قلل خبراء في اقتصاديات التعدين من الكمية التي كشفت عنها شعبة مصدري الذهب عن تصدير (200) كيلو جرام من الذهب إلى دولة الإمارات العربية أول أمس، والتي تعتبر الأولى عقب قرار فك احتكار صادر الذهب تنفيذاً لما وعدت به شعبة مصدري الذهب من التزامات عقب تسلمها منشور بنك السودان المركزي بفك الاحتكار، وأكدوا أنه رقم متواضع، يجب أن يتضاعف لعشرات، خاصة أن شعبة مصدري الذهب وُضعت في تحدٍّ كبير مع قرار فك الحظر في ظل تأكيدات الشعبة جاهزيتهم لتنفيذ كل المهام الموكلة إليهم على أكمل وجه وحماية الذهب من التهريب. وكانت شعبة الذهب، قد توقعت عائدات بقيمة (7) ملايين دولار من تصدير هذه الشحنة من الذهب.
وسبق أن اعتمد بنك السودان المركزي في مطلع فبراير الماضي سياسات جديدة لشراء وتصدير الذهب بالسماح رسمياً للقطاع الخاص بشراء وتصدير الذهب، الأمر الذي عزاه البعض وقتها إلى الفارق الكبير بين كميات الذهب التي يتم تسليمها لبنك السودان وكميات الإنتاج الفعلية التي كانت أحد أسباب مراجعة سياسات الذهب أملاً منها في الحد من تهريب الذهب، سيما أنه أهم الموارد التي من شأنها توفير النقد الأجنبي للبلاد، وتوقعت أن تجذب السياسات الجديدة جزءاً مقدراً من الكميات المنتجة.
ويقلل مدير الإدارة العامة للتخطيط واقتصاديات المعادن الأسبق بوزارة المعادن دكتور ياسر محمد العبيد في حديثه لـ(الصيحة) أمس من قيمة 200 كيلو التي تم تصديرها بحجم الإنتاج الكلي، وأضاف أنها ليست لديها قيمة، مشيراً الى أن المتوقع من الإنتاج الكلي للعام الحالي 120 طناً حتى نهاية العام، وما تم إنتاجه خلال ثلاثة أرباع العام الحالي 71 طناً ومن المتوقع أن يكون إنتاج الربع الأخير 40 طناً أو30 طناً كحد أدنى، أي ما يعادل مليار ونص المليار دولار، وتساءل عن نصيب البنك المركزي للصادر، وما تبقى جزء من الرسوم عللا الشركات والتي يجب تجميعها عيناً وليس إيرادات نقدية وتذهب للبنك يصدرها أو تكون وفق سياسات، وقال إن نصيب البنك المركزي في الربع الأول من هذه الرسوم بواقع 10 أطنان، واعتبر ذلك بالمحدود مقارنة بالإنتاج الكلي البالغ 66 طناً، وقال إن دخول الشركات في صادر الذهب يجب أن ترفع نسبة الصادر في الذهب وبالمقابل إغلاق باب التهريب بنسبة عالية، لافتاً إلى أنه في الوقت الحالي لا يوجد مبرر لدى الشركات في التهريب لجهة وجود منفذ وأن السعر حالياً تساوى مع السعر العالمي، ونوه إلى وجود مشكلة بين سعر الصرف في السوق الموازي وسعر الآلية وعلى بنك السودان معالجة ذلك في حصيلة الصادر خاصة أنها تذهب للبنك المركزي مباشرة، وليس البنوك التجارية، كما كان يحدث في السابق، جازمًا بأن القرار في صالح الشركات والمعدنين والمتعاملين في قطاع الذهب.
وأكد العبيد أن 200 كيلو رقم متواضع، يجب أن يتضاعف لعشرات خاصة أن شعبة مصدري الذهب وضعت في تحدّ كبير مع قرار فك الحظر وأن تعمل بطاقة كبيرة لتفادي الرجوع للمربع الأول “قرار احتكار صادر الذهب”، داعيًا غرفة الذهب لبذل مجهود لتجميع كل الذهب المنتج بالطريقة الرسمية ليعود على اقتصاد السودان بالفائدة المباشرة ومن ثم المواطن مما يساهم في رفع ميزان المدفوعات، وأوضح أن أحد فوائد عائد الصادر في البنك المركزي وجود عائد صادر لصالحه بالعملة الحرة التي تساعد في كبح جماح الدولار وارتفاع قيمة العملة الوطنية.
وبحسب اقتصاديين، فإن سياسة بنك السودان في شراء الذهب واحتكاره سياسة غير صحيحة بنص القانون، فالبنك ليس بتاجر، ويرون أن الحل الأنجع لشراء الذهب إنشاء بورصة للمعادن التي تمكن من منح السعر العادل ويتم التداول عبرها وفقاً للسعر العالمي فضلاً عن أن التداول في الذهب يكون بالأموال الحقيقية من داخل الاقتصاد وليس من أموال يضخها بنك السودان المركزي والتي تؤدي إلى التضخم الذي تجاوز 60% للشهر الماضي، فإن إنشاء بورصة للذهب أمر مدروس قدم من قبل وزارة المعادن وأجيز وكان في انتظار إجازة قانون تنظيم أسواق المال الذي تمت إجازته وتعيين رئيس ونائب له، وأطلقوا عدة تساؤلات فما الذي يجعل الدولة تنتظر إنشاء مشروع بورصة للذهب والمعادن يمكن عبرها تقليل حجم التهريب الذي أثر في تراجع صادرات البلاد من الذهب في الربع الأول من العام الجاري، حيث بلغت صادرات الذهب في الربع الأول من العام الجاري نسبة 46% بعائد بلغ 212 مليون دولار، مقارنة بنفس الفترة من العام المنصرم التي وصل فيها العائد لـ 396 مليون دولار”.
وسبق أن ألغى بنك السودان في نوفمبر من العام الماضي، تراخيص عدد من شركات القطاع الخاص وأسماء أعمال مرخص لها شراء وتصدير الذهب، وقرر البنك المركزي الدخول بنفسه إلى سوق الذهب وشراء كل الكميات المنتجة بأسعار عالية من مناطق الإنتاج مباشرة عبر وكلاء.
وبلغ إنتاج السودان من الذهب في العام 2017، نحو 105 أطنان، ويطمح السودان لأن يحتل المركز الأول أفريقياً في إنتاج الذهب، لكن قسماً كبيراً من هذا الإنتاج يتم تهريبه للخارج وعلى نحو مفاجئ، فتح بنك السودان باب صادر الذهب لأربع شركات خارج معاملاته، على أن تعود الحصائل إليه.
الخرطوم: مروة كمال
صحيفة الصيحة