ما أن أعلن رئيس الوزراء وزير المالية عن اتجاه حكومته لتبني موازنة البرامج ومغادرة التقليدية، حتى بدا الرجل يضع استراتيجيته التي قال إنها تستند على الصادر وزيادة الإنتاج والإنتاجية، رافضا في الوقت ذاته الحديث عن إعانات أو قروض نافيا اتجاهه لرفع الدعم عن أي سلعة اعتاد الجمهور على دعمها رغما عن تحفظه على ذلك، مراهنا على قدرة حكومته في الخروج بالاقتصاد من النفق المظلم.
بيد أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن وبدأت حرب خفية بين موجهات وسياسات الدولة وبين التجار والمضاربين والسوق الموازي، وفي خضم تلك الضغوط وضع معتز موازنة العام الجديد.
حجم الموازنة.. (162) ملياراً
طبقا لما طالعته (السوداني)، فإن إجمالي الإيرادات العامة لموازنة العام المالي المقبل 2019م بلغ (162,8) مليار جنيه بنسبة زيادة قدرها (39)% من تقديرات العام 2018م والبالغة (116,8) مليار جنيه.
وتوقعت الموازنة أن تسهم الضرائب بنسبة (29)% من إجمالي الإيرادات، منها (153,4) مليار جنيه إيرادات عامة ومبلغ (9,5) مليار جنيه منح أجنبية. كما توقعت أن تبلغ المصروفات في إجماليِّها (194,8) مليار جنيه، فضلا عن ارتفاع الإنفاق العام لحوالي (216,5) مليار جنيه بزيادة قدرها (34)% مقارنة مع 2018م، متأثرا بزيادة الإنفاق على تعويضات العاملين والاستمرار في دعم السلع الاستراتيجية والمنافع الاجتماعية.
وقدرت الموازنة حجم مصادر تمويلها للسنة المقبلة بنحو (72) مليار جنيه مقارنة بالعام الحالي والبالغ (55,3) مليار جنيه، بزيادة تبلغ (16,7) مليار جنيه بمعدل زيادة قدره (38)%، مشيرة في الوقت ذاته لتوقعاتها بنمو معدل الاستثمار بنسبة (13,6)% وذلك للتدفقات الرأسمالية في القطاعين العام والخاص.
في جانب آخر، توقعت الموازنة تحسُّنَ عجز الميزان التجاري إلى (2,5) مليار دولار، حيث تم تقدير أن يبلغ حجم الصادرات (4,3) مليار دولار في 2019م، ويشمل ذلك ارتفاع حجم صادرات الذهب والصادرات الزراعية والحيوانية، متوقعة في المقابل أن تبلغ الواردات (6,8) مليار دولار وذلك من خلال سياسات ترشيد وضبط الواردات وانخفاض قيمة واردات القمح والبترول وفق الأسعار العالمية، مقدرة حجم الصادرات بـ(4,3) مليار دولار والواردات بـ(6,8) مليار دولار.
التضخم وعجز المدفوعات والنقود
لخفض التضخم واستقرار المستوى العام للأسعار، أشارت الموازنة لهدفها في التأثير على مصادر التضخم المتمثلة في استقرار سعر الصرف وإدارة معدل نمو عرض النقود، والالتزام الصارم بقانون بنك السودان فيما يتعلق بالاستدانة من البنك المركزي. وتوقعت الموازنة أن يبلغ متوسط معدل التضخم بنهاية العام 2019 نسبة (27,1)%.
وتوقعت الموازنة عجزا في ميزان المدفوعات للعام 2019م بمبلغ (257,2) مليون دولار، وذلك لتوقع تحسن العجز في الميزان التجاري، واستقطاب مزيد من مدخرات العاملين بالخارج بالإضافة للزيادة المتوقعة في إجمالي عائدات الصادرات.
في الوقت ذاته، أشارت الموازنة إلى استهداف بنك السودان المركزي خفض معدل نمو عرض النقود إلى (36)% حسب الطاقة الاستيعابية للاقتصاد لخفض تأثير عرض النقود على التضخم واستعادة الثقة في النظام المصرفي وتوجيه وإدارة السيولة للأنشطة الحيوية ذات الأولوية.
السمات العامة.. الدعم الاجتماعي وتفاصيل الإنفاق
الموازنة المقبلة ركزت على الاستمرار في الدعم الاجتماعي عن طريق الدعم المالي المباشر، الدعم العيني والسلعي، والغذاء مقابل العمل، وتطوير الزكاة فقها وجباية ومصارف، وتوسيع مظلة التمويل الأصغر، بالإضافة إلى توسيع تغطية مظلة الضمان الاجتماعي، وتعزيز حقوق الأطفال وتوفير الحماية والرعاية لهم، ودعم العلاج والتأمين الصحي والتغذية المدرسية.
وحددت الموازنة الإنفاق على دعم السلع الاستراتيجية بزيادة (101)%، الإنفاق على برامج الدعم الاجتماعي بزيادة (70)%، الإنفاق على إزالة فوارق هيكل الأجور بزيادة (43)%، التحويلات للولايات بزيادة (39)%، الإنفاق على التنمية القومية بزيادة (22)%، الإنفاق على التنمية الولائية بزيادة (58)%، زيادة عدد الأسر الفقيرة في الدعم النقدي المباشر، زيادة الدعم النقدي الشهري من (250) إلى (400) جنيه في الشهر.
معاش الناس.. تقديرات تهم المواطنين
قدرت موازنة العام المقبل 2019م برامج ومشروعات لتحسين معاش الناس باعتماد كلي قدره (76,967) مليون جنيه بنسبة (100)%. ونسبة (36)% من الإنفاق العام شملت السلع الاستراتيجية بهدف تأمين وتوفير السلع الأساسية بسعر معقول، وحددت له اعتمادات بمبلغ (51,075) مليون جنيه بنسبة (66,4) من معاش الناس ونسبة (24)% من الإنفاق العام.
برنامج المنافع الاجتماعية (بضبط الأسواق والربط المباشر بين المنتج والمستهلك خفضا للأسعار ومحاربة الحلقات الوسيطة باعتماد قدره (17,315) مليون جنيه بنسبة (8)% من الإنفاق العام). برنامج دعم الولايات (توسيع الحماية والأمان الاجتماعي) باعتماد قدره (5,612) مليون جنيه بنسبة (3)% من الإنفاق العام، وتحسين المعاشات باعتماد قدره (2,040) مليون جنيه بنسبة (1)% من الإنفاق العام، الحماية الاجتماعية باعتماد قدره (480,3) مليون جنيه بنسبة (0,2)% من الإنفاق العام، الأنشطة الاجتماعية للوحدات باعتماد قدره (444,7) مليون جنيه بنسبة (0,2) % من الإنفاق العام.
توقعات الموازنة.. مؤشرات وأرقام
مؤشرات الموازنة العامة للعام المقبل توقعت أن تبلغ زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة (5,1)% وزيادة مساهمة القطاع الزراعي بنسبة (27,8)% في إنتاج المحاصيل الزراعية والمنتجات الغابية ومحاصيل الصادر، والقطاع الصناعي بنسبة (28)% للزيادة في إنتاج المعادن.
كما توقعت الموازنة تأثر النمو إيجابا بزيادة قطاع الصادر الذي يتوقع أن يتزايد بنسبة (30)%، واستهدفت استقرار سعر الصرف وزيادة القوة الشرائية للعملة الوطنية بإحكام وتنسيق السياسات المالية والنقدية واتباع سياسة سعر الصرف المرن المدار من خلال التوسع في مصادر عرض النقود على التضخم واستعادة الثقة في النظام المصرفي وتوجيه إدارة السيولة للأنشطة الاقتصادية ذات الأولوية، فضلا عن توقعها عجزا بمبلغ (53,7) مليار جنيه في الموازنة الحكومية بنسبة (3.3)% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع (3,7)% للعام 2018م نتيجة للمحافظة على مستويات الدعم وخفض الإنفاق العام بتقليص الصرف السيادي (خفض الإنفاق الخارجي وعدد الوزارات)، واقتناء الأصول غير المالية بمبلغ (22.7) مليار جنيه.
وقدرت موازنة العام 2019م الضرائب بـ(101,192) مليون جنيه بنسبة زيادة (35)% عن العام الحالي والبالغة (75,076,4) مليون جنيه، والضرائب على السلع والخدمات (76,2) مليون جنيه بزيادة (29)% عن موازنة 2018م. كما قدرت المنح الأجنبية بمبلغ (9,450) مليون جنيه بنسبة زيادة (17)% عن موازنة 2018م (8,095,1) مليون جنيه، والإيرادات الأخرى بمبلغ (52,204.8) مليون جنيه بنسبة زيادة (55)% عن 2018م والبالغة (33,703,8) مليون جنيه، وقدرت الموازنة رسوم عبور نفط جنوب السودان والشركاء بمبلغ (13,000.0) مليون جنيه بنسبة زيادة (59)% عن 2018م والبالغة (8,175,7) مليون جنيه، والترتيبات المالية الانتقالية (9.000,0) مليون جنيه بنسبة زيادة (85)% عن 2018 (4,860) مليون جنيه.
وفيما يلي المصروفات والتي شهدت زيادة بنسبة (53)% عن 2018 من (127,248.1) إلى (194,760,6) مليون جنيه في 2019 فقد قدرت الموازنة زيادة في المرتبات والأجور من (30,681,9) في 2018 إلى (48,510,6) مليون جنيه بنسبة زيادة (58)%، وتكلفة التمويل إلى (5,000) في 2019 مقارنة بـ(5,588,1) مليون جنيه بنسبة تصل لـ(-11)%، ودعم السلع الاستراتيجية بنسبة تصل إلى (101)% من (25,389,4) مليون جنيه إلى (51,074,7) مليون جنيه.
ولفتت المؤشرات لتراجع نصيب الولايات المنتجة للبترول بنسبة تصل لـ(-6)% من (219) مليون جنيه إلى (205) ملايين جنيه في 2019م، كاشفة عن ارتفاع التحويلات الرأسمالية بنسبة (58)% من (14,339) مليون جنيه في 2018م إلى (22,593) مليون جنيه.
السلع الاستراتيجية.. تقديرات الدعم
وفيما يلي تقديرات الموازنة العامة للحكومة القومية للسلع الاستراتيجية للعام 2019م، فقد أشارت إلى دعم المحروقات بنسبة (106)%، من (17,989.4) مليون جنيه في 2018م إلى (37,074,7) مليون جنيه، ودعم الكهرباء بنسبة (82)% من (4,400) مليون جنيه في 2018م إلى (8,000) مليون جنيه. ودعم القمح بنسبة (100)% من (3,000) مليون جنيه إلى (6,000) مليون جنيه.
وقدرت الموازنة المقبلة زيادة الاستدانة من النظام المصرفي بنسبة (50)% من (16,317) مليون جنيه في 2018م إلى (24,427) مليون جنيه. وسداد الاستدانة من بنك السودان بنسبة (صفر)%. وتراجع سداد متأخرات الديون من (7,965.4) مليون جنيه إلى (700) مليون جنيه في 2019بنسبة (91)%؛ وتوقعت ارتفاع إجمالي التمويل الخارجي من (6,000) مليون جنيه في 2018م إلى (8,000) مليون جنيه بنسبة (33)%، والقروض خلال العام من (10,000) مليون جنيه إلى (11,000) مليون جنيه في 2019 بنسبة (10)%.
(17) برنامجاً
قدرت الموازنة العامة المنافع الاجتماعية بمبلغ (17,3) مليار جنيه بنسبة زيادة قدرها (70)% من 2018 لاستهداف عدد مليون أسرة بزيادة (200) ألف أسرة وزيادة الفئة إلى (400) جنيه شهريا وزيادة عدد مليون أسرة بتغطية التأمين الصحي، وتحسين معاشات بمنح معاشيي الخدمة المدنية منحة شهرية قدرها (500) جنيه لكل معاشي بتكلفة (2,040) مليون جنيه.
وأشارت الموازنة للتركيز على البرامج بهدف زيادة الإنتاج والإنتاجية إلى تقدير مبلغ (22,7) مليار جنيه للتنمية القومية منها (12) مليار جنيه بالعملة المحلية، وتشمل (17) برنامجا رئيسا للقطاعات المختلفة منها الزراعة وبلغ عدد برامج الزراعة (18) برنامجا، ورصد لها مبلغ (3,041,8) مليون جنيه بالموازنة العامة بنسبة زيادة (77)%، ورصدت للصناعة والتي تشتمل على (3) برامج مبلغ (920,61) مليون جنيه، النقل والطرق والجسور وتتضمن (8) برامج قدر لها اعتماد بمبلغ (2,005) مليون جنيه بنقصان (12)% عن اعتماد 2018 والبالغ (2,274) مليون جنيه، الكهرباء والموارد المالية والمعادن وتتضمن (13) برنامج قدر اعتمادها المالي بمبلغ (10,841,13) مليون جنيه بزيادة قدرها (2,9219.97) مليون جنيه وبنسبة (37)% عن العام السابق، التنمية الاجتماعية وتشتمل على (3) برامج بتقديرات (1,006,2) مليون جنيه بزيادة (43)% من اعتماد العام السابق لدخول مشاريع جديدة، القطاع الإداري الاجتماعي ويشتمل على (23) برنامج بتقديرات تبلغ (625,66) مليون جنيه بزيادة بلغت (133,56) مليون جنيه بنسبة (27)%، أما القطاع السيادي فبلغت تقديراته (642,9) مليون جنيه بنسبة زيادة (31)%، بينما قدرت اعتمادات البرنامج الإداري للقطاع السيادي بمبلغ (240) مليون جنيه.
صحيفة الصيحة.