عثمان..
> السيد صلاح المجذوب/ الذي يكتب إلينا الخميس عن إثيوبيا/ مخدوع هو؟!
> نعم.. هو مخدوع مرة.. لكنك أنت مخدوع مائة مرة فقط
> ونحن نركم الأحداث أمامنا ثم نعيد قراءتها لنفهم.. فالخبر الآن.. كل خبر (ليس هو .. (ماذا) حدث.. الخبر الآن هو (لماذا) حدث
> وركام الأخبار.. وركام (لماذا) يجعلنا نكتب
> الأسبوع الماضي.. مشاريع الدمازين الزراعية.. كلها.. كلها.. تشتريها جهات غامضة
> والشراء ليس خبراً.. الخبر هو أن الجهات تلك تشتري المحصول كله.. كله
> وبأسعار مجنونة..
> أسعار تقول إن الهدف ليس هو التجارة بل شيء وراء ذلك
> والدمازين أصابعها تشير إلى القضارف ومشاريعها.. فلابد أن البعض الغامض هذا يشتري محصولات القضارف أيضاً
> و.. و.. نكتب.. ثم نتساءل (لماذا)
> الإجابة مخيفة مرة/ وهي فقرة منفردة..
> والإجابة مخيفة ألف مرة وهي تقرأ مع الأحداث التي تدوي الآن في السودان
(2)
> كل شيء .. الجوع.. الفساد.. التخبط أشياء كانت تقف عند إهلاك أهلها فقط.. في الستينات والسبعينات
> الآن الإهلاك شامل
> وكل شيء نحصره في رسومات كاريكاتيرية
> ترسم فساد الأيام تلك.. كاريكاتير لأنه يوجز
> ورسم.. في أول حكومة النميري وفيه بائع السعوط يملأ كيس السعوط لبعض كبار الأفندية أمامه وهو يقول لهم
: تاني مافي سف.. إلا هنا
> وعن الرشوة رسم.. وفيه المواطن يقول للموظف
: يعجبني فيك إنك راجل بتقبل (النقد)
> وعن شح السيولة.. الرسم فيه موظف الخدمة يدخل بيته وهو يحمل (بالة) قطن وهو يصيح بزوجته
: يا ولية.. حضري مترارك.. الماهية صرفوها لينا قطن
> كان العالم يتوقف عن شراء القطن.. ولا سيولة عند الدولة
> وعن الاختفاء الدائم للنفط والجاز.. المواطن الذي يمشي خلف الجنازة (والميت انتحر بحرق نفسه) يقول لمن يمشي معه همساً
: هو المرحوم لقى الجاز وين؟
> وعن اختفاء كل شيء الطرفة تقول إن بعضهم يصطاد سمكة.. ويبحث عن الزيت لطبخها ولا زيت .. يبحث عن الوقود لطبخها ولا وقود.. يبحث عن كهرباء الثلاجة لحفظها ولا كهرباء.. و..
> المواطن يلقي بالسمكة في النهر والسمكة تهتف : عاش النميري!!
> خراب.. لكنه كان في زمان السودان فيه ليس هدفاً للدمار
> الآن السودان أمام مدفعية معروفة لضربه
(3)
> وأساليب للدمار..
> والأساليب ما يجعلك تغفل عنها هو أنها تخفى بأسلوب (الكلمات.. المتقاطعة)
> إثيوبيا.. آبي أحمد.. لقاء.. حصار أمريكي للسودان.. رفع الحصار.. إعادة الحصار.. مفاوضات ومطالب.. و.. و..
> ركام دون معنى .. لكن الركام هذا يصبح له معنى مخيف حين ترصفه أنت (مثلما ترصف الحروف) ثم تقرأه
> وصناعة اليأس جزء من السلاح القاتل
> وصناعة اليأس (عندنا) وأسلوب التفاوض الأمريكي معنا أشياء تلتقي
> وفي علم النفس يجعلون الفأر الجائع في غرفة زجاجية لها عشرة أبواب ويضعون الطعام خلف باب منها
> والفأر يندفع.. حتى إذا اقترب.. أغلقوا الباب
> ثم فتحوا آخر.. وخلفه طعام والفأر يندفع حتى إذا اقترب أغلقوا الباب
> و..و..
> وجدوا أن الأمر ينتهي بالفأر الجائع وهو ينظر إلى الطعام خلف الباب التاسع أو العاشر.. دون أن يتقدم إليه..اليأس يفعل هذا.. بالفأر وبالشعوب وبالدول
> لكن الحصار لا يريد منا أن نشعر باليأس فقط.. الحصار يريد ما وراء ذلك
> أن يأخذ ويأخذ.. دون ثمن
> وكيسنجر يحاضر المفاوضين الأمريكيين ليقول
: إن كنت تريد عشرة مطالب من دولة فقيرة.. فلا تقدمها كلها.. قدم طلباً واحداً.. ومعه إغراء يسيل له اللعاب
> الدولة الفقيرة سوف تتردد.. ثم تقبل
> عندها لا تقدم المكافأة.. بل اجعل المكافأة أقرب بخطوة.. ثم اطلب طلباً آخر
> عند الطلب الخامس/ الدولة الفقيرة التي قدمت لك أربعة مطالب/ سوف تجد أنها قد تورطت.. عندها الدولة تلك سوف تتجه (لإنقاذ) ما قدمته لك..
> و..
> قال كسينجر
: هكذا تحصل على كل شيء دون أن تقدم شيئاً
> وأمريكا.. وبأسلوب التعامل مع الفأر الجائع.. تحاصرنا.. ثم تعلن رفع العقوبات.. بعد الحصول على مطالب بأسلوب كسينجر.. ثم أمريكا تعود الأسبوع الماضي لإغلاق الباب وإبقاء الحصار حتى تحصل على.. وعلى
(5)
> ما صلة هذا بما يجري في شرق السودان؟!
> الصلة كلها هناك
> والصلة هذه تنسج تحت الأرض منذ سنوات.. وما يجري الآن ليس هو أن الصلة هذه.. صلة حلقات المؤامرة.. ما يجري الآن هو أن الحلقات هذه (تظهر) على السطح
> السد.. وآبي أحمد.. والتقارب.. ودول عربية.. والأرض.. وحرب اليمن
> واستخدام الحريق الاقتصادي في الداخل.. و استخدام أشياء لا تنتهي
> نسكبها غداً..
ما لم يجد شيءُ في الأحداث الآن فالحريق لا يتوقف
> وفي غرب السودان المزارعون يحرقون (شريطاً حول زراعتهم.. حتى إذا نشبت الحرائق واقتربت.. توقفت عند (شريط الرماد)
> وهو الشريط الذي أحرقوه
> والسودان يعمل بالأسلوب هذا
> لكن
إسحق فضل الله
الانتباهة