(الحلقة الثانية)
فك احتكار استيراد الدواء .. جدل الصيدلة والرئاسة
في ظل المطالبات المتكررة بتخفيض اسعار الدواء واحداث وفرة بنسبة “معقولة” تحد من معاناة البحث عن عقار توفرت تكلفته بالكاد بعد التنازل عن شراء ما هو أقل حوجة من قائمة المشتروات اليومية لأسرة تصارع من اجل البقاء وتلاحقها لعنة ارتفاع الأسعار التي لم ولن تستثني أحداً، ومع اشتداد الأزمة الدوائية خرجت الرئاسة بقراراً جمهورياً قضى بفك احتكار استيراد الأدوية المسجلة بسجلات المجلس القومي للأدوية والسموم شريطة أن يكون للمستورد رخصة استيراد من السلطات المختصة كما قضى القرار بايقاف الترويج المتعلق بوصف الأدوية بالأسماء التجارية على أن توصف الأدوية بأسمائها العلمية فقط وليست التجارية، ودعا القرار لايقاف إستيراد أي أدوية من الخارج في حالة وجود أدوية مشابهة تصنع بداخل السودان، أثار القرار جدلاً واسعاً بالأوساط الصيدلانية خاصة فيما يتعلق بقرار الغاء التوكيلات الذي اعتبروه شأناً داخلياً قد لا تعتمده كل الشركات الأصلية، وأمن مراقبون على أن رفع سقف تسجيل الأدوية يخلق منافسة حرة وبدورها تقود للجودة وخفض الأسعار، ثم ضبط عملية التسعير في المجلس ومن ثم توفير النقد الأجنبي للمستوردين والإمدادات الطبية من شأنه أن يحل أزمة الدواء من جذورها (الجريدة) وقفت على أصداء القرار لدى الجهات المعنية وخرجت بالحصيلة التالية:
مخاوف وتضارب:
وحول قرار فك احتكار استيراد الدواء نبه عدد من الوكلاء الى وجود تضارب مع قانون الصيدلة والسموم ولم يستبعدوا أن يكون القرار فصل لصالح فئة جديدة وتساءلوا هل القرار يضمن الوفرة الدوائية في ظل ارتفاع معدل الدولار وأشارو الى أن ذلك يفتح الباب لاستيراد الدواء الأرخص ذو المأمونية الأقل بالاضافة الى ان معظم الشركات. ستغادر السودان وتخوفوا من تحول البلاد لبؤرة من الشركات الرخيصة وذات الجودة المنخفضة.
وشكا مستوردو أدوية من ارتفاع تكلفة استيراد الدواء ما انعكس على تسعيرة الدواء واوضحوا أن تكلفة التأمين والشحن غير معروفة وتحددها الدولة وبعد اكمال اجراءات التخليص تضاف (15%) تضعها الشركات لتغطية التكاليف الجمركية و(20%) تضعها الصيدليات ثم تطرح الاصناف الدوائية واعابوا رفع الدولة يدها عن القطاع ورهنوا خفض تكاليف الاستيراد باتاحة الدعم الحكومي للدواء ونوهوا الى ان اكبر خطأ ارتكبوه هو تحملهم لخسارات كبيرة طوال الفترة الماضية حسبت عليهم بعد احتجاجهم عليها.
نتائج عكسية:
وحول طرح قضية قرار الـ(100) متر وضرورة الغائه اشار رئيس شعبة الصيدليات نصر مرقص الى ما يترتب من آثار على(المواطن -الصيدلي) وقال إن قرار الـ(100)متر سيعمل على تكدس الصيدليات بالمناطق القريبة من المستشفيات مما يدفع المواطن للبحث عن الدواء. بالإضافة الى انه سيؤدي الى تقليل مرتب الصيدلي نسبة لتراجع العائد الربحي للصيدليات بجانب أنه يضر بمصداقية الصيادلة. وكشفت عن عدد الصيدليات بالخرطوم وحددتها ب(2.500) صيدلة منها (%75) تتبع للقطاع الخاص و( 25%) للقطاع الحكومي وطالب بضرورة الغاء القرار بالطرق القانونية. واشتك في الوقت ذاته من استهداف الصيادلة كفئة من المخدمين والشركات بالتشريد في وقت ظلت تؤكد التصريحات الرسمية ان القرار سيعمل على فتح صيدليات جديدة ما يعني توفير وظائف للصيادلة بيد ان التقرير السنوي للعام 2017م يشير لوجود تأثيرات على المواطن من العرض بسبب زيادة عدد الصيدليات.
وأشار نصر مرقص الى الزام الصيدليات بدفع غرامة مالية تصل الى (300) جنيهاً لبيعها مواد كيميانية ملوثة للبيئة وقال إنها غرامة مجازة من البرلمان وتعمل بها المحليات.
فشل التجربة:
وتوصل الصيادلة الى أن بنك السودان منح دولار الدواء لآلية صناع السوق وتخوفوا من تطبيق التجربة التونسية وأشاروا الى أن الصيدلية المركزية بدولة تونس حاليا ًتعاني من نقص حاد في الأدوية ومديونية تصل الى(190) مليون دولار لشركات الدواء العالمية بجانب انها مهددة من الشركات العالمية بوضعها في (البلاك لست).
إصرار الوزير:
ومن جانبة اوضح القانوني أسامة جاه الله الى ان قرار الرئاسة غير حكيم لتدخله في مسائل فنية بحته وأضاف وزير الصحة مهمته الاشراف والمتابعة والمراقبة لكنه اتحذ قراراً ليس في دائرة اختصاصه فيما يتعلق بقرار الـ100متر وقال إن القرار فضح وجود خلل وتجاوز، وتابع توجد أربعة قوانين غيرت اسم المجلس لعدة أسماء وصدرت فتوى سارية من وزير العدل مرتان قضت بإبطال قرار الـ(100) متر والفتوى قانونية ودستورية ومع ذلك اصر الوزير على قراره.
واعتبر جاه الله قرار الرئاسة تدخل سافر في قرارات فنية ولا يحق لها ذلك الا في حالات الطوارئ، وأشار جاه الله الى صدر قانون الممارسة الحالية وسحب الوكالة من الشركات على الوكيل وفتح الباب لتوكيلات اقليمية ضعيفة، وتوقع الغاء القرار بسهولة بيد انه قال ان قرار الرئاسة سيأخذ وقت لغياب دور اتحاد الصيادلة لتسعيرة الدواء ثابتة تضعها الدولة ممثلة في المجلس القومي للأدوية والسموم اذا اخطأ….. لا توجد صناعة وطنية وان معظم ملاك المصانع الحاليين أجانب من خارج السودان، واضاف رئاسة الوزراء أكدت دعم الصرف على الصحة للعلاج المجاني (150)مليون دولار (7) مليار جنية سوداني وعدوها مفارقة وتساءل كيف يتم ذلك.
احتكار حكومي:
في وقت اكد تجمع الصيادلة المهنيين أن القرار سينعكس سلباً على الخدمه الصيدلانية لأسباب حصروها في أن القرار لم يقدم حلاً لمشكله توفر الدواء وسعره المرشح للازياد يوماً بعد يوم، واعتبروا القرار حافظ على احتكارية القطاع الحكومى عبر تحديد 500 متر كحد أدنى لفتح اي مؤسسه خاصه تفتح جوار مركز حكومي، وفي ذلك تناقض بين ممن يدعي بسط الخدمات وفي ذات الوقت يقبضها في أماكن بعينها.
وكشف التجمع عن عدم مشاورة القاعدة الصيدلانية ولا حتي عبر الاتحاد، وفندوا ادعاءات الوزارة بأن القرار قوبل بترحاب من القاعده الصيدلانية.
ولم يدرس بشكل علمي ولم تقدم أي أوراق معلنة او فعاليات أكاديمية تشرح مردوده على القطاع الصحي أو المهني وهو محل صراع وخلاف وقد تبناه الوزير سابقاً وتم شطبه بواسطه الجهات العدلية.
وأشاروا انه سيترتب عليه تكدس الصيدليات في المناطق ذات الدخل العالي مما سيؤثر على توزيع الخدمة.
وحول تصريح الوزير بأن القرار سيؤدى إلى توظيف عدد من الصيادله طالبت المجموعة الوزير بتوضيح ماهو دوره كقطاع حكومي في مسأله تعيين وتوفير وظائف الصيادلة؟ خصوصاً مع أزمة صيادلة الامتياز، واوضحت بأن المئات من الصيادلة العاملون بقطاع الشركات الصيدلانيه مهددون بفقدان وظائفهم وذلك نتيجه أزمة شح الدواء في البلاد.
وأضافت المجموعة بأن هناك شكوك حول القرار ووصفوه بأنه ربما كان لتمكين قوى جديدة في الخدمه الطبية الصيدلانية، واشارت أن الوفرة الدوائية دون المطلوب وارجعوا ذلك للأزمة المرتبطة بتسعير دولار الدواء، ففي الوقت الذي تسعر فيه الدولة عبر الية صناع السوق الدولار في حدود( 47)، ترغم الشركات ببيع الأدوية بسعر (30) جنيه تقريباً، ودون أن تلتزم بتعويض الفارق بين الاثنين ونبه الصيادلة الى أن الوضع المشوه جعل من الحصول على الدواء مسألة في غاية الصعوبة خصوصاً مع خلو مخازن الشركات من توفير جميع منتجاتها الدوائيه بالكم والنوع المطلوب.
وتمسك التجمع بضرورة التصدي للسياسات التي قالوا إنها تهدف إلى تغير الخارطة الصحية والصيدلانية بالبلاد
الاحتكام للقضاء:
وأمن الصيادلة على ضرورة قيام جسم موازي للاتحاد، وكشف الصيادلة عن اتجاه شعبة الصيدلة وغرفة المستوردين لتحريك اجراءات قانونية لالغاء القرار فضلاً عن مخاطبة الرئاسة لتوضيح تبعات القرارات الأخيرة والاتصال بوزارة الصحة بالولاية ومساءلتها عن المستجدات لتي طرأت ودفعتها لإصدار القرار بالرغم من التزامها للمستوردين بكل ماهو ايجابي ويصب في مصلحة المواطن والصيدلة.
وطالب تجمع الصيادلة المهنين الاتحاد الصيدلاني بالقيام بواجبه والدفاع عن حق المواطن والصيادلة ضد ما أسموه بالرعي الجائر في الخدمة الطبية والصيدلانية، ودعت القاعدة الصيدلانة لاتخاذ كافة الطرق القانونية المشروعة للتصدي للقرارات.
الخرطوم: ندى رمضان
صحيفة الجريدة