في الشهور الأخيرة، أجلت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طرح خطة السلام التي طال انتظارها، وتتوقع وكالة أسوشيتيد برس الإخبارية أن تتسبب وفاة الصحفي السعودي جمال خاشقجي في إرجاء كشف الستار عن الخطة لفترة أطول.
وكانت السعودية أعلنت، في الساعات الأولى من صباح السبت الماضي، أن التحقيقات الأولية أظهرت وفاة خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، وذلك بعد اختفاءه ثلاثة أسابيع.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (واس)، عن النائب العام السعودي قوله في بيان إن “المناقشات التي تمت بين المواطن جمال خاشقجي وبين الأشخاص الذين قابلوه أثناء تواجده في قنصلية المملكة في إسطنبول أدت إلى حدوث شجار واشتباك بالأيدي مما أدى إلى وفاته”.
وتقول أسوشيتيد برس، في تقريرها المنشور اليوم الإثنين، إن مقتل خاشقجي قد يكون له تأثيره على علاقة ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والذي من المفترض أنه يلعب دورًا محوريًا في الخطة، ما يُجبر الرئيس الأمريكي على إعادة النظر في الخطة.
ويرى دان شابيرو، السفير الأمريكي لدى إسرائيل في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، أن مقتل خاشقجي سيزيد الأمور تعقيدًا، وسيؤدي إلى تأجيل طرح الصفقة، “إذا كان هناك واحدة من الأساس” على حد قوله.
يُشار إلى أن ترامب تعهد منذ توليه الرئاسة باتباع نهجًا جديدًا لإحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ولفتت الوكالة إلى أن الرئيس الأمريكي كان ينتقد دائمًا سياسة اسلافه في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط، كما أنه أوكل مهمة الوصول إلى خطة سلام لإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي لصهره ومستشاره لشؤون الشرق الأوسط جاريد كوشنر.
وذكرت أسوشيتيد برس أن فريق ترامب للسلام عمل على تعزيز العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، ودعم الحركات الاستيطانية في الضفة الغربية.
وكانت إدارة ترامب قد أعلنت مرارًا وتكرارًا رفضها لتأسيس دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، كما أنها أبعدت نفسها عن مسألة حل الدولتين، والتي أثنى عليها المجتمع الدولي منذ طرحها منذ أكثر من عقدين من الزمن.
عوضًا عن ذلك، تقول الوكالة إن كوشنر وفريق ترامب للسلام توجهوا إلى السعودية؛ على أمل أن يساعدهم ثراء المملكة ومكانتها المتميزة في العالم العربي على التوصل إلى اتفاق يُرضي الفلسطينيين والإسرائيليين.
علاوة على ذلك، تُشير أسوشيتيد برس إلى أن كوشنر حرص على إقامة علاقة متينة مع ولي العهد الأمير بن سلمان، كما أن صهر الرئيس الأمريكي زار السعودية سرًا العام الماضي، لمناقشة استراتيجيته الخاصة بالسلام مع الأمير محمد.
ولكن عملية السلام تعثرت قبل فترة طويلة بما يكفي من وفاة خاشقجي، وتشير أسوشيتيد برس إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس دُعي إلى السعودية مرتين العام الماضي للتحدث مع الأمير محمد عن المقترح الأمريكي بشأن السلام.
وبحسب مسؤولين فلسطينيين، فإن عباس أعرب عن اعتراضه على مُجمل الخطة، لاسيما وأنها لا تمت بأي صلة إلى هدفه المتمثل في إقامة دولة مستقلة تضم الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.
يقول مسؤولون فلسطينيون إن عباس يعتقد أن الأمريكيين يحاولون الضغط عليه لقبول الصفقة، من خلال منحه مبالغ كبيرة من المال من مستثمرين خليجيين، لمساعدته على تحسين الأوضاع الاقتصادية في بلاده.
وفي الوقت نفسه، تضررت علاقات عباس بالإدارة الأمريكية كثيرًا، إذ أعلن رئيس السلطة الفلسطينية أنه لا يقبل أمريكا كوسيط في عملية السلام بعد اعتراف الولايات المتحدة بالقدس المحتلة عاصمة للإسرائيل.
وبالعودة إلى واقعة خاشقجي، يقول مسؤول أمريكي بارز مُطلع على جهود السلام المبذولة إن الفريق لا يزال ملتزم بالخطة، كما أنه استبعد أن تؤثر وفاة الصحفي السعودي على الأمر.
ومن جانبه، يعتقد مخيمر أبو سعدة، المحلل الفلسطيني، أن وفاة الصحفي السعودي ستكون لها تأثيرًا ضخمًا على سلوك ولي العهد السعودي أيضًا.
ويقول: “اعتقد أنه من الآن فصاعدًا سيفكر أكثر من مرة قبل القيام بأي خطوة، وأنه سيتوقف عن الاندفاع”.
وتابع: “الفلسطينيون سيرفضون خطة السلام عندما تُطرح رسميًا، والأمير محمد لن يضغط عليهم لقبولها”.
مصراوي