مُجدَّداً يبرز اسم السودان في سياق القضايا الإقليمية بالمنطقة، ويلج بلا تردد لملف الأزمة في إفريقيا الوسطى..
الأسبوع الماضي احتضنت الخرطوم مناقشات حول جهود تحقيق السلام في جمهورية إفريقيا الوسطى بالمركز السوداني بحضور سفير بانقي إبراهيم عبد الله.. الخطوة فسَّرها كثيرون باعتبارها إكمالاً لمشروع بروز السودان كلاعب إقليمي لا يستهان به، واستعداداً خاصاً لجولات التفاوض في نوفمبر القادم بحسب ما أعلنت الخرطوم.
سفير إفريقيا الوسطى عبد الله إبراهيم، أكد أن العلاقات بين السودان وإفريقيا الوسطى ممتدة وقديمة منذ العام 1967م، ووصفها بالجيدة طيلة تلك الفترة، مشيراً إلى أن السودان هبّ خلال الأزمة في إفريقيا الوسطى باعتبارهم إخوته في إفريقيا، منوهاً إلى أن السودان ظل موجوداً في أشد فترات الأزمة في وقت غادرت فيه كل السفارات.
وأكد سفير بانقي أن جهود الخرطوم لحل الأزمة في بلاده مُرحَّبٌ بها جداً لجهة أن المدنيِّين عانوا كثيراً من الحرب، وأنهم لا يتمنُّون سوى السلام والأمن، وأضاف: “كُنَّا سعداء جداً لهذه الجهود التي بُذِلَتْ من قِبَلِ السودان، بهدف الخروج من الاضطرابات”.
ماذا حدث في الخرطوم؟
السفير عبد الله إبراهيم، كشف عن لقاءٍ تم بين زعماء المجموعات المُسلَّحة في الخرطوم هذا العام، وأنهم خرجوا بتفاهمات قادت لتوقيع اتفاقية، وعلى ضوئها التزمت المجموعات المُوقِّعة بالتعهُّدات وقاموا بإيقاف إطلاق النار، وأضاف: “وسمحوا أيضاً بدخول المساعدات للمواطنين”، كاشفاً عن أنه قبل هذا الإعلان أو الاتفاق ولم تكن هناك حركة بين المواطنين، وأنها – أي الحركة – كانت صعبة جداً، وأضاف: “استفدنا من خبرة السودان الكبيرة، في مجال الاتفاقيات”.
ونوه السفير عبد الله إبراهيم، إلى أن دعم رئيس الجمهورية عمر البشير الذي برز بشكل واضح، ولم يَأْلُ جهداً في اتفاقية جنوب السودان، وأضاف: “لذا كانت المبادرة مهمة جداً وناجحة”، مؤكداً أن المبادرة جاءت من الخرطوم وموسكو، وأنها دعمت من الحكومة، قاطعاً بأن الاتفاقية سوف تؤدي دوراً مهمَّاً في مستقبل إفريقيا الوسطى.
من جانبه اعتبر مدير إدارة أمن الحدود محمد عبد الله، أن العلاقات بين البلدين مُتجذِّرة وقديمة، مشيراً إلى أنها في بعض الفترات أصابها الفتور، لكنها ظلت مستمرة، كاشفاً عن أن الخرطوم قدمت المساعدة لدولة إفريقيا الوسطى متمثلة في توفير عربات ومواتر، فضلاً عن الأجهزة الفنية، كما قامت بتدريب ومساعدات كثيرة بما في ذلك تسيير قوافل، منوهاً إلى أن كل ذلك من أجل السلام والتنمية لتلك البلاد. وأشار إلى أن الخرطوم كانت ترعى الاجتماعات في التعايش السلمي، والسودان يشجع المنظمات وتسيير القوافل، وحالياً يدعم المفاوضات التي ستُجْرَى في السودان. وأكد محمد أنه يمكن المساهمة مع إفريقيا الوسطى من خلال حوار الحركات المسلحة، و”ذلك بحكم وجودنا في الاتحاد الإفريقي وعلاقتنا بهم”.
أهمية بانقي
مدير إدارة دول الجوار بالخارجية السفير عوض الكريم الريح، أكد أن السودان وإفريقيا الوسطى دولتان جارتان، بالتالي فإن ما يحدث في دولة يؤثر على الأخرى، وبصورة سهلة جداً، وأضاف: “بعد أن اندلع التمرُّد المُسلَّح في دارفور عام 2003م تأثرت بانقي”، واستدرك: “لكن دارفور تتعافى حالياً، وهناك حملة كبيرة جداً لجمع السلاح”، مشيراً إلى أن إفريقيا الوسطى تُحادِدُ السودان، و”نخشى الانفلات وضعف الأمن الموجود فيها، بحيث يؤثر كل ذلك على الأمن في السودان، ولذلك يظل السودان مُهتمَّاً بإفريقيا الوسطى”.
وكشف الريّح عن محطات لاهتمام الخرطوم ببانقي، موضحاً أن هناك لجنة وزارية مُشتركة وقوّاتٍ مُشتركة لحراسة الحدود تشترك فيها دولة تشاد وإفريقيا الوسطى، فهي قوات ثلاثية، وأضاف: “هناك أيضاً مبعوث من الرئيس البشير إلى إفريقيا الوسطى”، مُنوّهاً إلى أن اللجنة الوزارية كان يفترض لها أن تعقد دورة في أبريل الماضي، ولكن نسبة للأحداث التي كانت في منزل السفير تم تأجيل هذه اللجنة الوزارية، منوهاً إلى أن اللجنة كانت مصحوبة بقافلة طبية وإنسانية كبيرة جداً وشاركت فيها جهات رسمية وشعبية.
السودان ومبادرة الاتحاد الإفريقي
عوض الكريم أكد أن الاتحاد الإفريقي طرح مبادرة في 2017م وسمّاها المبادرة الإفريقية لتحقيق السلام في إفريقيا الوسطى، قاطعاً بأن السودان يدعم هذه المبادرة ويشارك في كل اجتماعاتها وجولاتها التي بلغت أربع جولات، وأضاف: “السودان مُلتزمٌ بسهمه في هذه المبادرة”، كاشفاً عن ترتيبات لزيارة رئيس المبادرة في السودان ولقائه بالرئيس البشير، وأضاف: “هناك مساعٍ من السودان مُتّصلة بتحقيق السلام في إفريقيا الوسطى وتُوِّجَتْ هذه المساعي، بنجاحٍ السودان في إجراء اجتماعٍ لقادة خمس حركات هي الأبرز والأقوى في أغسطس الماضي”، مُشيراً إلى توقيع هذه الأطراف على مذكرة والتزموا بتحقيق السلام في بلادهم وقبول الوساطة السودانية في هذا الشأن على النحو الذي تم به تحقيق السلام في جنوب السودان، وأضاف: “ما تم إنجازه في ملف جنوب السودان يُعتبر نجاحاً”.
وجدد عوض الكريم أن العلاقة بين بانقي والخرطوم جيدة منذ عهد الرئيس فوستين أرشانج تواديرا الذي جعل السودان أول محطة خارجية لزيارته، وذلك قبل أن يؤدي القسم في بلاده، كاشفاً عن إطلاق السودان قافلةً كبيرة إلى إفريقيا الوسطى خلال الأسابيع القليلة القادمة، منوهاً إلى استضافة بانقي الاجتماعات الوزارية المشتركة، وأنه سيتم تفعيل القوات المشتركة، وستُقدَّم الدعوة لعدد من الوزراء من إفريقيا الوسطى لزيارة السودان.
وقطع السفير عوض الكريم بأن السودان يُعتبر المحور الأساسي في عملية السلام بإفريقيا الوسطى، وللمبادرة الإفريقية وإرادة أبناء الدولة لتحقيق المصالحة، مُشيراً إلى مبادرة تحقيق السلام في إفريقيا الوسطى بدأت بمساعي الاتحاد الإفريقي، و(السينام) -المجموعة الاقتصادية، وإن استضافة السودان للمحادثات تجيء في سياق هذا المفهوم.
الخرطوم: ساجدة دفع الله
صحيفة السوداني.