تشهد البلاد هذه الأيام أزمة حادة في الأدوية خاصة المنقذة للحياة وارتفاع عام في أسعار مختلف الأصناف لنسب تربو على الـ(300%)، وشكا عدد من المرضى لـ(السوداني) من ندرة في أدوية التشنجات والأمراض النفسية والأمراض المزمنة و(شرابات) الالتهابات للكبار، وعقارات الأطفال خاصة الأموكلان، إضافة لانعدام عقار التيتانوس بصيدليات الإمدادات الطبية التابعة للحكومة والصيدليات الخاصة، فضلاً عن ارتفاع أسعار أدوية الضغط.
همس المرضى
تقول المواطنة بخيتة النور (46) عاما لـ(السوداني) إنها ظلَّت تبحث عن عقار لعلاج التشنج (الصرع) لابنها منذ أكثر من أسبوع، وطافت على كل الصيدليات بلا جدوى ولا يوجد بديل أفضل لهذا العقار، وأبدت بحزن تخوفها من أن تسوء الحالة الصحية لابنها بسبب ندرة العقار، وقالت إنها رغم ظروفها وإمكانياتها المحدودة إلا أنها على استعداد لشرائه حتى وإن كان بمبلغ (ألف) جنيه.
وأكد محمود عبد الكريم “52” عاما أنه يعاني في الحصول على عقار مرض “نفسي” لشقيقه ويظل في بحث دائم عنه ويجد صعوبة بالغة في شرائه من الصيدلية إن وُجد لتخوُّف الصيادلة من استخدامه كمخدر، فضلا عن ارتفاع أسعاره للضعف بسبب الندرة.
اتحاد الصيدلة على الخط
من جهته أكَّد رئيس اتحاد الصيادلة السوداني د.صلاح سوار الذهب لـ(السوداني)، أن أزمة الدواء ما تزال تراوح مكانها بسبب شح النقد الأجنبي، ورفض الإفصاح عن عدد العقارات التي تشهد ندرة إلا أنه برر انعدام أدوية الجهاز العصبي والنفسي للضوابط المهنية التي تصاحب استيرادها وتوزيعها تخوفا من استخدامها في أغراض أخرى.
وكان وزير الصحة محمد أبو زيد مصطفى قد أقر أمام المجلس الوطني -مؤخرا- بنفاد (34) صنفا من الأدوية المنقذة للحياة بمخازن الصندوق القومي للإمدادات الطبية بالإضافة إلى (27) صنفاً يكفي مخزونها لمدة شهر واحد فقط و(41) صنفاً يكفي مخزونها لشهرين، ولفت إلى توقف (33) شركة عن التعامل مع الإمدادات لحين سداد المديونية السابقة البالغة (34) مليون يورو، تراكمت منذ بداية العام الجاري كانت تورد بالدفع الأجل، مشيراً إلى أن الأصناف المتأثرة بالموقف (97) صنفاً. وقال أبوزيد إن المبلغ المطلوب لاستيراد الأدوية التي لا يقبل موردوها إلا بالدفع المقدم (19) مليون يورو، وإن إجمالي المبلغ المطلوب بصورة عاجلة (53) مليون يورو.
إلى ساحات القضاء
ويبدو أن أزمة الدواء في السودان دخلت نفقاً مُظلماً جعل (13) شركة من الشركات المستوردة للدواء تتقدَّمُ بطعن دستوري للمحكمة الدستورية ضد قرار رئيس مجلس الوزراء الخاص بتسعيرة الدولار الدوائي بواقع (30) جنيها، لانتهاك القرار الرئاسي للحقوق الدستورية للشركات ومخالفته قانون الأدوية والسموم. وأشار الطعن لمخالفة القرار لقرارات أخرى حول تحديد سعر الدولار وفق تسعيرة آلية صناع السوق وترى الشركات المتقدمة بالطعن أن مسألة دعم الدواء يتم بتوفير العملات الأجنبية.
وإزاء هذه التعقيدات لم يجد الوزير أبوزيد بُدَّاً سوى تسجيل اعتراف آخر مفاده أن بنك السودان يواجه صعوبات في توفير النقد الأجنبي وعقبات في التحويل للخارج منذ بداية العام 2013م، ما دفع بالإمدادات الطبية لتبنّي سياسات جديدة لتحديد مخزون إعادة الطلب لكل صنف، والتي يودع وفقاً لها الصندوق الفواتير للبنك المركزي لتحويل قيمتها للشركات الأجنبية المصنعة.
انتهاء صلاحية!!
نقطة مهمة جداً أشار إليها محمد أبو زيد حين قال إن الأدوية ليست كالسكر والبترول يمكن شراؤها وقت الحاجة إليها لجهة أن وصولها للبلاد يستغرق أربعة أشهر على الأقل ولا يتم إنتاجها إلا بناءً على طلب، وأن أي تأخير في تكملة إجراءات التحويل البنكي في الزمن المناسب يؤدي إلى نقص في تاريخ الصلاحية، مشيرا إلى أنه منذ 2011م وحتى تاريخه لم تتجاوز نسبة الأدوية المنتهية الصلاحية سنوياً 1%. وطالب أبوزيد البرلمان بإلزام البنك المركزي بسداد فواتير الأدوية التي وردها الصندوق عن طريق الدفع الآجل وحل أجلها قبل أشهر، وأن يخصص مبلغ ثابت أسبوعياً لا يقل عن ثلاثة ملايين يورو لتنفيذ الأدوية التي يقدمها الصندوق كل أسبوع للمركزي دون أي تأخير.
ويبدو أن الشكوى التي (بثَّها) وزير الصحة مؤخرا من داخل (قبة البرلمان) قد آتت أُكُلها – ولو بالبسيط – حيث أكد الوزير قبل يومين أن بنك السودان المركزي قام بتخصيص مبلغ (10) ملايين يورو للإمدادات الطبية لتوفير الأدوية المنقذة للحياة.
صحيفة السوداني.