بعد قرار البنك المركزي الأخير رفع سقف تمويل المصدرين .. توقعات خبراء قطاع الصادرات

المنشور الذي صدر بتاريخ ” 1 أكتوبر” الجاري، باستثناء مؤقت لتركيز التمويل في عمليات الصادر منشور مهم جداً، فبموجبه رفعت الدولة سقف سحب العملاء إلى” 50%”

من رأس المال والاحتياطات لتمويل الصادر للموسم الحالي “2018م”، وتأتي الأهمية من جهة أن سقف السحب في السابق كان ” 25%” لأي نوع من أنواع التمويل .. فيما أبدى خبراء اقتصاد ومصدرون ترحيباً واسعاً، وأكدوا تفاؤلهم بالقرار الذي اتخذه بنك السودان المركزي الهادف إلى وضع سياسات لدعم وتطوير الصادر.

خطوة مناسبة

وكان “المركزي”، قد توصل إلى سياسة لإنقاذ قطاع الصادرات بالاتفاق مع اتحاد أصحاب العمل، من خلال منح المصارف استثناءات مؤقتة لتركيز التمويل في عمليات الصادر، بجانب السماح للعملاء باستغلال كامل لسقف تركيز التمويل بنسبة “50%” من رأس المال والاحتياطيات، أو نسبة “10% ” من محفظة التمويل، بهدف إعادة التوازن إلى سوق الصادرات، ودعم الاقتصاد الوطني، بعد التدهور الذي عانى منه لأزمان، وبحسب مراقبين لـ” الصيحة ” فإن الإيجابيات المترتبة على ذلك سوف تسهم في تجاوز الأزمة، وارتفاع قيمة الصادرات التي لازمها التراجع بنسبة “100%”، كما أنها فاتحة خير لإزالة العوائق التي وقفت حجر عثرة في طريق المصدرين السودانيين، وحالت دون المنافسة في الأسواق العالمية، الأمر الذي أدى إلى خروج نسبة ” 40%” من المصدرين من القطاع والاتجاه إلى مجالات أخرى، وذكروا تضافر العديد من العوامل أهمها غياب التمويل والجبايات والضرائب ونقل وتخزين وغيرها لتسفر عن انخفاض أسعار المنتج المحلي عالمياً.

حالة تيقن

وكان رئيس اتحاد أصحاب العمل، سعود مامون البرير، قد ذكر أن البنك المركزي أصدر منشوراً برفع سقف تمويل المصدرين، مبيناً أن التزام المركزي بسياسات دعم وتطوير الصادر محفزة ومشجعة للمصدرين لإدخال العائدات لخزينة الدولة، عبر القنوات المصرفية الرسمية وفق عدد من الضوابط والأسس الصادرة من البنك، إلى جانب الحصول على الضمانات الكافية التي تخول للبنك إدارة المخاطر بطريقة سليمة تمكنه من استرداد أمواله، وأكد البرير حرصهم على رقابة وحماية المعالجات الموضوعة لمعالجة التشوهات الاقتصادية والتي أقرتها الدولة مؤخراً، ويرى مصدرون أن الدولة تجاوزت السقف المتوقع لتمويل الصادرات.

في سياق ذلك، تسود حالة من التيقن حول الاتجاهات المستقبلية للصادرات الوطنية إلى الخارج، فمن المتوقع أن يشهد القطاع انتعاشاً الفترة المقبلة، غير أن احتمالات تعافيه تدريجياً ما زالت قائمة كذلك، وفي المقابل من المحتمل أن تبادر دول كاليابان وكوريا الجنوبية وغيرهما من دول شرق أسيا في فتح مسارات جديدة للصادرات السودانية إلى بلدانها.

حزم واضحة

وبحسب بروفيسور حسن محمد ماشا، وزير المالية السابق لولاية جنوب كردفان ـ ومدير مركز دراسات الاقتصاد الإسلامي، رفع سقف التمويل للمصدرين بداية وصفها بالجيدة جداً، مقارنة بالوضع الاقتصادي والظروف التي تمر بها البلاد، ومن الممكن أن تنعش القطاع عموماً، وتعمل على تحريك المصدرين لفتح صفحة جديدة في ملف الصادرات، خاصة بعد تلمسهم جهود الدولة التي أتت بسياسة جديدة من شأنها أن تعالج الخلل الذي أصاب القطاع، وبالرغم من ذلك، فهي لا تعتبر سياسة سوف تغطي كافة الجوانب التي يفتقدها المصدر كما ذكر ماشا لـ”الصيحة”، والذي طالب بضرورة زيادة النسبة مستقبلاً، وأشار إلى دور الحزم السياسية التي اتخذتها الحكومة الجديدة في خلق سعر تركيزي لصادرات محصولي “الذرة، والسمسم”، إلى جانب جديتها في تمويل الحصاد والتفكير في تحويل الثروة الحيوانية إلى صادر ذبيح وليس خاماً، وأفاد أن هذا الأخير أفقد البلاد مخلفات كثيرة جداً خلال السنوات الماضية، ونادى بالمزيد من الاهتمام بقطاع الثروة الحيوانية باعتباره الصادر الثالث للبلاد.

وثمن ماشة جهود وزارة المالية في التفكير في تمويل محصول الصمغ العربي والقطن، وأكد أن تمويل الصادرات الكبيرة عبر الحزم والسياسات التي اتخذتها الحكومة الجديدة في الوقت الراهن يمكنها المساهمة في إنعاش الصادر.

توقيت مناسب

وفي تعليقه على المنشور المؤقت، أفاد الخبير المصرفي عمر سيد أحمد، مدير عام سابق لثلاثة مصارف آخرها بنك تنمية الصادرات، أن الدولة منحت بهذه الخطوة اهتماماً كبيراً للصادر، نظراً لأن القطاع يمر الآن بأفضل مراحله خلال هذا الموسم، وأشار إلى أن التوقيت مناسب خاصة أن بنك السودان درس هذه النسبة ورجع لحجم التمويل المطلوب للصادر، ومن ثم حدد نسبة الـ” 50%” باعتبارها النسبة الأكبر من الـ” 10% ” من تمويل المحفظة، ويرى أن توجيه التمويل في المسار الصحيح واستغلاله خلال الفترة المحدد له 31 ديسمبر من العام الحالي بسرعة دون تأخير سيسهم في إنجاح سياسة المركزي في تحقيق أهدافه، وأضاف أن هذا الموسم موعود بصادر كبير جداً يتطلب الانتباه والدراسة الجيدة واتخاذ قرارات أخرى بجانب منشور التمويل .

معضلة ماثلة

ولم يخفِ أحمد خلال حديثه لـ”الصيحة” مخاوفه من وجود عقبات من شأنها أن تهزم المنشور، حيث أشار إلى معضلة كبيرة تواجه المصارف وبنك السودان تتمثل في توفر النقد “الكاش”، الأمر الذي يتطلب دراسة فورية وتعاملاً خاصاً مع هذا القطاع مع الوضع في الاعتبار أن المزارع الذي ينتج المحصول لا يعرف بنكاً ولا شيكاً وإنما يريد أن يستلم حقه فوراً، وطالب بنك السودان بضرورة توفير النقد الكافي للمصارف حتى لا ينهزم منشور التمويل، ونادى البنوك للتعامل مع المنشور بإيجابية مع الالتزام بالسرعة في الاستجابة لطلبات التمويل لقطاع الصادر، وتوجيه تمويل حقيقي للمصدرين الحقيقيين بدون أي تعقيدات كثيرة، مع الحفاظ على تغطية المخاطر، والعمل على عدم تعطيل الطلبات في مجالس الوزارات، وعلى الإدارات الرقابية في المصارف وبنك السودان المركزي تفعيل دورها للتأكد من أن التمويل ذهب في اتجاهه الصحيح، وليس لقطاعات أخرى.

الخرطوم : إنتصار فضل الله
صحيفة الصيحة

Exit mobile version