حينما تبتكر الحكومات أفكاراً وبرامج طموحة لمشروعات اقتصادية عملاقة تدر على خزائن الدولة مليارات الدولارات من عائدات الصادر والموارد المحلية المتعددة، فإنه لا يرهقها دعم الخبز والوقود، فتضطر لرفعه كل عام، بعد أن تُردّد الحديث عنه مذكرة بحجمه مراراً وتكراراً!!
{ كل الحكومات في أوروبا تدعم السلع الاستهلاكية، وتدعم المواصلات (بصات .. مترو .. وقطارات) ولا تتركها للقطاع الخاص بل تتولاها شركات قطاع عام، ثم تخصص للمواطن واللاجئ القادم من أفريقيا سكناً تدفع قيمته البلديات، وتمنح كل عاطل عن العمل وكل طفل مبلغ (400) يورو شهرياً من الضمان الاجتماعي، غير فاتورة السكن المناسب له، منفرداً.. أو مع أسرته، كما تدعم الدولة العلاج ليكون بقيمة رمزية في مقدور الجميع!
{ هكذا تفعل الحكومات في دول الغرب الرأسمالي، دول (الاقتصاد الحر) الذي لا يعني بأيّ حال من الأحوال رفع الدولة يدها عن دعم المواطن.
{ عندنا في السودان، كلّما ضاقت السبل بالحكومة، وعجزت عن توفير الموارد بالجنيه السوداني وبالنقد الأجنبي، أخذت تلف وتدور على نفسها، وتلوك روايتها القديمة المتجددة عن حجم الدعم في سلع الخبز والمحروقات، لتمهد الطريق الوعر للمزيد من رفع الأسعار تحت لافتة (رفع الدعم لإزالة التشوهات)!!
{ وكأنما هذه التشوهات لا وجود لها في دول العالم من حولنا، بما فيها دول جارة مثل “مصر”، “إريتريا” و”إثيوبيا”، دعك من “بريطانيا” و”ألمانيا”!!
{ المواطن يدفع ضرائب وجمارك ورسوم محليات بأسماء متلونة وأغراض مبهمة، ويسدد رسوم الترخيص على سيارته التي تشمل بنوداً متعددة من بينها بناء وصيانة الطرق ودعم الطلاب، وهذه الإيرادات الغزيرة تمثل أساس موازنة الدولة السنوية، فبأي منطق يحدثنا العاجزون في الحكومة والانتهازيون حولها، عن حجم الدعم على الرغيف، وكأنه هبة أو منحة من الحكومة، بينما هو دعم سدده المواطن مقدماً في الضرائب وجمارك السيارات وجمارك السلع الباهظة المعروضة في الأسواق بما في ذلك جمارك لبن الأطفال، حيث تجاوز سعر العلبة الصغيرة (450) جنيهاً، جلها رسوم جمارك!!
{ إنها أموال الشعب، فلتخصصها الحكومة لدعم خبز الشعب ووقوده، بدلاً عن أن تصرفها على المؤتمرات عديمة النفع، والمهرجانات العبثية والسفريات الخارجية والمناشط السياسية للدولة وحزبها الحاكم.
الهندي عزالدين
المجهر