اتفاقية سلام الجنوب تواجهها عقبة التمويل

رفض المجتمع الدولي ودول الترويكا دعم اتفاقية سلام الجنوب الموقعة برعاية من الخرطوم سبتمبر الماضي، ودفع بثلاثة شروط لتقديم الدعم، أجملها في إطلاق سراح الأسرى ومحاسبة المتورطين في انتهاكات ضد المدنيين وتطبيق بنود تجميع القوات بين الحكومة والمعارضة على أرض الواقع.

وواجهت مطالبة النائب الأول للرئيس “تعبان دينق” في زيارته الأخيرة إلى واشنطن كثيرا من العقبات والاعتراضات، ورفضت إدارة الرئيس “ترمب” تقديم دعم للاتفاقية، لاسيما وأن دور دول الترويكا في جنوب السودان انحصر في إرسال قوات لحماية السلام لتخطي الطرق الصعبة، وفرضه بقوة الحماية إلا أنها فشلت في تحقيقه، وقالت دول الترويكا (المملكة المتحدة والنرويج وبريطانيا) لديها نقاط قوة فريدة يمكن أن تؤثر على اتفاقية السلام، واشترطت الترويكا أن يتم تقديم المتورطين في الحرب إلى محاكمات وإعادة شرعية السلام إلى أرض الواقع، ومشاركة المواطنين في العبء والسلام، وقالت قيادات بدولة جنوب السودان لـ(المجهر) إن الجنوب يمتلك الموارد التي تساعده في تسهيل عملية السلام وأن المجتمع الدولي لا يقدم دعماً دون مقابل وأشاروا إلى أن الاتفاقية تطالب القيادات بالبحث عن الدعم المالي.

واقر الأمين العام للمعارضة بجنوب السودان “تنقو بيتر ربنقو” ببطء تنفيذ اتفاق السلام بسبب العجز المالي.
وقال “بيتر” إن اللجنة الوطنية السابقة للانتقال، وهي هيئة مكلفة بمراقبة وتنفيذ أنشطة فترة ما قبل الانتقال البالغة (8) أشهر، لا يمكنها الوفاء بجداولها الزمنية إذا لم تفعل ذلك وتتوفر لديها موارد كافية.

وأشار إلى أن اتفاقية السلام، تشمل بعض الأنشطة على رأسها تدريب وتأهيل قوات المعارضة والفصائل لتأسيس الجيش الوطني بجانب ترسيم حدود الدولة، وقال إنه يتعين الانتهاء من هذه الأنشطة بحلول منتصف العام المقبل عندما تبدأ الفترة الانتقالية.
ودعا “بيتر” المانحين وأصدقاء جنوب السودان ودول الترويكا والمجتمع الدولي، إلى تقديم الدعم المالي لتنفيذ اتفاقية السلام وزاد أن اتفاقية ستجلب سلامًا دائمًا إلى الجنوب.
وطالب بالتزام الحركة الشعبية لمنظمة الطيران الدولية الكامل بتنفيذ الاتفاق.

وقال كبير المحللين السياسيين السابق “لسلفا كير” “يوهانس موسى” إن الاتفاقية تواجه أزمة في تأخر جداول تنفيذ الاتفاقية والفترة الزمنية لها، وأضاف “موسى” في حديثه لـ(المجهر) إن اللجان المختصة بتنفيذ البند المتعلق بتحديد عدد ولايات الجنوب لم تعقد أولى جلساتها حتى الآن بالرغم من مضي شهرين من وقتها القانوني الذي تم تحديده، وأشار إلى أنه لا يوجد أي تفسير واضح من قبل الوساطة حول تأخير بدء إعادة انتشار وجمع قوات الجيش الشعبي والمعارضة والفصائل في معسكرات التدريب التي تم الاتفاق عليها، وارجع الأسباب الرئيسية لتأخير تنفيذ الاتفاقية إلى غياب التمويل لعمل اللجان التي تم تكوينها والقوات المتفق عليها، وقال إن الجنوب الآن لا توجد به أي ميزانيات أو تمويل قليل لهذه اللجان، وزاد حتى من الدول الراعية لتلك الاجتماعات، وأوضح أن الاجتماعات الآن تدور بالخرطوم وجوبا فقط دون مبادرة من الدول الأعضاء في الاتفاقية.
ولعل ما ذهب إليه عضو المكتب السياسي بالمعارضة “اقوك مكواك” أن الصعوبات التي تواجه الاتفاقية تتمثل في اللجان التي تم تكوينها، وقال إن حكومة جوبا ألزمت بشروط لتلقي التمويل لتنفيذ الاتفاقية، وهي إطلاق سراح المعتقلين وأسرى الحرب، وقال إن التحديات المالية في الجنوب كبيرة جداً، وأشار إلى أن الوضع المالي بالجنوب يشهد الكثير من الصعوبات بسبب الحرب، وأضاف أن الجنوب الآن يمر بظروف مالية كبيرة تحتاج إلى توفيق ودعم وأوضح أن الاتفاقية التي تضمنت الدعم المالي تتطلب توافق الوسطاء ودول المجتمع الدولي والترويكا التي تمثل الداعم السياسي للاتفاقية ومساهمتها في تحقيق نسبة تنفيذ الاتفاقية، وأبان “مكوك” أن الالتزامات المتعلقة بانسحاب الحكومة من المناطق التي كانت تحت سيطرتها والمعارضة أيضا هذا أدى إلى دفع مسألة الثقة بين الأطراف وقال إن التحديات الآن تتعلق بالوضع المالي للاتفاقية ونجاحها بتوفير الدعم المالي للجان الاتفاقية ولجنة مراقبة الاتفاقية والفترة ما قبل الانتقالية المتمثلة في تبشير بعملية السلام والاستقرار بين الأطراف، وأوضح أن موقف دول الترويكا والمجتمع الدولي بتنفيذ شروط الاتفاقية وإطلاق الأسرى.

وقال مدير الإعلام والعلاقات الخارجية بالحركة الشعبية بالمعارضة “فوك بوث” لـ(المجهر): إن الأموال أصبحت عصب تنفيذ الاتفاقية، وخاصة في المرحلة الحالية ومرحلة تكوين الجيش القومي وتوفير المعدات العسكرية لهذه القوات، بجانب لجان المراقبة، والاتفاقية تحتاج إلى تمويل ونشر ثقافة السلام أيضاً في حاجة إلى تمويل، وأشار إلى الاعتماد في الوقت الراهن على مورد واحد وهو أموال النفط، وقال: يجب استقطاب أصدقاء الجنوب لتمويل الاتفاقية، وأوضح أن هناك دولاً محددة في الاتحاد الأفريقي معنية بتمويل الاتفاقية، والاتحاد الأفريقي له دور في المساهمة ودول (الترويكا) والمجتمع الدولي، وقال: إن تدريب الجيش الوطني يحتاج إلى تمويل في ظل رفض المجتمع الدولي دعم الاتفاقية، وأبان أن الاتفاق خاطبت كيفية أن يكون هناك تمويل مالي للجان الاتفاقية للمساعدة في نشر برامج التوعية، ودور اللجنة القوية المشرفة على توفير الموارد وإدارة عائدات البترول ومساهمتها في استقطاب أصدقاء الجنوب، وقال مضيفاً: إن دول الاتحاد الأفريقي و(الإيقاد) تمتلك القدرة على تمويل الاتفاقية حتى إنزالها إلى أرض الواقع، ومشاركة الاتحاد الأفريقي ضرورية، وأشار إلى أن الفرقاء لا يتحدثون في جانب من أين تأتي هذه الأموال، بل في كيفية إنجاح الاتفاقية.

صحيفة المجهر السياسي

Exit mobile version