يبدو أن السودان لا زال يمثل قلب أفريقيا النابض من خلال موقعه، والذي يعتبر منصة لإطلاق المبادرات والفعاليات المتعلقة بنهضة القارة وتقدمها ، حيث كانت قاعة الصداقة بالخرطوم يوم أمس على موعد مع انعقاد الدورة الثانية عشرة للجنة المديرين العامين للمكاتب الإحصائية الوطنية بأفريقيا تحت شعار (كسب المعركة ضد الفساد كطريقة للتحول في أفريقيا) والذي ينظمه الجهاز المركزي للإحصاء بالسودان برعاية وزير الخارجية “الدرديري محمد أحمد” وتشريف “أحمد سعد عمر” وزير رئاسة مجلس الوزراء بحضور رؤساء المكاتب الإحصائية الوطنية بأفريقيا والمجتمعات الاقتصادية الإقليمية ومراكز التدريب الإحصائية ومنظمات إقليمية وأفريقية وممثلي وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الحكومية الدولية والمنظمات الحكومية والمؤسسات الأكاديمية والبحثية والإحصائيين الشباب والمجتمع المدني والمنظمات والعاملين في القطاع الخاص.
وبحسب منظمي الحدث فإن الهدف العام منه مناقشة الوضع والتحديات في إنتاج البيانات المتعلقة بالفساد والمؤشرات ذات الصلة في أفريقيا ، مع الأخذ في الاعتبار مخزون مختلف الالتزامات المتعلقة بتطوير الإحصاءات على المستوى القاري والإقليمي والوطني لدعم تنفيذ ومراقبة إستراتيجية توحيد الإحصاءات في أفريقيا وجدول أعمال 2063 و 2030.
وركزت مناقشات المشاركين في إنتاج البيانات المتعلقة بالفساد والمؤشرات ذات الصلة في أفريقيا ، (الوضع ـ التحديات) بجانب إحاطة التقدم المحرز في تنفيذ إستراتيجية توحيد الإحصاءات في أفريقيا ومناقشة وضع تفعيل مركز التدريب الإحصائي الأفريقي ومعهد الاتحاد الأفريقي للإحصاء والنظر في إستراتيجيته وعرض التقدم المحرز في تنفيذ الأنشطة التي تم القيام بها في إطار برنامج الإحصاءات الأفريقية وتحديد بناء القدرات والاحتياجات الأخرى التي تتطلبها الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي ومناقشة البنود المقترحة من قبل معهد الإحصاء الوطني، ومكاتب الإحصاءات الوطنية للاتحاد الأفريقي المتعلقة بالتطوير الإحصائي وطريق المضي قدماً لتنفيذها.
ويهدف المؤتمر إلى نشر الوعي بجدول أعمال أفريقيا 2036 وجدول أعمال 2030 بما في ذلك إطلاق تقرير عن أهداف التنمية المستدامة لأفريقيا في 2018م.
ويبدو أن المشاركين في المؤتمر يسعون إلى تغيير الصورة الذهنية والاعتقاد السائد بأن الفساد منتشر على نطاق واسع في أفريقيا ويتجلى في أشكال مختلفة. ويتفق المراقبون لأوضاع الدول الأفريقية على الأسباب التي تعزز الفساد وهي سوء ظروف العمل ، نقص التدريب ، وتدني الأجور ، كما أن الفساد يعيق النمو الاقتصادي ويزيد الفقر ويحرم الفئات الأكثر تهميشاً من الوصول العادل إلى الخدمات الحيوية مثل الصحة والتعليم ويشكل عقبة رئيسية أمام تحقيق أجندة (2030ـ 2063) لأهداف التنمية المستدامة .
في بداية المؤتمر الذي بدأ بأغانٍ شجية من الفنان “عبد القادر سالم” وفرقة الرقصات الشعبية، ثم تحدث المدير العام لجهاز المركزي للإحصاء بالسودان “كرم الله علي عبد الرحمن” مقدماً الشكر للجهات المشاركة ، منظمة الشفافية العالمية ،ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة ومكتب الإحصاء السويدي ووزارة الخارجية ومجلس الوزراء في دعم الإحصاء والمؤسسات الداعمة كما هنأ مدير الإحصاء بتونس الذي تم اختياره مديراً لمعهد التدريب العربي.
وقال دكتور “فيكتور هاريسون” مفوض الشئون الاقتصادية للاتحاد الأفريقي ، إن الخرطوم معروف أنها عاصمة الإحصاء الأفريقي ، مؤكداً أن المؤتمر يجسد تطور الإحصاء في أفريقيا ودوره في محاربة الفساد وعدم المساواة والفقر ،وقال إن الفساد يعيق فوائد اقتصادية تتحصل عليها المجتمعات ،مشيراً إلى أن هنالك جهوداً إحصائية من أجل التنمية، منوهاً أن الاتحاد الأفريقي وضع إستراتيجية وميثاقاً أفريقياً خاصاً بالإحصاء منذ 2009 لمحاربة الفساد صادقت عليه (23) دولة ودخل حيز التنفيذ منذ 2015م ، وبجانب الإستراتيجية القارية للعشر سنوات القادمة، مشدداً على أن أفريقيا في حاجة أكثر من أي وقت مضى لمحاربة الفساد.
ويرى “فيكتور” أن عدم التنسيق بين الدول يمثل عقبة كبيرة ، لافتاً إلى دور المعهد الأفريقي للإحصاء في تونس التابع للاتحاد الأفريقي، وقدم “فيكتور” الشكر لبنك التنمية الأفريقي والاتحاد الأوروبي والبرنامج الأفريقي لتنمية الإحصاء ، ومكتب العمل الدولي وبرنامج الهجرة العالمي، ورحب بالتعاون مع كل المؤسسات والشركاء في تطوير الإحصاء، وقدم “فيكتور” أنموذجاً لأول تقرير أفريقي عن الإحصاء في أفريقيا، وتقرير عن التنمية المستدامة في أفريقيا صدر هذا العام ، معلناً عن خطوات حاسمة من أجل المواءمة وبث القدرات في المؤسسات.
ورحب وزير رئاسة مجلس الوزراء “أحمد سعد عمر” بكافة الحضور في المؤتمر ، وأكد أن الحكومة أولت اهتماماً خاصاً بالإحصاء وظلت تدعمه، معلناً عن إجازة مجلس الوزراء لقانون الإحصاء للعام 2018م ، وأشار إلى إن السودان سيكون منطلقاً لمحاربة الفساد في أفريقيا ، وأضاف “إن قضايا المؤتمر تعد مفتاحاً للتنمية الاقتصادية في أفريقيا”
ويختتم المؤتمر غداً أعماله بالخرطوم بإصدار توصيات تدعم تنفيذ اتفاقية الاتحاد الأفريقي لمنع الفساد ومكافحته، والتي اعتمدت في عام 2003م وهي تمثل توافقاً في الآراء بشأن ما ينبغي أن تقوم به البلدان الأفريقية في مجالات المنع والتجريم والتعاون الدولي واستعادة الأصول .
وقدم السودان ورقة عن التجارة في أفريقيا قدمها مدير الإدارة الاقتصادية بجهاز الإحصاء العالم “عبد الغني أحمد” ، وتشير مفوضية الاتحاد الأفريقي للشئون الاقتصادية أن مؤشر الفساد القائم يتطلب بيانات شاملة هي ليست متاحة بسهولة للعديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي، ويتعين على الحكومات إظهار الالتزام المالي والسياسي في جمع البيانات، وينبغي على مكاتب الإحصاء الوطنية وجميع الوزارات المختصة والمؤسسات الخاصة توفير قدرة بشرية كافية لضمان تحديث البيانات بانتظام.
الخرطوم : سيف جامع
صحيفة المجهر السياسي.