ظلت الأزمات متواصلة في السلع الضرورية مثل البنزين والجازولين والخبز، وظل هذا الثالوث في حالة حلقة دائرية فما إن تنتهي أزمة الخبز تدخل أزمة البنزين وتنتهي البنزين تحل أزمة الجازولين، وهكذا يظل المواطن والدولة في حالة توهان ودوران، فبعد أن استقرت محطات الوقود في سلعة البنزين هاهي تعود الأزمة من جديد وكأنما هناك جهات تعمل على تدوير الأزمات لتجعل المواطن في حالة لهث وراء معيشته، كما تعمل على عدم استقرار الدولة خاصة رئيس الوزراء الذي جاء بطموح وأمل لمعالجة الأزمة الاقتصادية خلال فترة حددها بنفسه ولكن الطابور الخامس كما يقال لم يتركه يهدا أبداً، فإذا نظرنا إلى سلعة الوقود فنجد أن إنتاجنا من البنزين يقدر بـ(3100) طن، استهلاكنا منها اثنين ألف طن ونصدر إلى إثيوبيا(400) طن، ويصبح الفائض (700) طن، إذاً هناك مشكلة خفية أو جهات تعمل على تهريب البنزين إلى دول الجوار، وإلا لماذا نحن في هذه الأزمة المستمرة طالما لدينا فائض بعد الاستهلاك، حقيقة أن الرقابة على المنتجات البترولية ضعيفة جدا فالقانون لم يطبق على المهربين/ فإذا طبق بمصادرة الشحنات إذا تم ضبطها مع مصادرة العربات بالتأكيد هذا سيخيفهم.. ولكن أن يترك الأمر هكذا وأن المواد البترولية في السودان تعد أرخص من أي دولة من دول الجوار، لذا فإن الأزمة ليست في نقص المواد وإنما في عملية التهريب التي يقوم بها ضعاف النفوس، خاصة وأن البلاد مفتوحة مع تسع من دول الجوار فمن المستحيل ضبط تلك الحدود، فالناظر إلى كل المنتجات السودانية أو المستوردة من الخارج الدقيق والسكر وغيرها من المنتجات نجدها تهرب نهاراً جهاراً وحتى الأجهزة الأمنية لم تستطع مقاومة أولئك المهربين.. فإذا عجزنا عن ضبط المهربين بمطار الخرطوم الذي عليه قيود ورقابة مشددة، فكيف نتمكن من ضبط تلك الحدود وسط الفيافي والخلاء، فمهما عملت الأجهزة الأمنية فلن تستطيع ضبط المهربين، فالحل الوحيد لمنع التهريب زيادة مرتبات العاملين في تلك الحدود منعاً لإغرائهم من ضعاف النفوس.. فإذا كان العامل أو شرطي الجمارك الذي يحرس الحدود لا يجد لقمة العيش بالتأكيد مهما قاوم الإغراءات ففي النهاية النفس ضعيفة فلابد أن يستجيب خاصة وأن الإغراءات بتكون كبيرة من قبل المهربين، وأحيانا إذا لم يستجب ربما فقد روحه.. فأولئك لا ذمة لهم فيمكنهم أن يعملوا على تصفيته أن لم يرضخ لأوامرهم، إن الأزمات التي تتكرر كل يوم أو كل أسبوع أو كل شهر في ظني أنها أزمات وراؤها عصابات لا تريد لهذا الوطن أن يستقر.. فإذا كانت هذه العصابات لا تخشى الله فلابد من التعامل معها بالحزم والقوة وأحيانا بالتصفيات الفورية وإلا فإن الوطن لن ينهض ولن يستقر، ومهما تغيرت الحكومات وتبدلت فإن الوضع سيظل كما هو، فالسيد رئيس مجلس الوزراء، وزير المالية، مهما أوتيت من قوة ومن طاقة فلابد في النهاية أن تخير قواه، وربما يصاب بالإحباط أن لم يكن قد وصله فعلا، وفي النهاية سيترك الجمل بما حمل أو تقوم الدولة باستبداله بوزير آخر إذا كثرت المشاكل ولم يستطع الإصلاح، فكل شيء وارد، ولكن لابد من الحزم واتخاذ الإجراءات السليمة أو الصحيحة للقضاء على أولئك المفسدين.
صلاح حبيب – لنا رأي
صحيفة المجهر السياسي