اعتداء من نوع آخر .. أطباء الحصاحيصا .. إساءات لفظية من معتمد المحلية

أخذت الاعتداءات على الأطباء طابعاً مغايراً بعد المشادة اللفظية التي حدثت بين معتمد محلية الحصاحيصا وطبيبات بالمستشفى، ففي الفترة السابقة جاءت الاعتداءات من قبل أفراد القوات النظامية وتارة تأتي من مرافقي المرضى، ما ترك شرخاً باذخاً في نفوس الأطباء عطفاً على ما حدث في ولاية الجزيرة وكسلا ومن بعدها القضارف والأبيض والخرطوم .

وأعلن أطباء الحصاحيصا في بيان تحصلت (الجريدة) على نسخة منه عن التوقف التام عن العمل احتجاجاً على هذه الواقعة التي وصفوها بالخطيرة.
وشددوا على ضرورة توفير معينات العمل وضمان استمرارها حتى يتسنى لهم مزاولة عملهم وتقديم خدمة طبية لائقة، وكشف أطباء الحصاحيصا عن عدم توفر كادر للتمريض بالحوادث مما أعاق العملية العلاجية للمرضى بجانب عدم وجود مدير طبي للحوادث لأكثر من شهرين، بالإضافة لعدم توفر مدير طبي عام للمستشفى ما أدى لحدوث خلل في توفير الخدمة الطبية والعلاجية وتأخير الحوافز المالية والإعاشة بـ(الميز) لكل الكوادر الطبية، وأشاروا إلى تقديم طلباتهم في وقت سابق، لإدارة المستشفى ووزارة الصحة بالولاية، لكن دون جدوى .

لم يفق الأطباء من صدمة الاعتداء علي طبيبتي مستشفى إبراهيم مالك حتى تفاجأوا باعتداء جديد على أطباء مستشفى مدني التعليمي – قسم الجراحة قبل شهرين أو يزيد، والذين تم الاعتداء عليهم من قبل مرافقين لمريضة بعد أن اقتحموا غرفة العمليات أثناء إجراء عملية استئصال زائدة دودية لمريضتهم محتجين على طول زمن العملية دون أدنى علم لهم بأن هذا شيء فني يحدده الطبيب، حيث أن لكل عملية ظروفها وحيثياتها الآنية وهنالك عوامل تتحكم في زمن العملية من ضمنها وجود أعراض مرضية قد تتداخل ما بين تخصصين طبيين، على سبيل المثال حالة المريضة صاحبة الشأن أعلاه والتي تطلبت حالتها تدخلاً تِخَصُّصَياً الجراحة والنساء والتوليد، وتم استدعاء أطباء النساء والتوليد الذين تعاملوا مع وضع المريضة بما اقتضته حالتها ما أدى إلى إطالة زمن العملية.

وسبق ذلك التعدي على الطبيبات في استراحتهن ما اعتبرته لجنة أطباء السودان المركزية تعدياً سافراً على الحريات وعدم الالتزام بالقيم السودانية .
هذان الحدثان دفعا الأطباء للدخول في إضراب عام عن جميع الحالات، وقد أثبت الأطباء التزامهم المهني والأخلاقي تجاه المرضى المنومين بقسم الجراحة حينها، حيث قاموا بتسليم الحالات إلى المدير الطبي وتحميله المسؤولية كاملة كما تنص لوائح العمل.
كما تمت صياغة مذكرة وقتها، تحتوي على شروط لتحسين بيئة العمل تفادياً لحدوث مثل هذه الوقائع التي من شأنها تعطيل العمل وإلحاق الأذى بالطبيب والمريض على حد سواء، كما وجهت الدعوى من قبل لجنة أطباء الجراحة لجميع أطباء مستشفى مدني التعليمي للمشاركة في دعم المذكرة حيث أن الاعتداء على طبيب واحد هو اعتداء على جميع الأطباء .

وقالت اللجنة في بيان للأطباء كامل الحق في اتخاذ ما هو مناسب لمنع ظاهرة الاعتداء، وأشارت إلى كل الأسباب الموضوعية التي أدت إلى تلك الظاهرة، كانت وما زالت، بل زاد الوضع سوءاً فلا بيئة عمل تحسنت ولا قانون حماية سُنَّ، ونوهت الى أن للأطباء حق اتخاذ موقف فوري وشجاع لاسترداد حقوقهم.
وأكد مراقبون أن الواقع الطبي في السودان انعكس سلباً على المرضى والخدمات الطبية التي تقدم تجاههم، بل وينعكس سلباً كذلك على عمل الكادر الطبي المعالج لأنه جزء أساسي من هذه المنظومة ويؤثر بصورة مباشرة على جودة العمل والخدمة الطبية المثالية.
وأرجعوا ذات المراقبين انتكاسة العلاقة بين المؤسسة الصحية (متضمنة للكوادر) وبين المرضى وذويهم لتراجع الواقع الصحي واعتبروه سبباً مباشراً، وفصلوا ذلك في التردي في بيئة العمل والذي لا يخفى على أحد برغم النفخ الإعلامي على جودة المؤسسات وملاءمتها للعمل، بحيث لا تتوفر أبسط الأشياء
وفيما يتعلق بالكادر الإداري الخدمي لا الشرفي لا توجد عيادات وعنابر مهيأة على مستوى الطوارئ،

وأكد المراقبون أن أغلب المستشفيات التي تدعي المثالية لا توجد بها أدوية الطوارئ وأدوات معاينة الحالات الحرجة أو معامل مكتملة وتشخيصية أو أقسام مخصصة من عنابر للعناية والكادر الطبي المكتمل (بسبب الهجرة والتوزيع غير العادل واتجاه الكادر للعمل بالمؤسسات الخاصة هرباً من الواقع الذي وصف بالمرير لا سيما وعدم إعادة النظر من الجهات المسؤولة أاو التوجه والبحث عن حلول ونوهوا إلى أن كل ما سبق تسبب في حدوث ظاهرة التعدي على الكادر الطبي وتحميلهم مسؤولية غيرهم، بسبب عدم معرفة الكثيرين عن من هو المسؤول عن التردي ومن هم أهل الشأن وما هي جهة الاختصاص.
ومن جانبها تأسفت لجنة أطباء السودان المركزية لوصول الحال لهذه المرحلة التي أطلقوا عليها مرحلة عدم الأمان الوظيفي والعملي مع غياب أدنى أسباب السلامة في كل مستشفيات السودان، ونبهوا إلى أن هذه المرحلة بكل تعقيداتها لا تصلح لتقديم الخدمة الصحية كما ينبغي.
من جانبه أكد المختص في حقوق الإنسان الرضي حسن أن للاعتداء على الأطباء والكوادر الطبية في المستشفيات جريمة جنائية يعاقب عليها القانون الجنائي للعام 1991م، لأن الاعتداء على شخص في بدنه سواء كان اعتداءً جسدياً أو لفظياً في كل الأحوال يشكل اعتداء وجريمة، وأشار إلى أن الانتهاك في هذه الحالة يكون مركباً، انتهاك للأمانة الشخصية، والسلامة الشخصية للطبيب أو للكادر الطبي في نفس الوقت يكون انتهاك لبيئة العمل الآمنة له وبالتالي يتضرر المواطنون الآخرون لأن هذا يصبح انتهاكاً للحق في الصحة، عندما يكون الكادر غير آمنٍ لن يقدم خدمة طبية جيدة، بالتالي يؤثر على حق المواطن في أن يستمتع بخدمة طبية جيدة بأفضل جودة طبية .

ويذكر أن وزارة العدل شرعت في إجراء دراسة فنية لإصدار قانون جديد يتعلق بالمسؤولية الطبية، بإشراف وزير العدل عوض الحسن النور لتوفير الحماية للأطباء أثناء تأدية واجباتهم. لكن مشروع القانون ظل هو الآخر حبيس أدراج الوزارة، وأشار المدعي العام صلاح الدين عبد الله محمد إلى أن إدارة التشريع بالوزارة تنظر في مدى علاقة التشريع الجديد بالقوانين ذات الصلة، وإمكانية تعارضه معها أو تكميله لها. وأوضح أن قانون الصحة العامة القومي لسنة 2008م أعطى متلقي الخدمة الطبية حقوقاً، كما أنه شمل على التزامات للجهة المقدمة للخدمة الطبية، وأنه وازن بين هذه الحقوق والواجبات. وفتح المدعي العام الباب أمام إمكانية تقديم مقترحات من اتحاد الأطباء بشأن تعديل قانون الصحة العامة لتوفير مزيد من الحماية لمنسوبيه، في حال الشعور بوجود قصور في القانون.

ندى رمضان
صحيفة الجريدة

Exit mobile version