لم تكن مقولة الدكتور فيصل حسن إبراهيم مساعد رئيس الجمهورية، في وصفه للحزب الشيوعي بأنه يعيش حالة من التوهان الأولى من نوعها، بل أطلق الشهر الماضى بولاية النيل الأبيض مقولة إن تاريخ الحزب الشيوعي “تاريخ مخزٍ” حيث كانت مايو الشيوعية جداراً من رصاص.
ووصف مساعد رئيس الجمهورية فيصل حسن إبراهيم أمس حالة الحزب الشيوعي بأنها حالة ” شتات وتوهان سياسي”، منوهًا لحالات الفصل التي تمت بالحزب للذين يخالفونه الرأي، وأشار إبراهيم إلى أن قيادة الحزب الشيوعي متمسكة بقضايا تجاوزها الزمن.
قيادات تهاجم
وبالعودة للوراء قليلاً، نجد أن كثيراً من قيادات الحكومة هاجمت الحزب الشيوعي دون غيره من أحزاب المعارضة الأخرى، ففي شهر نوفمبر الماضي هاجم الرئيس البشير الحزب الشيوعي على هامش مشاركته في مؤتمر الحركة الإسلامية بالخرطوم، حيث قال “الشيوعيةَ موجودةٌ من زمان وهي الإلحاد ذاته”. أما القيادي بالوطني د. إسماعيل الحاج موسى فقد سخر من الحزب الشيوعي قائلاً إن الحزب الشيوعي انتهى في السودان ولا وجود له في الساحة السياسية، وإنه يفتقد المؤسسات والقواعد، مشيراً إلى أن قيادات الشيوعي أصبحت تعاني من انعدام الديمقراطية الحقيقية. وقلل موسى من دعوات الشيوعي لتوسيع جبهة المعارضة قائلاً: إن الحزب الحقيقي هو الذي يمتلك أجندة ومؤسسات وقيادة فاعلة وقواعد.
كما أشار القيادي بالوطني، محمد الحسن الأمين إلى أن الحزب الشيوعي ظل يختلق مواضيع من أجل إثبات وجوده على الساحة السياسية.
ضربات مرتدة
بالمقابل هاجم الحزب الشيوعي السوداني في نوفمبر من العام 2016 حزب المؤتمر الوطني، وقال إن قياداته قد وصلت إلى درك سحيق من العداء للبلاد وشعبها، وطالب الشيوعي الحزب الحاكم بأن يترجل عن السلطة قبل أن يورد السودان موارد الهلاك، وشدد الشيوعي على أنه لا يعترض على أي عمل يقود لإسقاط النظام، وسخر القيادي في الحزب يوسف حسين في حديث سابق من تصريحات القيادي بالمؤتمر الوطني د. نافع علي نافع، حول المعارضة، وقال (لقد درج على مثل هذه الممارسات، بألفاظ نابية وشتائم، ولا جديد في هذا)، وأضاف (نافع يتوهم خلوده في السلطة، لماذا يعتقد ذلك، ويستكثر هذا على الناس؟).
استهداف حكومي
أكد الناطق الرسمي للحزب الشيوعي فتحي فضل، أن لمساعد الجمهورية الحق في الحديث عنا أو عن غيرنا ما دمنا نعمل في العمل العام، ولكنه عاد ليقول إن على مساعد رئيس الجمهورية أن يتذكر المثل القائل ” البيتو من قزاز ما يفلق الناس بالطوب” مضيفاً بأن حزب المؤتمر الوطني هو أكثر حزب سوداني يعاني من حالة “التصدع والشتات” والتي هي متفشية من القاع وحتى القمة، مبينا أن حزبه يناضل في ظروف صعبة ومستهدف من قيادات الحزب الحاكم، مشيراً إلى أن استهدافهم جاء من أجل صدعهم بالحقيقة، مشيرًا إلى أن حزبه كان أول حزب يلفت النظر للوضع الاقتصادي المتردي وقضايا الفساد وهو الشيء الذي اعترف به الحزب الحاكم مؤخرًا، ونوه لضرورة أن يعترف الحزب الحاكم بالحقائق بدلاً عن مهاجمة الآخرين، مؤكدًا بأنهم سيظلون على نضالهم بطريقتهم الخاصة.
التزام حزبي
وأضاف فضل: إذا حاول أحد من عضويتنا أن يخالف دستور الحزب أو أراد أن يخرّب العمل الحزبي فبالتأكيد أننا لن نسمح بوجوده في الحزب، مطالباً قاعدة وقيادة الحزب الالتزام بالدستور، وعزا هجوم الوطني على حزبه تحديداً دون غيره من قوى المعارضة الأخرى إلى وضوح حزبه في مواجهته للنظام وكشفه أخطاء النظام، مضيفا أنهم يعملون في إطار القانون والحقوق الدستورية التي كفلها لهم القانون، مؤكداً أن عمل حزبه يهدف لخدمة المواطن السوداني.
“ألد الأعداء”
وختم فضل حديثه بأنه ربما كان للإيدلوجيا جانباً من هذا الصراع، حيث يعتبر الإسلاميون الحزب الشيوعي بأنه “ألد الأعداء” إلا أنه أكد أنهم لا يبادلونهم ذات النظرة، مضيفًا أن “ألد أعدائنا هم أعداء الشعب سواء أكانوا من الحكومة أو غيرهم.
عقدة قديمة
ويرى المحلل والخبير الإعلامي د. عبد اللطيف البوني بأن السجال بين المؤتمر الوطني والحزب الشيوعي السوداني هو محض “عقد تاريخية قديمة” منذ أن كانت هذه القيادات من الجانبين طلاباً في الجامعات، ونفى أن تكون الإيدولوجيات السبب في الصراع البائن بين الطرفين، مضيفاً أن الوطني والشيوعي كلاهما “فاكين الدرب ” وجميعهم في الهوا سوا، سواء أكان ذلك من الحكومي أو المعارض مضيفا بأن الإسلاميين تحديداً لم يستطيعوا أن ينسوا ما كان بينهما من سجالات منذ أن كانوا طلاباً حتى يستهدف الوطني الحزب الشيوعي دون الأحزاب الأخرى، ويبدأ في مهاجمته، مضيفًا أن الحكومة كثيراً ما تضع “عدوًا متوهماً” ثم تتناوله، مؤكدًا أن الحزب الشيوعي ليس أفضل من الآخرين الذين يقفون في صفوف المعارضة، وبالمقابل فهو ليسوا أسوأ منهم فجميعهم سواء.
وختم البوني حديثه بأن على الوطني ألا يتحدث عن عدم وجود قواعد للشيوعي لأنه يعاني من ذات الشيء إذا انكشف عنه رداء السلطة.
صحيفة الصيحة.