موازنة 2019م في البرلمان.. وزير المالية يترافع

صدفة ربما تلك التي جعلت موازنة العام 2019م تُعرض على البرلمان بالتزامن مع ذكرى الاستقلال من البرلمان في 19 ديسمبر. لكن الصدفة بددتها ترتيبات أحاطت بالجلسة الافتتاحية التي بدأت بفيلم وثائقي لنصف ساعة عن الاستقلال وأناشيد وطنية، لتختتم الاحتفائية بنشيد العلم. ووسط معنويات مرتفعة وتكبيرات مقرونة بالحمد (الله أكبر ولله الحمد) ليعتلي رئيس الوزراء ووزير المالية معتز موسى المنصة ليتلو موازنة العام المقبل في تمام الثانية عشرة تاليا خطاب موازنته في ساعة إلا ثلث، بعدما قدمه رئيس البرلمان إبراهيم أحمد عمر، بقوله: عقب الجرعة المعنوية العالية نأمل في وطن ناعم مع الأخ معتز موسى.

مشاهدات من شرفة البرلمان
معتز موسى جاء إلى البرلمان هذه المرة متأبطا أرقامه معتمرا قبعة وزير المالية مرتدياً (فل سوت) باللون (الكحلي) مع قميصه الأبيض وربطة عنق كحلية يخططها اللون الأبيض.
الجلسة ازدحمت بحضور معظم الجهاز التنفيذي، في وقت غابت فيه نائبة رئيس البرلمان بدرية سليمان.. معتز اختار الجلوس بين أركان حربه كرئيس وزراء ووزير مالية، فكان يمينه أحمد سعد عمر ومصطفى حولي، بينما على يساره مشاعر الدولب واضعة علم السودان على كتفيها.
نائبات البرلمان ربما سقطت ذكرى الاستقلال من ذاكرتهن سهواً، بيد أن بعضهن أسعدن القلوب بارتداء (توب) أبيض ناصع خيطت أطرافه بعلم السودان التاريخي في بواكير الاستقلال ذي الألوان الثلاثة.
المفارقة كانت في وجود رئيس الوزراء ووزير المالية داخل البرلمان، بينما يقف موظفو المجلس الوطني صفاً أمام الصراف الآلي الداخلي للمجلس، يبحثون عن الجنيهات أو (الضحاكات) كما يقول العوام.

موازنة معتز.. مؤشرات عامة
رئيس الوزراء وزير المالية معتز موسى كشف عن رفع نسبة الصرف على التعليم في الموازنة إلى (9%)، فيما انخفضت موازنة الدفاع والأمن القومي إلى (13%)، مشيرا إلى نسبة الصرف على الصحة في الموازنة الجديدة (6%)، والنظام العام وشؤون السلامة (5%)، والخدمات العامة (35%)، والشؤون الاقتصادية (10%) وحماية البيئة (1%) والإسكان ومرافق المجتمع (5%)، والشباب والثقافة والشؤون الدينية (1%)، والحماية الاجتماعية (12%)، وبنود منوعة (6%).
وقطع رئيس الوزراء وزير المالية بعدم إضافة أي أعباء ضريبية أو جمركية على المواطن في الموازنة، معلنا عن زيادة الضريبة على التبغ والسجائر من (30% إلى 40%)، وأضاف: الموازنة اعتنت بزيادة الإيرادات عبر إلغاء الإعفاءات والامتيازات في الضرائب والجمارك والاستثمار بهدف زيادة كفاءة الضرائب والجمارك.

ما هي أهداف الموازنة؟
وزير المالية معتز موسى، أكد أن موازنة العام 2019م تهدف لتحقيق أربعة أهداف استراتيجية للدولة تتمثل في الإصلاح الاقتصادي بخفض التضخم واستقرار سعر الصرف لتحقيق معدل النمو الاقتصادي وتحقيق توازن في الميزانية العامة للدولة وميزان المدفوعات، بجانب تحسين معاش الناس وخفض معدلات الفقر وسيادة حكم القانون ومكافحة الفساد وإصلاح الخدمة المدنية، موضحاً أن هدف الموازنة الاعتماد على الذات والموارد الوطنية، وزيادة رسوم عبور نفط الجنوب، ومحاربة الفساد وسد الذرائع عبر تمكين المراجعة الداخلية والمراجع العام.
وأعلن معتز عن عدم فرض أي ضرائب أو رسوم جديدة أو أي تعديل في أسعار الضرائب القائمة، ما عدا تعديل ضريبة القيمة المضافة على السجائر والتبغ إلى (40%) وتعديل ضريبة الدخل الشخصي على الاتصالات إلى (7%).
وقال معتز إن الأولوية في السياسات النقدية هي توفير السيولة الكافية للمصارف التجارية بأعجل ما تيسر لاستعادة ثقة العملاء في إيداع أموالهم للمصارف والحصول عليها بسهولة ويسر كالمعتاد، وأضاف: اتخاذ التدابير اللازمة في البنك المركزي لضمان التأكيد على الخطوات الضرورية المرتبطة بإصدار العملة وكمقرض أخير للمصارف التجارية، متوقعاً زيادة حجم الصادرات بنسبة 30% وأن يبقى حجم الواردات كما هو عليه بنهاية هذا العام.
وأكد معتز استمرار دعم القطاع السكني في الإمداد الكهربائي وإدارة معدلات الاستهلاك الحالية ودعم قطاع الخدمات العامة. وقال موسى إن التحديات التي تواجه الموازنة هي الإحاطة بموارد الدولة من مصادر النقد الأجنبي لتحقيق سعر صرف مستقر وكيفية إدارة وضبط الإنفاق العام.

أبرز ما حملته الموازنة.. المشروع التفصيلي
وزارة المالية قالت إن مشروع موازنة العام 2019م، بلغت إيراداتها تصل لـ (192.8) مليار جنيه، منها إيرادات عامة بقيمة (153.4) مليار جنيه.
وتوقعت المالية أن يبلغ إجمالي الإنفاق العام (162.5) مليار جنيه، منها (194.8) مصروفات جارية واقتناء أصول غير مالية بقيمة (21.7) مليار جنيه، فيما بلغ عجزها (53.7) مليار جنيه.
وتعتزم الحكومة بحسب مشروع الموازنة الذي تحصلت عليه (السوداني)، الاستدانة والاقتراض من بنك السودان المركزي مبلغ (48.8) مليار جنيه لتغطية جزء من العجز. وأعلنت عن رفع الضرائب من (75.067) مليون جنيه في العام الجاري، إلى (101.397) مليون جنيه في العام المقبل، متوقعة الحصول على إيرادات أخرى تصل لـ(52.2) مليار جنيه إضافة لـ(13) مليار جنيه عبارة عن رسوم عبور نفط الجنوب والشركاء، فضلاً عن (1.136.2) مليون دولار منح وقروض أجنبية.
وبلغت تعويضات العاملين وفقا للتفاصيل (194.7) مليار جنيه، وشراء سلع وخدمات بمبلغ (21.1) مليار جنيه. وأعلنت المالية عن زيادة دعمها للسلع الاستراتيجية لـ(51.075) مليون جنيه مقارنة بـ (25.389) للعام المنصرم، فيما وصلت تحويلات الولايات لـ(45.597) مليون جنيه.

تفاصيل سيادية.. ومؤسسات نظامية
المالية كشفت عن أن إجمالي نفقات رئاسة الجمهورية يبلغ (814.6) مليون جنيه، إضافة إلى (379) مليون جنيه للتطوير الإداري و(351) مليون جنيه للتأمين الرئاسي، فيما تصل نفقات البرلمان لـ (648) مليون جنيه إضافة لـ (275) مليون جنيه لاستكمال المرحلة الأولى من تأهيل مبناه، ونفقات مجلس الولايات (373) مليون جنيه، ونفقات ديوان المراجعة القومي (580) مليون جنيه، ونفقات وزارة الخارجية (760) مليون جنيه بجانب (996) مليون جنيه للبعثات الدبلومسية.
وأكد الموازنة أن الصرف على وزارة الدفاع يصل لمبلغ (14) مليار جنيه ومبلغ مثله لإدارة وتنمية الموارد البرية، إضافة لـ (8) مليارات جنيه لقوات الدعم السريع ومبلغ مثله لحماية الوطن.
فيما أوردت أن الصرف على جهاز الأمن يبلغ (10) مليارات جنيه ومبلغ مثله لبرنامج إعادة الهيكلة وبناء القدرات لرفع قدرات الجهاز. وحظيت وزارة الداخلية بمبلغ (7) مليارات جنيه ومبلغ مثله لبسط هيبة الدولة؛ فيما بلغت نفقات الهيئة القضائية (3) مليارات جنيه ومبلغ مثله لتحقيق العدالة، ونفقات وزارة الكهرباء والري (5) مليارات جنيه، ونفقات وزارة الصحة تبلغ مليارَي جنيه و(5) مليارات جنيه للتعليم.

توقعات معتز.. العجز يحاصر التحسن
معتز توقع أن تبلغ الإيرادات العامة للعام 2019م مبلغ (162,8) مليار جنيه بنسبة زيادة (39%) وأن تساهم الضرائب بنسبة (63%) من إجمالي الإيرادات، وأن يبلغ الإنفاق حوالي (216.5) مليار جنيه بزيادة (34%) متأثراً بزيادة الإنفاق على العاملين، منوها إلى الاستمرار في دعم السلع الاستراتيجية والمنافع الاجتماعية.
عجز الموازنة الحكومية توقع معتز أن يشهد انخفاضا إلى (3.3%) من الناتج المحلي، موضحاً أن البنك المركزي يستهدف خفض معدل نمو عرض النقود إلى (36%)، وأن يبلغ متوسط معدل التضخم بنهاية العام (27.1%). بيد أن أبرز توقعات رئيس الوزراء أن يتحسن عجز الميزان التجاري ليصل إلى (2.5) مليار دولار، متوقعا أن يبلغ حجم الصادارت (4.3) مليار دولار للعام 2019م، بينما الواردات (6.8) مليار دولار، وأضاف: أتوقع أن يحقق ميزان المدفوعات عجزاً في عام 2019م بـ(257,2) مليون دولار.

تفاصيل الإيرادات.. قطاع الأمن والدفاع
وأوضحت الموازنة أن إجمالي إيرادات الدفاع والأمن والشرطة بلغت (37) مليار جنيه، في وقت بلغت فيه جملة منصرفاتهم (46) مليار جنيه، موزعة كالآتي، وزارة الدفاع تبلغ جملة إيراداتها (3.5) مليون جنيه، أما منصرفاتها بلغت (17) مليار جنيه، فيما بلغت جملة إيرادات قوات الدعم السريع (0)، أما منصرفاتها (8.7) مليار جنيه. وبلغت جملة إيرادات وزارة الداخلية (2.1) مليار جنيه، أما جملة المنصرفات بلغت (7.8) مليار جنيه. وبلغت جملة إيرادات الإدارة العامة للجمارك (35) مليار جنيه، أما جملة منصرفاتها بلغت (1.6) مليار جنيه، وبلغت جملة إيرادات جهاز الأمن والمخابرات الوطني (0)، فيما بلغت جملة منصرفاته (10.6) مليار جنيه.

توجيهات للمحليات.. الميادين تلفظ السماسرة
الحكومة وجهت المحليات بفتح المجال أمام المنتجين من الصناع والزراع لعرض إنتاجهم على المواطن مباشرة في الميادين العامة دون وسيط ودون رسوم وجبايات ودون أي قيد أو شرط. وقال رئيس الوزراء وزير المالية معتز موسى إن هناك حلقات متطاولة من السماسرة والوسطاء بين المنتج والمستهلك للسلع الغذائية، جعلت حياة المواطن تحفها المصاعب والمتاعب، ووجه المحليات بتهيئة ميادين الأسواق المباشرة ونظافتها وتأمينها مجاناً للصناع والزراع لعرض إنتاجهم على المواطن، داعيا إلى عودة الضباط الإداريين واللجان الشعبية وإعطائهم سلطات فاعلة.
معتز موسى أكد أن بعض أبناء الوطن اختار التكسب عبر حلقة وسيطة بين المنتجين والمصدرين والمستوردين باستلام عوائد صادراتهم في الظلام، وأضافت ضعفها ككلفة إضافية ثم تسليمها للمستورد لأجل أن يدفع المواطن من أحشاء أبنائه كلفة التوسط في العملة الحرة، وأضاف: أستصحي فيهم النخوة والمروءة والإنسانية بالحسنى ليكفوا عن أذى العباد والاقتصاد، مهددا بأنهم أن رفضوا فإنه لا مجال سوى سن أشد القوانين التي تحرم وتجرم هذه التجارة التي تنخر في اقتصاد الوطن ومعاش الناس، وبعدها مرحبا بهم تجاراً أخيراً في ضوء النهار يشرعون صرافاتهم في وضح النهار.
وجدد معتز عدم اتجاه الدولة لرفع الدعم في الموازنة الحالية، مشدداً على ضرورة إدارة وضبط الدعم وتوجيهه ليصل إلى مستحقيه.

صحيفة السوداني.

Exit mobile version