تحرير الوقود.. خطوة هل تفعلها الحكومة

معلومات وتسريبات غير رسمية مفادها أن وزارة النفط والغاز والمعادن، عممت توجيها لجميع الشركات الكبرى العاملة في مجال التعدين والمصانع المختلفة بتوفير احتياجاتها من الجازولين عبر مواردهم الذاتية مباشرة من شركات بيع وتوزيع البترول وفق سعر السوق العالمي بدلا عن الحصص التي كانت تخصص لهم سابقا وفق السعر المدعوم الذي سيوجه فقط للمركبات الخاصة للمواطنين في محطات الوقود. وفي الأثناء شرعت شركات البترول في إرسال عروضها للمصانع وشركات التعدين لتوفير الجازولين لهذا الأسبوع. وعلمت (السوداني) بأن هناك شركات كانت لديها تعاقدات مسبقة مع شركات بترول لتوفير احتياجاتها.

الموقف الآن
وزارة النفط والغاز والمعادن، وجهت بضبط توزيع المشتقات البترولية، وقال وكيل وزارة النفط والغاز والمعادن د.أزهري باسبار في تصريح صحفي أمس، إن الوقود ينساب بصورة طبيعية من بورتسودان، وإن هناك باخرة تحت التفريغ تحمل 40 ألف طن جازولين، وباخرة أخرى بالميناء تحمل ما يُقارب 90 ألف طن اكتملت إجراءاتها، بالإضافة إلى ما تنتجه مصفاة الخرطوم، كل ذلك من شأنه معالجة الصفوف التي انتظمت محطات الوقود.
وأكد باسبار أن الكميات التي وصلت الخرطوم بلغت نسبة 150% من استهلاك العاصمة حيث تم توزيع 4 آلاف طن جازولين وألفَي طن بنزين، مشيرا إلى أن الوزارة تعمل جاهدة لانسياب المنتجات البترولية بصورة مستمرة مع المراقبة وتوجيه المحطات باتباع آلية التوزيع التي ستمكن من معالجة الظواهر السالبة مع استمرار المحطات في تزويد السيارات حتى يتمكن كل المستهلكين من أخذ حاجتهم، داعياً إلى اتباع أساليب الترشيد في استخدام المنتجات البترولية والابتعاد عن المخاطر من عمليات تخزينها.
الخيارات الصعبة
واعتبر الخبير النفطي عوض عبد الفتاح في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن إمكانيات الحكومة لا تسمح لها باستيراد المحروقات ولا بد للحكومة عاجلا أم آجلا من تحرير سوق المحروقات، كاشفا عن أن الكثير من الدول الفقيرة انتجهت هذا الأسلوب وصارت كل جهة تتحمل مسؤوليتها في توفير احتياجاتها البترولية، واستدرك: لكن هذه الخطوة مرتبطة بغلاء في أسعار هذه المواد للمواطنين، لجهة أنه في حالة تحرير سعر المحروقات واستيرادها يعد ذلك قرارا سياسيا لا مفر منه.
وتوقع عبد الفتاح أنه حال اتخاذ التحرير كخطوة لخفض سعر الدولار، فإن ذلك سينعكس سلباً على سعر الدولار، مشيرا إلى أن البلاد تعاني من شح الدولار وسيرتفع حجم الطلب عليه.
في وقت كشفت فيه مصادر لـ(السوداني) أمس، عن أن أي سلعة لديها سعران، يعتبر خطأ من ناحية اقتصادية، لأن ذلك يفتح باب الفساد، ولكن لاعتبارات مختلفة تضطر بعض الدول لدعم عدد من السلع الاستراتيجية لها، وأضاف: المعالجة الصحيحة أن يكون هناك تحرير كامل للسلع إلا أن نتائجه ستكون صعبة جداً.
هل يمكن تحرير أسعار الوقود للشركات والمصانع؟
وعن تحرير أسعار الوقود للشركات والمصانع، قال الأمين العام لاتحاد الغرف الصناعية عباس علي السيد، في حديثه لـ(السوداني) أمس، إن هذا الحديث قديم تم طرحه ومناقشته من قبل ولكنه لم ينفذ، ويبدو أن هناك اتجاها لطرحه من جديد، وأضاف: الاتحاد لم يصله أي إخطار رسمي بهذا الصدد، مشيرا إلى أن نقطة البداية ربما ستكون للشركات والمصانع.
وفي السياق، أوضح وزير الدولة بالمالية الأسبق بروفيسور إبراهيم عز الدين في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن السياسات الاقتصادية التي اتخذت مؤخراً تم فيها إيقاف إجراء نظام الاستيراد دون قيمة، ما يعني أن الاستيراد يتم من الموارد الخارجية، وقبلها كان الاستيراد مفتوحا لمدخلات الإنتاج وهذا يعد سياسة خاطئة.
واعتبر عز الدين أن عبارة (السماح بالاستيراد بمواردهم الذاتية)، عبارة غامضة، وفسرها أنها تعني (الاستيراد دون تحويل قيمة)، وهو ما تم تجريبه كسياسة في الثمانينيات ونجحت، واستدرك: لكن حاليا فإن عائدات المغتربين ومدخرات رجال الأعمال وحصائل الصادرات من الذهب والجلود، والثروة الحيوانية تصدّر وجزء من الحصائل لا يعود للبلاد، معتبرا البلاد حاليا تواجه شحا في موارد النقد الأجنبي مما يصعب الاستيراد، منوها إلى أن السماح باستيراد المواد البترولية من الموارد الذاتية يمضي في اتجاه الاستيراد دون قيمة، ولكن القرار لم يحدد الموارد داخلية كانت أم خارجية، ما يستوجب على الجهات المختصة توضيح ذلك في حالة الإعلان رسميا عن تنفيذ هذه السياسة، مؤكدا أن المرحلة تتطلب فتح الاستيراد للشركات والمصانع ورجال أعمال لتوفير مدخلاتهم من مواردهم خارج البلاد.

صحيفة السوداني.

Exit mobile version