عقب خروجه المفاجئ من القصر الجمهوري بعد قرار إعفائه من منصب نائب رئيس الجمهورية، عاد حسبو محمد عبد الرحمن لمقعده بالبرلمان القومي ليشكل حضوراً لافتاً..
لاسيما بعد أول فرصة له من مقعده النيابي الأسبوع الماضي؛ مصوباً انتقاداته لـ(غياب المسؤولين بالجهاز التنفيذي عن حضور الجلسة الخاصة بالاستماع لتقرير المراجع العام)، تلك المداخلة فتحت أبواب انتقادات عديدة لرجل لم يَفصِل بين موقعه البرلماني والجهاز التنفيذي سوى أيام قليلة، وأبرز تلك الانتقادات تحدث بها كاتبان أحدهما صحفي والآخر قانوني، تركزت حول عدم قانونية وجوده بالبرلمان، ليثيران بذلك عاصفة من الاستفهامات بذلك.
عودة الأضواء
لم تنته بعد التعليقات المصاحبة لقرار إعفاء حسبو من منصب نائب رئيس الجمهورية، إلا وعاد الرجل لدائرة الاهتمام والمتابعة؛ إذ شكل حضوره إلى البرلمان في يومه الأول وما أدلى به من مداخلة وصفت بالساخنة، نقطة جديدة توقف عندها المراقبون، خاصة وأن حديثه جاء بزعم البعض ساخناً وشديد اللهجة تجاه الجهاز التنفيذي لغيابه عن جلسة تقرير المراجع العام، وطالب حينها بإلزام الجهاز التنفيذي بحضور نقاش النواب للتقرير، وأضاف (نحن بنناقش نفسنا برانا)، وأضاف بأنه مكث في الجهاز التنفيذي أربع سنوات وتسعة أشهر، واثني عشر يوماً، وأضاف قائلاً إن هناك خللاً في الجهاز التنفيذي لأنه لا يسمع الكلام. وأكد أن التقرير ناقص لأن الجهاز التنفيذي غير موجود، وطالب بإحضار الجهاز التنفيذي كاملاً برئيس الوزراء كي يسمعوا النقاش داخل البرلمان، وأوضح أن تقرير المراجع العام يأتي إلى الرئاسة بعد إجازته داخل البرلمان، وشدد على ضرورة دعم المراجع العام وتوفير بيئة العمل له.
من فَجَّر “عدم القانونية”؟
النقاشات المتواصلة حول مضمون حديث نائب الرئيس السابق من داخل البرلمان، ارتفعت وتيرتها عقب مقال صحفي سطره الكاتب محمد وداعة تساءل فيه عن وجود الرجل بالبرلمان، ليضيف إليه الخبير القانوني نبيل أديب المحامي أبعاداً أخرى بعد أن كتب في صفحته على “فيسبوك” معلقاً على حديث وداعة بالقول: “الأسئلة التي وجهها الكاتب الصحفي المعروف محمد وداعة عن مواصلة حسبو عبد الرحمن النائب السابق لرئيس الجمهورية لنشاطه كنائب برلماني، هي أسئلة مفصلية تتعلق بأساس النظام الدستوري. لم يشارك حسبو في آخر انتخابات أُجريت للسلطة التشريعية في عام ٢٠١٥م؛ حيث أنه كان يتولى منصباً تنفيذياً دستورياً، وبالتالي فهو لا يتمتع بعضوية البرلمان حتى يستأنف نشاطه فيه. وأضاف: “إذا كان المؤتمر الوطني يرغب في الاستفادة من حسبو كنائب برلماني فإن الطريق لذلك هو أن يوعز لأحد أعضائه في البرلمان ليستقيل من العضوية، حتى يُخلي مقعده لتقام انتخابات تكميلية يرشح فيها حسبو نفسه ليصبح عضواً في البرلمان حال فوزه في تلك الانتخابات.
ونَوَّه أديب إلى أنه معلوم أن الفقرة الثانية من المادة ٨٧ من الدستور تقضي بإجراء انتخابات تكميلية لملء المقعد الذي يخلو بفقدان أي نائب لعضويته بالمجلس، وأنه يتوجب على رئيس المجلس الوطني دون إبطاء الإجابة على السؤالين التاليين: كيف نال حسبو عضوية البرلمان؟ وعن أي دائرة تم ذلك؟.
(السوداني) تكشف الحقائق
آخرون علقوا على حديث نبيل أديب، بالتساؤل عما إذا كان البرلمان قد أسقط بالفعل عضوية حسبو عقب تسلمه منصب نائب الرئيس بمثلما أسقط عضوية بعض أعضائه الذين جرى تعيينهم ولاة في بعض الولايات.
بيد أن (السوداني) لم تتحصل على ما يفيد بإسقاط البرلمان لعضوية حسبو، وفي هذا السياق يؤكد عضو المجلس التشريعي بولاية شرق دارفور كبر برشم في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن حسبو محمد عبد الرحمن منتخب من الدائرة 14 أبو مطارق محلية بحر العرب بولاية شرق دارفور، وذلك في الانتخابات التشريعية التي جرت في عام 2015م، وأكد برشم أن حسبو ظل متواصلاً مع المنطقة وأهل الدائرة الانتخابية وأن آخر زيارة له للولاية كانت السبت الماضي لتقديم واجب العزاء في وفاة والدة الوالي السابق للنيل الأبيض عبد الحميد كاشا. وأشار كبر إلى أن حسبو التقى عدداً من قيادات وأعيان الدائرة، وأنه ظل مهتماً بالتنمية والخدمات فيها وأشرف على كثير من خدمات الصحة والتعليم بجانب اهتمامه بكلية التنمية البشرية التابعة لجامعة الضعين الواقعة بمحلية بحر العرب.
مصادر أخرى تحدثت لـ(السوداني) أمس، تذهب لتأكيد حصول حسبو على موقعه النيابي بالبرلمان القومي عبر الانتخابات، وأكدت أن حسبو لم يجد أي منافسة عقب تنازل عدد من المرشحين له من أبناء المنطقة بالتوافق عليه.
جدل منصب النائب
حسبو الذي جلس على مقعد نائب رئيس الجمهورية، وهو منصب حزب المؤتمر الوطني الحائز على الأغلبية في الانتخابات التي أجريت في عام 2015م شكل باعتقاد البعض إضافة كبيرة لمؤسسة الرئاسة، بحركته النشطة واطلاعه بمهام كبيرة وعلى درجة عالية من الحساسية؛ مثل إشرافه على استفتاء دارفور ومتابعة شؤون ولاياتها، وإشرافه على الموسم الزراعي للعام 2016م بجانب حملة جمع السلاح، ولعل ذلك ما دفع الكثير من المراقبين إلى القول إنه قد أعطى منصب نائب الرئيس الشرفي أهمية كبيرة نسبة للديناميكية التي يتحلى بها.
فيما يرى البعض في ذلك الحراك أنه بلا إضافات كبيرة لكثرة التوجيهات التي أطلقها خلال تسنمه للمنصب التي تصعب ملاحقتها وتنفيذها. ولما كان منصب النائب من نصيب ولايات دارفور في إطار مراعاة التمثيل الجغرافي لحكم البلاد، ظل على الدوام محل جدل وأطماع بين كثير من نخب دارفور. وكشفت مصادر مطلعة عن مطالبة حركات عديدة بالمنصب وبرزت عدة أسماء لترشيحها من بينها حليف الوطني د. التجاني السيسي رئيس حزب التحرير والعدالة القومي، ود. عبد الله علي مسار رئيس حزب الأمة الوطني، وتؤكد المصادر في حديثها لـ(السوداني) أمس، أن إصرار الوطني على الاحتفاظ بالمنصب أبطل كل تلك المساعي وحصَّن القصر الرئاسي والحلف السياسي بين الوطني وبقية الأحزاب والحركات من أي بوادر خلافات أو انشاقاقات.
الخرطوم: عبدالباسط إدريس
صحيفة السوداني.