ملفَّان يشغلان الشارع العام، ويُثيران قلقه وأمله في آن واحد: زيادة الأجور التي قال بها اتحاد العمال الأسبوع الماضي، وأموال الجمهور في الصرافات الآلية التي تشهد وفرة طبقاً لجولات منذ بدء الضخ.
(السوداني) حرصت على استطلاع الشارع العام حول الملفَّيْن.
الصرافات الآلية شهدت في اليوم السابع لضخ النقود حالة من الازدحام بجانب عدم توفر النقود في بعض الصرافات خاصة في المناطق الطرفية مقابل وفرتها نسبيا في الصرافات الرئيسية بالبنوك ومواقع المؤسسات الكبرى والجامعات.
وأكد الموظف بإحدى وكالات السفر والسياحة، عصام الدين علي، في حديثه لـ(السوداني)، أنه ذهب إلى حوالي أربعة صرافات تابعة لبنك الخرطوم دون أن يحصل على النقود، مشيراً إلى أنه وجدها في نهاية الأمر ببنك الشمال في شارع السيد عبد الرحمن، متهماً بعض البنوك بعد الالتزام بملء الصرافات مما يتسبب في إضاعة الزمن على العملاء وعدم الوفاء بالالتزامات اليومية.
فيما أشار المواطن عبد الله عمر في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أن بعض البطاقات الآلية لا تعمل في البنوك الأخرى، لافتاً إلى انفراج الأزمة بشكل نسبي مقارنة بالسابق.
ولفت عمر إلى أن الصفوف أفضل حالياً حيث لا يكون أمام الشخص أكثر من 5 إلى 10 أشخاص، داعياً إلى تغطية كل الصرافات العاملة حتى يستطيع المواطن الإيفاء باحتياجاته.
تراجع بلا مبرر
وأشار موظف بإحدى المؤسسات الحكومية – فضل عدم ذكر اسمه – لـ(السوداني) أمس، إلى أن الصرافات العاملة تراجعت كثيراً عما هو الحال قبل أسبوع من الآن، داعياً إلى تلافي أي أعطال في الصرافات الآلية حتى لا تضيع الجهود السابقة لإعادتها للعمل. وكشفت مصادر مصرفية عليمة في حديثها لـ(السوداني)، عن تراجع كبير في عدد الصرافات العاملة خلال الـ ٢٤ ساعة الماضية بنسبة لا تقل عن ٤٠% مما دفع البنك المركزي إلى إنزال عقوبات صارمة على المصارف التي لا تقوم بتغذية الصرافات الآلية التابعة لها بغرامة لا تقل عن ٤٠ ألف جنيه لأي صراف لا يعمل. ولفتت المصادر إلى أن بعض المصارف تقاعست عن الالتزم بتغذية الصرافات، على الرغم من توفير البنك المركزي النقود لها لتغذية الصرافات، مشيرة إلى تراجع السحب مقارنة بالأيام الماضية. وتوقعت المصادر استمرار انخفاض السحب بعد أن يصل المواطن مرحلة الاطمئنان الكامل، مؤكدة أن كثيراً من المواطنين حالياً يسحبون أكثر من حاجتهم من النقود لجهة التخوفات بعدم استمرار ضخ النقود.
الأجور.. مخاوف متعددة
(فجوة عالية بين الأجور وتكاليف المعيشة).. هكذا كان واقع الحال الذي يصفه الكثيرون، فالتوصيات الصادرة عن المجلس الأعلى للأجور سنويًا بزيادة الرواتب لا تجد من يصغي لها وإن وجدت لا تجد طريقها للتطبيق. الأسواق أجهدت المواطن بفعل الوتيرة المتزايدة في ارتفاع الأسعار، والالسن تجرأ بالشكوى، حد أن الكثيرين لا يرون ثمة فائدةً تُذكر حتى وإن زادت الأجور.
(15) ألف جنيه
أحد موظفي ديوان الحسابات بوزارة المالية الاتحادية، إسماعيل زكريا، اقترح في حديثه لـ(السوداني) أمس، بأن تصل زيادة الأجور إلى (15) ألف جنيه، مع استقرار أسعار السلع وليس (9000) كما قال اتحاد العمال باعتبار أن أي أُسرة تحتاج لـ(9000) جنيه، واستدرك: “أنا أحتاج في اليوم إلى (300) جنيه لوجبتي الفطور والغداء، فضلاً عن الاحتياجات الأُخرى، كما أن هناك أسراً كبيرة تحتاج إلى (500) جنيه في اليوم”.
زكريا كشف عن أنه في الدرجة الخامسة، وتم تعيينه منذ 1982م، ومرتبه حالياً (1500) جنيه فقط، وأضاف: “لكنني بعد الدوام أعمل في المواصلات لأنني أمتلك حافلة هايس”، موضحا أن كل ذلك لتوفير احتياجات أسرته بحكم أن لديه أبناء في مراحل دراسية مختلفة. واشار إسماعيل إلى أن الاقتصاد ليس متدهوراً ولكنه يحتاج تنظيم وإدارة فقط لأن السودان بلد منتج.
سخرية لاذعة
موظف بالإدارة العامة للموارد البشرية والمالية – فضل حجب اسمه – سخر في حديثه لـ(السوداني) أمس من زيادة الأجور، مشيراً إلى أن الناس يسمعون بذلك منذ 2015م، لكنهم لم يروها حتى الآن رغم أن السوق تضاعف ثلاث مرات على الأقل.
واعتبر الموظف نفسه أنه عندما يتم الإعلان عن زيادة مرتقبة في الأجور يكون السوق قد ارتفع فعليا، بالتالي تأتي الزيادة فاقدة لقيمتها الفعلية لعدم وجود رقابة على السوق، منوهاً إلى أنه في الدرجة التاسعة ومرتبه ألف جنيه فقط ولا يكفي لأي شيء، وأضاف: “زيادة الأجور يجب أن تكون (500%) على الأقل”، واصفاً مرتب الحكومة بـأنه (زي الموية في الغربال)، ولا يكفي للاحتياجات الشخصية ناهيك عن فتح بيت.
رؤية من الخاص
موظفون بالقطاع الخاص اتفق جميعهم على أن المعالجة يجب أن تكون في التخفيف من أسعار السلع الاستهلاكية، قبل زيادة أجور الموظفين. وتذهب المهندسة بمركز البروجوب للتدريب زينب عبد الوهاب في حديثها لـ(السوداني) أمس، إلى أن زيادة الأجور ليس منها جدوى، مشيرة إلى أن الاقتصاد يذهب في اتجاه معاكس، مطالبة الحكومة بضبط التضخم الماثل، وبعد ذلك تُخرج متوسطاً للزيادة، منوهة إلى أن القطاع الخاص به فروقات في الرواتب، متمنية أن تكون الزيادة (100%).
المهندس خالد إبراهيم يذهب في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أن البيوت السودانية تمر بأزمات ومرارات، وأن ذلك حال مجتمع كامل، وأضاف: “لا نطمح في زيادة في الأجور، ولكن الأفضل معالجة أزمات زيادة الأسعار”، قاطعاً بعدم توقعه أن تكون الزيادة كبيرة لأن هناك أزمة اقتصادية وتقوم الحكومة الآن بمعالجتها من خلال توفير الدولار، وزيادة الأجور يزيد من العبء الاقتصادي.
الموظف بشركة البرجوب للاستثمار مصعب موسى لـ(السوداني) أمس، متزوج ولديه طفل يعيش في منزل إيجار بـ(3000) جنيه شهرياً ومرتبه (6000) جنيه، توقع أن تكون الزيادة بنسبة (70%)، منوهاً إلى أن زيادة أسعار السوق كبيرة جداً، مطالباً الزيادة بأن تكون بنسبة (100%).
الخرطوم: الطيب علي – ساجدة دفع الله