هل تتولى جهة سيادية مختصة برنامج رحلات السيد رئيس الجمهورية أو نائبيه ومساعديه .. الخارجية بالتنظيم والتوجيه ، أم أن الأمر متروك لاجتهادات فردية ،
كأن يسافر مساعد الرئيس السيد “الحسن الميرغني” إلى الولايات المتحدة لشأن خاص في رحلة قد تستغرق أسابيع ، أو يزور الشيخ الورع الزاهد العابد مساعد الرئيس “موسى محمد أحمد” جارتنا الحبيبة “إريتريا” فيقضي فيها شهراً ، سواء كان ذلك لمهمة خاصة أو عامة أو مختلطة ؟
وحتى رحلات السيد الرئيس ، ألحظ أن بها تقاطعات قد تكون مقصودة لتأكيد (الحياد الإيجابي) بين المحاور الإقليمية والدولية وقد تكون غير مقصودة ، فما أن أنهى الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” زيارة ناجحة للبلاد وقع خلالها الجانبان السوداني والمصري (11) اتفاقية وميثاق شرف صحفي ، حتى غادر الرئيس “البشير” إلى تركيا تلبية لدعوة الرئيس “أردوغان” لحضور حفل افتتاح مطار “اسطنبول” الجديد ، ثم زار وزير الدفاع التركي ميناء “سواكن” ، رغم بطء بل سلحفائية المشروع التركي في ترميم وتطوير المدينة التاريخية الأثرية ، وخلال وجود الوزير التركي في البلاد .. زار الرئيس “البشير” مصر مشاركاً في جلسة ختام مؤتمر الشباب العالمي بمدينة “شرم الشيخ” الساحلية .
صراحة .. لم أستوعب تفاصيل هذا (الكوكتيل) المدهش في مسارات علاقاتنا الخارجية !!
هل السيد وزير الخارجية أو مؤسسة الخارجية طرف أصيل في وضع برنامج رحلات واستقبالات سيادة الرئيس المعنية بالشأن الخارجي ، أم أن الوزارة تكتفي فقط بإحالة الدعوات إلى القصر الرئاسي دون مذكرة ملحقة تحوي توصية من وزير الخارجية بشأن الدعوة ، تلبيتها .. تأجيلها .. اقتراح تمثيل أدنى من الرئيس ؟
إن كان دور الخارجية ، طيلة العهود الماضية من عمر (الإنقاذ) هو فقط تحويل الدعوة لرئاسة الجمهورية – حسبما علمت من مسؤول سابق – فالأمر يحتاج إلى مراجعات وإعادة نظر .
في رأيي .. أن أخذ رأي وزير الخارجية ومدير الأمن والمخابرات ، أمر مهم وضروري ، في كل نشاط قيادة الدولة الخارجي ابتداءً من (القصر) .. إلى رئاسة البرلمان .. وإلى رئاسة الحزب الحاكم ، حتى تتمكن الدولة من تحقيق نتائج ملموسة ومحسوسة اقتصادية وسياسية لصالح السودان .
قد يبدو الأمر اعتيادياً بالنسبة لنا ، وقد يقول قائل : (نحنا محايدون ، ولسنا طرفاً في أي صراع ، ومن حقنا أن نتحرك بحرية في كافة الاتجاهات).
قد يكون ذلك صحيحاً ، ولكن الأصح منه أن تسعى الدولة عبر النشاط الخارجي لتحقيق أكبر قدر من المكاسب السريعة والمضمونة بما يدفع عجلة اقتصادنا الوحلة ، بالتركيز على الاتفاقيات المأمولة قريبة النفاذ ، وليس التمدد في علاقات شرقية وغربية ، ليس من ورائها طائل.
ينبغي أن تكون المصالح الاقتصادية أساس منطلقات سياستنا الخارجية ، فحال بلادنا المائل اقتصادياً يفرض علينا عدم إهدار الزمن والطاقات في علاقات دولية وإقليمية تقوم على العواطف والمُثل والشعارات التي ما أثمرت قمحاً .. و لا جلبت جازولين !!
الهندي عزالدين
المجهر