لو لم تبق قضية مؤرقة للمواطنين غير الضائقة المعيشية المتفاقمة يوميا ..لما كانت ضرورة التفاوض مع مناوي و جبريل ..فالقضية الأخرى هي ( النهب المسلح )بصورة محدثة بآليات التمرد المحسوم المنتهي المندحر تماما ..و سنثبت لك هنا الآن.
> و لك أن تسأل عن قيمة تفاوض مع حركتين كانتا متمردين ..و لا وجود اليوم لقواتهما داخل السودان..وفي أديس أبابا لم يحددا مناطق لتجميع قواتهما للترتيبات الأمنية ..وكان الاستغراب في حديثهما حول ترتيبات أمنية بدون وجود قوات في البلاد..فقيمة التفاوض هي إذن اعتبار النهب المسلح اشد ضررا على المواطنين من التمرد المحسوم المنتهي المدحور.
> وكلام حركة جبريل ( العدل و المساواة ) في مناخ التوافق مع الحكومة على مفاوضات قيمتها على وجه التحديد الآن الحد من النهب المسلح و القتال في صفوف حفتر ..هو أن ( يسبق استئناف التفاوض الوصول إلى وقف العدائيات ) والسؤال هنا هو أين هذه العدائيات الآن..؟ فلا تذهبوا بورقكم هذا إلى الدوحة ..فهي عملة ( كهفية )لأن العدائيات انتقلت بجهود الجيش الذهنية و الميدانية إلى شرق ليبيا ..و ما للخرطوم ولشرق ليبيا .!؟
> و كلام حركة مناوي في ذات المناخ هو أن (الحركات لن تكون جزءا في أي سلام لا يخاطب قضايا البلاد )و سؤالنا هنا ..ماهي قضايا البلاد المقصودة هنا ..؟ هل ترك الحوار الوطني و الدستور قضايا لم يفتح ملفها للتداول فيها غير السياسات الاقتصادية و على رأسها السياسات النقدية وولاية كل المال العام و السياسات التجارية .؟
> و مثل هذه القضية لم يتصد لتناولها في أية مفاوضات أحد في تأريخ التمرد منذ العام 1955م ..فالقضايا عند أي حركة متمردة _ كما درجت العادة _ مختزلة في توزيع المناصب الرفيعة و الوسيطة و منح الامتيازات ..مع بقاء المجال مفتوحا لحركات تمرد جديدة تكفر باتفاقيات سابقاتها.
> و حركة أنانيا بعد اتفاقها مع نميري ..ظهرت بعدها (أنانيا 2 )و حركة قرنق بعد اتفاقها مع حكومة البشير ظهر بعدها تمرد عقار و الحلو .. والآن لم يبق في الجانب الآخر إلا حركة عبد الواحد ..وهي بعد مناوي و جبريل لو تجاوبت مع الخرطوم ستعتبر أن كل ما بني مع كل من سبق لا يفي بتحقيق العدالة ..و ربما رفضت الدوحة كأساس للتفاوض بخلاف مناوي وجبريل.
> لكن تبقى الحكومة معنية بالتفكير في تحضير آليات لاستكمال عملية الأمن والاستقرار ..فقد انتهى التمرد تماما تماما ..لكن آثاره في دارفور بالتهميش الدولي والإقليمي هي الآن حالات نهب مسلح بصورة محدثة فيها استخدام سيارات الدفع الرباعي و المدافع على ظهورها ..و هذا ما يروع المواطنين حتى بعد حسم التمرد تماما تماما.
> و لذلك فإن الحكومة مضطرة أن تحسم أيضا عمليات النهب المسلح ..و الحكومة لا تتهم بذلك من تريد مفاوضتهم ..لكن لعلها قرأت قبل سنوات تقريرا سنويا لوزارة الخارجية الأمريكية نشرته مجلة فورن بولسي يشير إلى أن حركة العدل و المساواة بقيادة جبريل تمتهن قطع الطريق و النهب المسلح بآليات التمرد ..
> و تقارير أخرى تتحدث عن أن حركة مناوي تمتهن أعمال المرتزقة مع حفتر في شرق ليبيا ..وآخر الانباء من جبل مرة تتحدث عن نهب مسلح ضد قبيلة الصعدة تمارسه حركة عبدالواحد ..فأين التمرد ..؟ لا تمرد ..و لم يعد المجال مفتوحا للتمرد …فقط نهب مسلح بصورة غير تقليدية.
> لذلك نعتبر أن وثيقة الدوحة كما كانت معنية بإيقاف التمرد قبل حسمه بواسطة الجيش الحبيب .. فهي معنية بعد حسمه أيضا بتنظيف إقليم دارفور من النهب المسلح سواء ما أشارت إليه التقارير الأمريكية أو ما رشح في الأخبار المحلية مؤخرا على ألسنة أبناء قبيلة الصعدة .
غدا نلتقي بإذن الله …
خالد حسن كسلا
صحيفة الإنتباهة