حوت كواليس جولة المشاورات التي انعقدت الأسبوع الماضي بالعاصمة أديس أبابا بين الفرقاء السودانيين كثيراً من التقاطعات غير المرئية أدت لتباعد المواقف عند عتبة انطلاق الجولة، بداية بالخلاف على الصفة التي حضر بها تحالف نداء السودان الذي كان السبب الرئيس لتعثر المشاورات في بداياتها، بعد إصرار حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي والحركات المسلحة وحزب المؤتمر السوداني والحركة الشعبية مجموعة مالك على دخول قاعة التفاوض تحت مظلة نداء السودان في مقابل تمسك الحكومة بموقفها الرافض الاعتراف به.
تنوير فيصل
وفي السياق، التقى مساعد رئيس الجمهورية د. فيصل حسن إبراهيم بقادة الأجهزة الإعلامية ورؤساء تحرير الصحف اليومية وكتاب الرأي بحضور وزير الإعلام والاتصالات وتقانة المعلومات بشارة جمعة أرور، ووزير الدولة مامون حسن ببرج الاتصالات ظهر أمس وقدم خلال اللقاء تنويراً للإعلاميين حول مشاركة وفد الحكومة في جولة المشاورات التي شاركت فيها الحكومة بدعوة من الآلية الأفريقية المشتركة بقيادة ثامبو أمبيكي لبحث تعديل خارطة الطريق التي وقعت عليها الحكومة والحركة الشعبية والإمام الصادق المهدي وحركتا العدل والمساوة بقيادة د. جبريل وتحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي في العام ٢٠١٦م، وأشار رئيس وفد الحكومة للتفاوض دكتور فيصل حسن إبراهيم إلى جلسة التشاور الأخيرة مع الأطراف ناقشت أجندة (المحور الإنساني ووقف العدائيات والانتخابات والدستور)، منوهاً إلى أنه تمت الموافقة على ما طرح بأن تكون الانتخابات حرة ونزيهة، مشيرًا إلى أن أهم مخرجات الحوار الوطني كان الدستور والانتخابات، لذا فإن الوفد الحكومي ذهب إلى أديس أبابا لاستكمال عملية الحوار الوطني، وأشار فيصل أن وفد الحكومة ناقش التوقيع على وقف العدائيات مع قادة حركات دارفور في أديس قبل الذهاب إلى الدوحة بعد ١٥ يناير القادم لبدء المفاوضات وفق مرجعية وثيقة الدوحة.
ملابسات ما حدث
حول ملابسات ما حدث من قبل قوى نداء السودان خلال التفاوض، قال فيصل إن دعوة الوساطة الأفريقية جاءت للأطراف الخمسة الموقعة على خارطة الطريق، وأن ما يسمى بقوى نداء السودان لا علاقة له بجلسة التشاور الأخيرة، مشيراً إلى لقائه بزعيم الأنصار الصادق المهدي على هامش جلسات التشاور، مشيرًا إلى تأكيدات الصادق المهدي وسعيه بالمساهمة في حل (مشاكل) البلد، وأن المهدي أكد للوفد الحكومي مشاركته في صناعة الدستور وفي الانتخابات، إذا توفرت الحريات، منوهاً إلى أنه أكد للصادق توفر الحريات وفق القانون.
تبادل اتهامات
ويرى مراقبون أنه خلال هذه الجولة على غير العادة لم يلجأ الفرقاء للاتهامات التي يرسلونها لبعضهم بتحميل مسؤولية تعثر المفاوضات، هذه المرة أجميع الجميع على تحميل رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى ثابو أمبيكي مسؤولية هذا الخطأ بدعوته لمكونات نداء السودان ككيان، وهي حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي، والحركة الشعبية قطاع الشمال، وحركة العدل والمساواة، وحزب المؤتمر السوداني، وحركة تحرير السودان جناح مني أركو مناوي وقبوله الاجتماع قبل جولة المفاوضات بقيادات نداء السودان ممثلة في رئيسه الصادق المهدي، والأمين العام مني أركو مناوي، وأمين العلاقات الخارجية عمر الدقير، في حين أن مكونات نداء السودان وقعت على خارطة الطريق التي طرحها الوسيط الأفريقي بصفتها الحزبية وليست ككلتة واحدة باسم نداء السودان الذي ترفض الحكومة الاعتراف به، وهذا خطأ ارتكبه الوسيط أمبيكي عند توجيهه الدعوة لها ككيان، وكان عليه دعوتها بصفتها الموقعة بها كأحزاب وحركات.
خطا الآلية
وأدى هذا الخطا الذي وقعت فيه الآلية الأفريقية في الطريقة التي وجهت بها الدعوة لنشوب خلافات بينها ومكونات نداء السودان بعد أن أصرت الآلية على تعديل صفة وجود هذه الأحزاب داخل قاعة التفاوض باعتبارها موقعة على خارطة الطريق بصفتها الحزبية، وليس كيان نداء السودان الذي ترفض الحكومة الاعتراف به ما أدخل الآلية في حرج عندما رفضت قوى نداء السودان تعديل صفتها واحتلت القاعة وأصرت على وجودها ككيان نداء داخل القاعة وليس أحزاباً.
إبعاد عرمان وعقار
من الأشياء غير المرئية مساعي الحكومة لتحييد مجموعة مالك عقار وياسر عرمان وإبعادهما عن طاولة المفاوضات وإدخال مجموعة عبد العزيز الحلو بدلاً عنها في إشارة منها لعدم اعترافها بعقار وعرمان كممثلين للحركة الشعبية قطاع الشمال، غير أن الحركة الشعبية قطاع الشمال بقيادة عبد العزيز جاء ردها في البيان الذي أصدره الحلو قبيل مغادرته لمعقل رئاسته في جبيال النوبة وأعلن فيه أن الحركة لم توقع بخارطة الطريق ولا تعترف بها وأن الموقعين عليها هما مالك عقار وياسر عرمان وهو الجناح الذي ترفض الحكومة الاعتراف به ولا ترغب في إشراكه في اجتماعات تعديل خارطة الطريق وتسعى لفتح قناة تواصل مع الحلو، لكن العقبة أن الحلو غير موقع على خارطة الطريق وأعلن في بيانه رفضه المشاركة في خارطة الطريق، وعدم الاعتراف بالحوار الوطني، لجهة أن الحركة الشعبية بقيادة الحلو ليست جزءاً من نداء السودان الموقع على خارطة الطريق، والموجود في نداء السودان، الحركة الشعبية مجموعة عقار التي رفض الحلو قبول الطرح الذي قدمه رئيس دولة الجنوب سلفا كير بإجراء مصالحة بينه وبين مجموعة عقار وياسر عرمان، والحلو موجود في الجبهة الثورية التي ترفض الحكومة الاعتراف بها أيضاً.
وجوه جديدة
اللافت في هذه الجولة ظهور وجوه جديدة كبشارة جمعة أرور من النيل الأزرق وستيفن من النيل الأزرق بجانب رئيس الوفد دكتور فيصل حسن إبراهيم ودكتور أمين حسن عمر ومحمد مختار (ملف دارفور) مما يعني خلو الوفد من الذين يحملون ذاكرة المفاوضات السابقة حتى من المؤتمر الوطني، حيث غاب ممثل النيل الأزرق عبد الرحمن أبو مدين ومنسق التفاوض د. حسين كرشوم والفريق دانيال كودي.
إجراء غير موفق
واعتبر القيادي بالنيل الأزرق المك عبيد أبو شوتال في حديثه للصيحة تقليص الوفد الحكومي إجراء غير موفق لكنه يمثل رؤية الدولة في إنفاذ قرارات رئاسة الجمهورية الخاصة بالتقشف بتقليص الوفود الحكومية .وأضاف أبو شوتال أن الوفد المفاوض كان يجب أن تتم إضافة أسماء إليه، وانتقد الطريقة التي تم بها اختيار أعضاء الوفد، وقال إنها انتقائية، وزاد: (من المصلحة أن يتم اختيار الشخصيات المؤثرة في المنطقتين دون النظر لانتماءاتهم السياسية).
إضافة تعقيد
واستنكر أبو شوتال إدخال تحالف نداء السودان ضمن المشاركين في جولة المفاوضات، ما أدى لعرقلة المفاوضات في بداياتها، وقال: هذا خطأ من الوسيط أمبيكي يجعلنا نسأل ما الذي يجمع نداء السودان كجسم بقضية المنطقتين غير إضافة تعقيد باعتبار أن نداء السودان يتحدث عن حل قضايا السودان بينما الحركة الشعبية بقيادة الحلو هي المعنية بقضايا المنطقتين.
ويرى أبوشوتال أن إدراج نداء السودان يعني عودة عقار وعرمان اللذين فقدا شرعيتهما، وهذا يجعل رفض الحلو للمشاركة في جولة تعديل خارطة الطريق مبرراً لأنه ليس جزءاً من نداء السودان الذي يضم مالك وعقار.
أجندة رئيسية
وتجيء أبرز الأجندة الرئيسية التي طرحتها الآلية لمناقشتها في هذه الجولة هي تعديل خارطة الطريق في الفقرة (2) الخاصة بوقف إطلاق النار المؤقت بأن يصبح دائماً ليفضي للدخول في مفاوضات سياسية مع كل الأطراف والتعديل الآخر يشمل حذف الفقرة (3 أ ب) المتعلقة بالحوار الوطني الذي تعتبره بأنه وصل لنهاياته على أن يستعاض عنها بفقرة جديدة خاصة بالمؤتمر الدستوري.
صحيفة الصيحة