني وعلى الشعب وافرز مثل هذه الصفوف الممتدة والاحتجاجات المتفرقة في عدد من المدن، ولم تكن هناك أي جدوى من قرار اصدرته الحكومة وتمثل في رفع الدعم.
رفع الدعم عن المحروقات والدقيق الذي كاد ان يطبق في الفترة الاخيرة، كان قراراً غير مدروس اذ كيف يرفع الدعم من هذه السلع، وهناك شح في السيولة وانعدام لها.

في مثل هذه الاوضاع الصعبة كان يفترض ان تقدم الحكومة بعض السلع التموينية للشعب مجاناً، كما تقدم للمنكوبين من السيول والامطار والكوارث الطبيعية الاخرى.
الآن الحكومة اعلنت عن تراجعها عن رفع الدعم، بل اكدت عن اصلاحات من اجل العيش الكريم ، وهذا ما يجعلنا نقول لماذا فكرت الحكومة من الاصل في رفع الدعم والبلاد تمر بهذا المنحنى الخطير.
من يفكر للحكومة ومن يخطط لها ، وهو يشير اليها بتلك القرارات الكارثية ، والتى ظهرت اثارها على الواقع الآن.
والتي تدرس الحكومة الآن التراجع عنها.

(3)
عندما ترفع الحكومة الدعم عن (الخبز) فان ذلك ينعكس سريعاً على وجبات طلاب المدارس ويلقي ظلال ذلك على (رب الاسرة) الذي لا تتوافق ميزانيته او مرتبه مع تلك الزيادات ، ليدخل من بعد في حسبة مستحيلة.
توفر (الرغيف) واستقرار سعره ، ينعكس على جوانب اخرى ، الامر ليس متعلقاً فقط بـ (الرغيف) ، اثار رفع الدعم عن الخبز ، يمتد الى نواحي مختلفة.
ومثلما يرتد ذلك على جوانب اخرى فان رفع الدعم عن المحروقات ينعكس على الزراعة والصناعة والانتاج وهلم جرا.
الزيادات التى تحدث في اسعار الخبز والمحروقات ترفع تلقائياً سعر البصل والخضروات والزيت والصابون والشاي والسكر ..الخ …هي زيادات مركبة ترفع كل السلع الاستهلاكية الاخرى (العدس والفول).

الدعم الذي تقدمه الحكومة للخبز والمحروقات هو دعم لا ينطوي فقط تحت هذه السلع في محدوديتها ، هو دعم يشمل الزراعة والصناعة والصحة والتعليم والثقافة والمسرح والرياضة.
بل هو دعم ينعكس حتى على استقرار البلد ، فكيف تبخل الحكومة على نفسها بذلك الاستقرار.
الحكومة بدعمها للخبز والمحروقات تدعم نفسها اولاً واستقرارها ، قبل ان تدعم بذلك الشعب.

محمد عبدالماجد
الانتباهة

Exit mobile version