سؤال قد يكون مرّ بك، وربما تتذكر الإجابة أم لا، وهنا نعيد استكشاف ذلك،
من خلال مرويات التراث العربي والأفكار الحديثة.
بعد أن وصل العرب أقصى الغرب، وهم يتأملون أمامهم البحر المتلاطم الذي لا ساحل له على ما يبدو في الضفة البعيدة، فقد تخيلوا أنه نهاية الأرض.
كان الاعتقاد السائد بأن هذا البحر الذي سمّوه “بحر الظلمات”، ينتهي عند هوة سحيقة، وحيث لا يمكن إدراك ما وراءها، وقد ارتبط ذلك بفكرة الناس وقتها عن شكل الأرض بوصفها مسطحة وليست كروية كما نعلم اليوم.
سمي بحر الظلمات أو المحيط الأطلسي بهذا الاسم كما يشير العلامة ابن خلدون بسبب أنه يبدو مظلمًا نسبة لقلة الضوء الواصل من الشمس إليه وكثافة السحب التي تعطيه قتامة وعتمة.
كان هناك تخيل أيضاً بأن وراء ذلك البحر الذي عُرف أيضاً بالبحر الأخضر، مياه ساخنة فوّارة تغلي بلا هوادة، وحيث لا يمكن العبور إلاّ للمجهول.
رحلة الخشخاش
يروي المؤرخ العربي المسعودي صاحب كتاب “مروج الذهب ومعادن الجوهر” الذي يعود تاريخه إلى عام 956م أن مغامرًا من قرطبة يدعى “الخشخاش” قام برحلة عبر بحر الظلمات مع جماعة من أصحابه، إلى أن أدركوا أرضًا وراءه، يعتقد بأنها هي أميركا.
وقد عاد الخشخاش وصحبه عام 889م ليقصوا حكايتهم مع أناس وجدوهم هناك يعتقد بأنهم الهنود الحمر، سكان تلك الأرض؛ وقد عاد الرجل وجماعته محملين بكنوز ثمينة من الذهب والنفائس.
ولا تنتهي الروايات هنا، فالمسعودي وكذا الكاتب والرحّال الأندلسي أبوحامد الغرناطي ذكرا أمر ثمانية من العرب الذين أبحروا إلى أراض جديدة وراء بحر الظلمات، عاشوا فيها فترة قبل عودتهم للمغرب.
الخرائط لها قصتها
تشير مصادر إلى أن خرائط رسمها الجغرافي المسلم ابن الزيات المتوفى سنة 1198م توجد منها نسخ بمكتبة قصر “الاسكوريال” في إسبانيا، تظهر السواحل الشرقية للأميركتين، وتبقى كدليل على اكتشاف العرب للأراضي الجديدة قبل كولومبس بعدة قرون.
هناك قصة أخرى تعرف باسم لغز “بيري ريس” وهو اسم جغرافي تركي مسلم اسمه الحقيقي محيي الدين بن محمد الرئيس، وقد توفي سنة 1513م، وكان أحد قادة البحرية في الأسطول التركي.
ترك بيري ريس خريطة حيّرت العلماء عندما عثر عليها المستشرق الألماني كاهل في مكتبة “توب كابي سراي” باسطنبول ونشرها سنة 1929م.
وغرابة هذه الخريطة في أنها تظهر القارة الأميركية بالسواحل والجزر والموانئ والحيوانات وسكانها من الهنود الحمر وهم عراة يرعون الأغنام.
وهذه الخرائط تفتح الأسئلة حول من أين جاء التصور بأن هناك أرضا وراء بحر الظلمات، إذ يرى باحثون بأن ذلك لا يمكن أن يكون مجرد صدفة أو تخييل.
آراء حديثة
تشير مصادر إلى أن العرب وصلوا إلى أميركا في حدود عام 1100م، وفق ما يتكهن الدكتور الصيني هو لين لي الأستاذ بجامعة هارفارد، الذي سبق أن أعلن عن ذلك في دراسات له.
كما أن عالم الأجناس الأميركي جيفر يز، قال عام 1955 في بحث شهير له حول أصول الشعوب الأميركية بأن هناك صلات قديمة بين شرق وغرب المحيط الأطلسي، قبل مجيء كولومبوس بأربعة قرون تقريبًا؛ بل يؤكد هذا العالم بأن العرب هم من نقل زراعة الذرة إلى أميركا.
تبقى هذه الروايات والقصص وأقوال الباحثين محل جدل وتلغيز مستمر إلى اليوم، إذ لا يوجد حتى الآن من الأدلة العلمية الدامغة ما يشير إلى أن العرب قد وصلوا فعليًا إلى سواحل أميركا الشرقية.
وإلى أن يثبت العكس تبقى الرواية الرسمية بأن كولومبوس هو المكتشف للقارة الجديدة كما تسمى في 1492م وواصل رفيقه الإيطالي أمريكو فسبوتشي المهمة، فحصلت أميركا على اسمه.
العربية نت