بينما يعرف كثيرون في أنحاء العالم المهاتما غاندي باعتباره بطل استقلال الهند ورائدا في الكفاح والمقاومة بشكل سلمي، كان للسلطات القضائية في مالاوي رأي مختلف.
فقد أصدرت محكمة في مالاوي حكما بإيقاف العمل في تشييد تمثال لغاندي بعد اتهامات بأنه كان عنصريا.
وهذه ليست المرة الأولى التي يبدو فيها إرث غاندي في إفريقيا – التي قضى بها أكثر من 20 عامًا – معقدا.
وقبل عامين، دعا أساتذة في جامعة غانا أيضا إلى إزالة تمثال لغاندي من حرم الجامعة، قائلين إنه كان له “هوية عنصرية”.
واستشهدوا بمقتطفات من كتاباته، وصف فيها الأفارقة بـ”الهمج أو السكان الأصليين لأفريقيا” و”الكافير” (وهو لفظ عنصري مهين للأفارقة السود).
وفي عام 2015، جرى تشويه تمثال لغاندي في جنوب أفريقيا من قبل رجل طلاه باللون الأبيض.
ولكن، هل كان غاندي عنصريا فعلا؟
في عام 2015، صدر كتاب بعنوان “غاندي الجنوب افريقي: حامل نقالة الإمبراطورية”.
وأصدر الكتاب أكاديميان في جنوب إفريقيا، هما آشوين ديساي وغلام فاهيد، واللذان قضيا 7 سنوات يجمعان صورة عن حياة غاندي في ذلك البلد الذي عاش فيه بين عامي 1893 و1914، حيث قام بحملات هناك من أجل حقوق الهنود.
وقال المؤلفان إن غاندي في هذه الفترة لم يكن يعنيه سوى الدفاع عن حقوق الهنود ولم يلتفت لحقوق السود.
من الأمثلة التي ساقها المؤلفان رسالة وجهها غاندي في عام 1893 لبرلمان ناتال، يقول فيها إن “الشعور السائد في المستعمرة أن الهنود أقل شأنا مثلهم مثل سكان إفريقيا الأصليين”.
وفي عام 1904، كتب لمكتب الصحة في جوهانسبرغ يقول إنه يجب إخراج “الكافير” من حي يسكنه الهنود.
وفي العام نفسه، كتب غاندي أن الهنود مختلفون عن الأفارقة حيث ليس لديهم رقصة حرب ولا يشربون الجعة.
وعندما ضرب وباء دوربان في عام 1905، كتب غاندي أن “المشكلة ستستمر طالما يختلط الهنود بالأفارقة في المستشفيات دون تمييز”.
ولم يكن هذا كل شيء، فقد اتهمته عناصر في جنوب افريقيا بأنه تعاون مع حكومة الاستعمار البريطاني لتعزيز نظام الفصل العنصري.
ورفض راجموهان غاندي، حفيد المهاتما وكاتب سيرته الذاتية، هذه الاتهامات، قائلا إن غاندي كان شابا ومحاميا صغيرا عمره 24 عاما فقط بدون خبرة، وكان جاهلا بالوضع في جنوب إفريقيا ومتأثرا بالأحكام المسبقة تجاه السود.
وقال غاندي الحفيد “أعتقد أن كفاح غاندي من أجل حقوق الهنود في جنوب افريقيا مهد الطريق لكفاح السود من أجل حقوقهم، كما أن غاندي لم يكن إنسانا كاملا، ولكن غاندي غير الكامل كان أكثر تقدمية من عتاة الوطنية”.
وأشار إلى أن الحديث عن مساواة كاملة في جنوب افريقيا في أوائل القرن العشرين كان أمرا سابقا لأوانه.
واعتبر أن اتهام غاندي بالعنصرية تبسيط مخل لحياة معقدة.
لكن مؤلفي الكتاب لا يتفقان مع رأي الحفيد.
وقال أشوين ديساي إن “غاندي كان يؤمن بأخوة الجنس الآري، وهذا يعني أن البيض والهنود أرقى من الأفارقة، ومن هذا المنطلق فإنه عنصري. وعندما يكتب أن الأفارقة خارج التاريخ فإنه عنصري يقبل سيادة الرجل الأبيض ولكنه يريد أن يكون شريكا صغيرا له”.
كما رفض فرضية أن غاندي مهد الطريق لنضال الأفارقة من أجل حقوقهم، قائلا إن مقاومة الأفارقة للاستعمار بدأت قبل وقت طويل من وصول الزعيم الهندي.
BBC