شرع البرلمان في إجراءات تعديل الدستور، بهدف إلغاء المادة التي تحدد عدد دورات رئيس الجمهورية بدورتين، لتكون مفتوحة الدورات، مع تعديل مادة تعيين ولاة الولايات ليصبح اختيارهم عن طريق الانتخاب كما نص قانون الانتخابات المعدل الأيام الفائتة، ومنح رئيس الجمهورية الحق الدستوري في عزل الولاة في حالة وقوع خلاف مع الرئيس أو ما يستدعي ذلك وفق الاشتراطات الواردة في التعديلات المقترحة.
لا بأس في أن تمضي المؤسسات السياسية والتشريعية في إنجاز ما يليها من خطط وبرامج في طريق انتخابات 2020، ولكن بالمقابل، دعونا نسأل هذه المؤسسات عدة أسئلة:
هل الوضع العام في البلد حالياً مناسب للحديث، بل والانخراط عملياً في تعديلات دستورية وقانون انتخابات؟! هل الحال العام الاقتصادي وبالتالي السياسي محفز ومشجع لأي مواطن عادي، غير متحزب، للمشاركة والاقتراع في أي انتخابات.. رئاسية أو برلمانية؟ وهل الوضع الراهن الذي يعيشه غالب أهل السودان منذ شهور في مواجهة أزمات تلد أزمات، يحسب إيجابياً لصالح المؤتمر الوطني الحزب الحاكم.. ومرشحه لرئاسة الجمهورية ومرشحيه لمناصب الولاة والمجلس الوطني والمجالس التشريعية الولائية؟!
لقد تعلمنا منذ أن دخلنا المدارس الابتدائية أن الطالب الذي لا يستعد لنهاية الفترة ونهاية العام الدراسي بالمذاكرة (اليومية) والمراجعة، يسقط في الامتحانات، فهل يظن المؤتمر الوطني أن النجاح في امتحان الشعب يحتاج فقط لجلسات معدودة في البرلمان يعدلون فيها الدستور وقانون الانتخابات بالأغلبية الميكانيكية؟!
وهل النجاح في الانتخابات هو فوز مرشحي المؤتمر الوطني على مرشحي أحزاب ضعيفة وتابعة ومرشحين آخرين مستقلين في انتخابات رئاسة الجمهورية والبرلمان؟!
هل ستكون انتخابات حقيقية إذا كانت نسبة المشاركين فيها نحو (30%) وأقل، من جملة الذين يحق لهم التصويت، كما هو الحال في انتخابات اتحادات طلاب معظم الجامعات، حيث لا علاقة لغالبية الطلاب بما يجري في سوح النشاط السياسي والنقابي؟!
يجب أن ينتبه الحزب الحاكم وحكومته أنهم يواجهون صعوبات حقيقية في امتحان الشعب، في قوته ووقوده وأسعار كل السلع والخدمات.. المتزايدة ساعة بعد أخرى، وأنهم لم ينجحوا حتى الآن منذ إجازة ميزانية العام 2018 الكارثية، واليوم هم مقبلون على ميزانية 2019، بذات الفكر المضطرب والإحساس المغترب عن واقع الناس الأليم.
في رأيي.. أن تعديل الدستور وتعديل قانون الانتخابات في هذا الوقت الحرج، وفي ظل التردي المتوالي للاقتصاد، هو ترف سياسي تمارسه قيادات الحزب الحاكم، في عزف جنائزي منفرد، فهم في وادٍ.. والشعب في وادٍ آخر.
صفوف الخبز أمام مخابز العاصمة ما زالت طويلة ومخجلة.. وكذا صفوف الجاز.. فأين أنتم يا عباد الله الحكام؟
نرجو أن يكون سبت أخضر.