أثار قرار الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومى ردود أفعال واسعة مابين مرحب بالخطوة من قبل الذين يرون أنه خرج باختياره واعلن العودة باختياره وبين معارض لقرار المهدي باعتبار أن تحالفه مع الحركات المسلحة يستوجب المحاكمة خاصة في ظل البلاغات التى تم فتحها في مواجهته.
ما ان اعلن المهدي اتجاهه الى العودة الى الوطن حتى سارعت الحكومة بالترحيب بالخطوة وكذلك المعارضة باعتبار أن الوطن يسع الجميع وإن المهدي شريك في الهم الوطني.
وأوضح وزير الإعلام بشارة جمعة ارور أن عودة المهدي للبلاد تعد دافعاً قوياً باتجاه استكمال حلقات الوفاق الوطني، قائلاً أنه خرج باختياره وكذلك سيعود باختياره وابان أن حديث المهدي عن تحقيق السلام يمثل دفعة قوية لتطابق الرؤى والأفكار لحلحلة القضايا الوطنية. واعلن عن استعداد الحكومة لسماع جميع أبناء السودان، وعلى رأسهم المهدي، واستصحاب آرائهم حول العملية السلمية السياسية في البلاد، واستكمال حلقات السلام والاستقرار في السودان.
لم تكن مغادرة المهدى البلاد والإقامة بالخارج هى الأولى من نوعها إذ درج على استخدام التكتيك السياسي عبر مختلف حقب التاريخ بالبقاء في الخارج لفترة قبل ان يقرر العودة حتى كاد المنفى الإختيارى ان يصبح من متلازمات المهدي كما أنه أعتاد على ذلك في إطار إرسال رسائله للحكومة وكذلك للمعارضة غير أن واقع الحال أثر سلباً على حزب الأمة القومي ويظهر ذلك من خلال الإنقسامات وحالات التشظي التى أصابت الحزب عقب مشاركة رئيسه في تحالف نداء السودان خاصة وان هنالك بعض التيارات التى تري أن نهج المهدي وحزب الأمة لا يتوافق فكرياً وسياسياً مع الحركات المسلحة ونداء السودان.
اللافت في الأمر أن قرار العودة غير مرتبط بإسباب الخروج خاصة وان الرجل اعلن الستعداده للمحاكمة شريطة أن تكون عادلة وعلانية، وارجع المراقبون عودة المهدي الى فشل رهاناته في نداء السودان خاصة، بعد المقترحات الأخيرة التى دفع بها رئيس الألية الافريقية رفيعة المستوى ثامبو امبيكي لنداء السودان بادخال بنود تعديلات على خارطة الطريق الافريقية باعتبار ان كثير من بنودها تجاوزه الزمن، وهو الأمر الذي رسخ في قناعة المهدي وحلفائه في التحالف بأن الوساطة الافريقية ومن قبلها المجتمع الدولى قد غيرا نظرتها ايجاباً تجاه الحكومة وسلباً تجاه التحالف، ويبدو ان المهدي ادرك ان الوساطة الافريقية باتت على قناعة بان الاختلافات وسط مكونات المعارضة مثلت عاملاً في تأخير الووصل لحلول سياسية سلمية وإنهاء التمرد بالبلاد وان على المجتمع الدولى ان يتخذ مواقفه على هذا الاساس.
ويقول د. محمد عمر الأكاديمي والخبير في شؤون الأحزاب السياسية ان خروج الصادق المهدي وبقائه خارج البلاد احدث فراغاً كبيراً في الساحة السياسية نسبة لما يمثله من ثقل ووزن كبيرين في التجربة السياسية والحزبية بالسودان، ولما يمثله من رمزية فكرية وكذلك للمرونة التى يمتاز بها الامام في تعاطيه مع من يخالفه في الرأي ، واضاف عمر ان المهدي اسهم اسهاماً كبيراً في مبادرة الحوار الوطنى الشامل، مضيفاً انه رغم افتقاد الساحة السياسية الداخلية لمجهودات المهدي لكنه ساهم في تحريك ساكن المعارضة، مضيفاً لذلك اعتقد ان عودة المهدي تمثل مكسباً كبيراً للساحة السياسية الداخلية.
وقائع الاحوال تشير الى ان الإمام فشل في اتمام مهمته بالخارج ولم يجد ماسعى لتحقيقه من خلال تحالف مع الحركات وانه وجد العودة الى ارض الوطن الطريق الأنسب لعودة بريق حزب الامة خاصة بعد تعرضه لمواقف لمواقف اقل مايقال انها محرجة لتاريخه بما ذلك عدم استقباله في الأراضي المصرية.
تقرير: (smc)