اليوم تحدد الحركة الإسلامية السودانية خيارات قيادتها للدورة القادمة، وذلك من خلال المؤتمر العام التاسع الذي سيعقد بأرض المعارض ببري اليوم،
لاختيار أمين عام جديد للحركة الإسلامية. وسبقت ذلك مؤتمرات قاعدية عقدت في عدد من ولايات السودان .
فك ارتباط
في غضون الأيام الماضية، أطل الأمين العام للحركة الإسلامية الزبير أحمد الحسن على أكثر من نافذة إعلامية مقروءة ومسموعة ومشاهدة، الشاهد الأبرز في إطلالة الأمين العام هو تأكيده على فك ارتباط الحركة الإسلامية بتنظيم الإخوان المسلمين منذ سبعينيات القرن الماضي.
لم يكن الزبير أحمد الحسن، هو الاول الذي يؤكد على عدم وجود روابط بينهم والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، حيث قال الرئيس عمر البشير في أكثر من مناسبة إن الحركة الإسلامية ليست جزءاً من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وهو ذات ما ذهب إليه الزبير أحمد الحسن.
الأب الروحي للحركة الإسلامية، الراحل د. حسن الترابي، أشار في الحلقات التوثيقية التي جاءت موسومة باسم شاهد على العصر على فضائية الجزيرة، إن ارتباطهم بالإخوان المسلمين كتنظيم دولي انتهى مبكراً، بيد أن الترابي أكد في إفادتهم أن الارتباطات الفكرية مع تنظيم الإخوان المسلمين موجودة، ولكن ليست جزءاً من القيادة القطرية للتنظيم .
متى انتهت العلاقة؟
الشيخ الزبير أحمد الحسن، أشار في إفاداته الإعلامية أن العلاقة مع تنظيم الإخوان المسلمين انتهت منذ العام 1971م، بالتالي صارت الحركة الإسلامية السودانية حركة مستقلة تدار من الداخل وليس من الخارج، وبدأ الخلاف في السبعينيات حين كان الترابي معتقلاً ورفض مبايعة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، إلا أن مجموعة بقيادة صادق عبد الله عبد الماجد، والحبر يوسف نور الدائم قررت مبايعة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ومنذ ذلك الوقت صار اسم الإخوان المسلمين يطلق على المجموعة التي كان يقودها الراحل صادق عبد الله عبد الماجد والحبر يوسف نورالدائم، ولاحقاً انقسم الإخوان المسلمون تحديداً في العامين الماضيين بعد الخلافات التي ضربتهم وقضت بخروج الشيخ علي جاويش من صفوف التنظيم.
المهم في الأمر، لم تكن الحركة الإسلامية السودانية هي الأول التي أعلنت فك ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين، حيث ذكر رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس خالد مشعل في العام الماضي أن حركتهم ليست لها صلة قيادية بالإخوان المسلمين، ولكن تتبع لهم من ناحية فكرية .
ما وراء الابتعاد؟
صحيح أن العلاقة بين إسلاميي السودان والإخوان المسلمين انتهت مبكراً، ومنذ عهد الراحل حسن الترابي، وظل إسلاميو السودان في حالة نأي تام بأنفسهم عن أي ارتباط مع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وينطبق الأمر على كل التيارات الإسلامية بالسودان سواء كان ذلك على صعيد المؤتمرين الوطني والشعبي ومنبر السلام العادل، والإصلاح الآن و”السائحون”، ولكن الشاهد في الأمر أن الحركة الإسلامية السودانية الجناح الفكري والدعوي للمؤتمر الوطني ظلت تشير مراراً وتكراراً إلي أنها ليست لها علاقة بالتنظيم الدولي، وبحسب مقربين من الحركة الإسلامية أن بعض الدول على المحيطين العربي والأوربي لديها مواقف متطرفة من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين خاصة بعض الدول الخليجية، لذلك فضلت الحركة الإسلامية السودانية النأي بنفسها عن التقارب مع التنظيم الدولي حفاظاً على علاقات ودية تربط بين الحكومة وبعض الدول التي تبغض الإخوان المسلمين .
الحركة والحزب
جدل كثيف يدور حول العلاقة بين الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، ويتساءل البعض أيهما أكبر وأكثر تأثيراً، في هذا الصدد قال الزبير أحمد الحسن في تصريحاته الصحفية في الأيام الماضية، إن المؤتمر الوطني هو الذراع السياسية للحركة الإسلامية، أي أن كل حركة إسلامية تعتبر “مؤتمر وطني”، قريباً من ذلك، قال د. أمين حسن عمر في تصريحات سابقة (للصيحة) إن الحركة الإسلامية بمثابة حاضنة فكرية ودعوية للمؤتمر الوطني، وإن هنالك أدواراً تقوم بها الحركة الإسلامية يصعب على المؤتمر الوطني القيام بها، وأضاف: الحركة الإسلامية تنظيم يضم المسلمين ولا يوجد بينهم مسيحي أو وثني، عكس المؤتمر الوطني الذي يوجد ضمن صفوفه الأقباط وغيرهم من أصحاب الديانات الأخرى.
في ذات الصدد ذكرت القيادية التاريخية بالحركة الإسلامية دكتورة سعاد عبد الرازق في أوقات سابقة (للصيحة)، إن الحركة الإسلامية هي الأكبر وهي الأبقى وهي من تدعم المؤتمر الوطني بالعضوية والتوجه الفكري .
المنهج الحالي
الشاهد أن منهج الحركة الإسلامية الحالي، يبدو أقرب للدعوة والفكر، حيث ابتعدت الحركة الإسلامية السودانية في عهودها الأخيرة عن العمل السياسي، وانصب جهدها في العمل الفكري والدعوي، بينما يقود المؤتمر الوطني العمل السياسي والتنفيذي، وربما يستمر منهح الحركة الإسلامية بذات الأسلوب لخمس سنوات قادمة، بعدها سيكون مصير الحركة الإسلامية مختلفاً خاصة أنها نجت بأعجوبة من الحل والتذويب في المؤتمر الوطني في العام الحالي بعد تعالي الأصوات المنادية بحلها ودمجها ضمن قطاع الفكر والثقافة بالمؤتمر الوطني، إلا أن إصرار قواعد الحركة الإسلامية على استمرارها بذات الاسم والمنهج جعلها باقية لحين آشعار آخر .
الخرطوم: عبد الرؤوف طه
صحيفة الصيحة