ظلت العلاقات السودانية الأمريكية في حالة شد وجذب لفترة طويلة من الزمن، ولم تصل العلاقات إلى مرحلة الرضا الكامل خاصة من جانب الأمريكان وحكوماتهم،
فرغم العداء في بداية الإنقاذ، ولكن الإنقاذ طوت تلك الصفحة في ظل الحصار الذي فرضته أمريكا عليها، وكلما حاولت الحكومة أن تحدث اختراقا لتحسن العلاقات نجد تباعدا من جانب أمريكا، إلى أن بدأت عمليات الاختراق التي قادت وزير الخارجية السابق البروفيسور “إبراهيم غندور” فأحدثت نوعاً من الرضا، ورفعت بموجب ذلك الحصار الاقتصادي الذي فرضته منذ العام 1997 ثم بدأت محاولات أخرى لرفع اسم السودان من تهمة الدولة الراعية إلى الإرهاب، ولكن التربص الأمريكي بالسودان ورفع الاسم يتطلب بعض الشروط التي تحاول أمريكا أن تضغط عليه من خلالها، فالزيارات الرسمية التي قادها المسؤولون السودانيون للولايات المتحدة الأمريكية لم تشفع، وكلما حان الوقت لاتخاذ القرار جاءت بحجة جديدة بأن السودان لم يزل يرعى الإرهاب، وهذا القول من جانب أمريكا لا يسنده منطق لأن الذي أرادته أمريكا أن يفعله السودان لها فعله، أما أن تأتي بشروط جديدة فهذا نوع من التعجيز أو التربص، وعلى السودان أن يستمر في مواقفه التي ترضيه من أجل احترام الآخرين، ولكن يجب ألا يركع لها مهما فعلت، فهل تعطل دولاب الدولة طوال الفترة التي حظرته أمريكا هل مات الشعب بسبب الحصار الظالم الذي فرضته، إن الولايات المتحدة الأمريكية تحترم الدولة القوية أما الدولة الخانعة فتزيد من ضربها وحصارها، فالسودان لم يستفد حتى من رفع الحصار الاقتصادي المفروض عليه بل ازدادت المعاناة على الشعب، وربما الحالة التي كان عليها إبان فترة الحصار أفضل مما بعدها، لذا فإن الشروط التي تطالب بها أمريكا أن يلتزم بها السودان لا اعتقد أنها سوف تقدم أو تأخر في ما تريده، فما الذي قدمته أمريكا إلى المملكة العربية السعودية بعد أن نهبت المليارات من الريالات وذهب بها الرئيس “ترمب” إلى بلده؟، “ترمب” لا يهمه الآن إلا جمع مال الدول العربية والعمل على تركيعها، فإن استجابت سيكون هناك مزيد من الضغط، فعلى السودان أن يوحد جبهته الداخلية وأن يتصالح مع معارضيه بالداخل والخارج، وأن يعمل من أجل المصلحة العامة، فإن استطاعت الحكومة أن تعمل ذلك فلا أمريكا ولا غيرها يمكنها أن تنال منه، فالحكومة وهي في حالة ضعفها الأولى لم تستجب إليها بل ناصبتها العداء وخرجت المسيرات المنددة بها، وما الشعارات السابقة (الأمريكان ليكم تسلحنا) كانت أشبه بالرصاص الذي ينطلق من كل الاتجاهات، وهذه الشعارات أخافتها وسارت الدولة في عملية البناء والإعمار، وتم استخراج البترول والسودان في قمة العداء إليها ولكن لم تتوفق الدولة في توظيفه لمصلحتها.. حتى تتمكن من الوقوف بقوة في مواجهتها، إن الولايات المتحدة الأمريكية أن رغبت في تحسين علاقاتها مع السودان يجب ألا تضع شروطاً لذلك، لأن ما فعله السودان خلال الفترة الماضية كفيل بعلاقات مميزة معها بل تعجل برفع اسمه من قائمة الدول التي ترعى الإرهاب، وهي تعلم تماماً أن السودان من الدول المتعاونة في القضاء على بؤر الإرهاب بالمنطقة وليس زيادتها، ومن هنا يجب أن ترفع اسمه فوراً ودون أي شروط.
صلاح حبيب – لنا رأي
صحيفة المجهر السياسي