موجهات 2019م .. البحث عن موزانة غير تقليدية

وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، أزاحت النقاب أخيراً عن موازنة العام 2019م، وكشفت عن إعدادها وفق موازنة البرامج ويتم إعدادها وفقاً للأهداف الاستراتيجية للدولة.

وأعلنت الوزارة عن تشكيل فرق بالوزارات، لمناقشة كيفية إعداد موازنة 2019م وتحويل نشاط الوزارة لموازنة برامج وتحديد أولويات الانفاق واختيار البرامج لتحقيق الأهداف العامة. منشور الموازنة لعام 2019م تأخر صدوره، (السوداني) استقبلت الأحداث واستفسرت عن أسباب التأخير، وعملت آنذاك بأن التأخير يرجع إلى الاتجاه الجديد للوزارة الذي سيتم به إعداد الموازنات، ورحجت مصادرها حينئذ، بأن يكون النظام الجديد يقوم على موازنة البرامج وليس على الموازنات التقليدية التي تعتمد على الإيرادات.

ماذا قالت الوزارة؟
وأعلنت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، عن إعداد موازنة العام 2019م وفق موازنة برامج، ويتم إعدادها وفقاً للأهداف الاستراتيجية للدولة، وكشف د. مسلم الأمير وزير الدولة بالمالية، عن ارتباط وثيق بين الموجهات والأهداف الاستراتيجية للدولة متمثلة في استدامة الاستقرار الاقتصادي، تحسين معاش الناس، سيادة حكم القانون، ومحاربة الفساد. وقدّم مسلم لدى ترؤسه أمس مجلس الوزير إنابة عنه في وزارة المالية، شرحاً ضافياً حول موجهات ومنهج الموازنة والتحديات المرتقبة والتحسب لها، مؤكداً على ضرورة إحكام التنسيق بين الجهازين التخطيطي والتنفيذي ممثلين في المجلس الأعلى للتخطيط الاستراتيجي ووزارة المالية وبنك السودان المركزي في إعداد الموازنة، ومواصلة السعي لتحسين العلاقات الخارجية، وأضاف: “مراجعة الإعفاءات الجمركية من بين أهم موجهات الموازنة”، موجّهاً إدارتي الجمارك والضرائب كلٌّ في مجاله بإعداد دراسة مفصلة ومتكاملة تعين في اتخاذ قرار علمي مدروس في مجال الإعفاءات، منوهاً إلى رضا المجتمع الدولي، عن سياسات الإصلاح الاقتصادي التي تنتهجها الدولة. وأضاف: “وضوح الرضا جلياً جاء خلال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين التي شارك فيها السودان مؤخراً بإندونيسيا”. مشيراً إلى التوافق بين أعضاء المجلس على أهمية إسناد الوزارات بالتدريب وبناء القدرات بما يمكّنها من إعداد موزاناتها وفق موازنة البرامج.

تحقيق الحلم
وعن إعداد موازنة البرامج والأداء وتطبيقها في موازنة العام 2019م، قال مدير عام الإدارة العامة للتخطيط والسياسيات الاقتصادية، مكي محمد عبد الرحيم، إن هذا اللقاء يأتي امتداداً للقاء مدراء التخطيط الذي خصص لإعداد الموازنات على نهج موازنة البرامج، التي ظلت (حلماً يراود الناس)؛ حيث يجري الإعداد لها لتطبيقها في موازنة العام الجديد، موضحاً لدى مخاطبته اللقاء التفاكري حول كيفية إعداد موازنة البرامج والأداء للعام 2019م والبرنامج متوسط المدى (2018-202) بوزارة المالية بمشاركة مدراء التخطيط بالوزارات والوحدات الحكومية، أمس أن اجتماع قام بالاطلاع على تجارب عددٍ من الدول التي طبقت موازنة البرامج في الوطن العربي وإفريقيا، مشدداً على ضرورة مضاعفة الجهد في إعداد الموازنة.

الخطة المرتقبة
أكد الأمين العام للمجلس التخطيط الاستراتيجي البروفيسور عباس كورينا، على ضرورة إعداد الخطة التي تقود الموازنة، وقال إن الدولة تصورها السير في اتجاه ميزانية البرامج، إلا أن ميزانية البرامج لا يتم تطبيقها إلا بتطوير الخطة، موضحاً أن برنامج وزير المالية يركز على تحسين معاش الناس وتحريك الموارد وزيادة الإنتاج والإنتاجية والحكم الرشيد ومحاربة الفساد وتطوير الخدمة المدنية وتنفيذ البرنامج التركيزي لرئيس الجمهورية 2020م، مشيراً إلى تشكيل فرق بالوزارات، لمناقشة كيفية إعداد موازنة 2019م وتحويل نشاط الوزارة لموازنة برامج وتحديد أولويات الانفاق واختيار البرامج لتحقيق الأهداف العامة، إضافة إلى أن اللقاء شهد تقديم ورقة حول كيفية تنفيذ موازنة البرامج والأداء للعام 2019م، بجانب ورقة عمل أخرى حول إطار البرنامج المالي متوسط المدى (2018-202).

تأكيد واعتراف
وأشار الاقتصادي د. بابكر الفكي منصور، في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أن مشكلة الموازنة في البلاد ظلت تتعلق بشمولية الموازنة، بمعنى أن تظهر الإيرادات العامة والنفقات لكل الوحدات والمنشآت الحكومية بصورة تفصيلية، وأن يتم تحديد الإيرادات والانفاق تفصيلاً وليس مقاصة دون تحديد العجز والفائض، وقال إن الشمولية المالية تُلزم وزارة المالية بشرط بعدم تخصيص الإيرادات وتخصيص الانفاق فقط، وأضاف: “الموازنة ستكون وفق البرامج والانفاق يكون على كل نشاط بمعدل لا يتجاوزه نهائياً، إلا بأخذ تشريع جديد له، مبيناً أن المضي في اتجاه موازنة البرامج يعد اعترافاً ضمنيّاً بأن إعداد الموازنات في الفترات السابقة لم يلتزم بمبادئ الموازنة المالية المعروفة، مشيراً إلى أن موازنة البرامج تحقق غاية ولاية المالية على المال العام، وذلك في حالة الالتزام بما يُحدِّد في الموازنة.

تجهيز الموارد والاستعداد
وفي المقابل أكد وكيل المالية، عمر فرج الله، على التزام الوزارة بتوفير مطلوبات الإسناد كافة لموازنة البرامج، وقال إن الاتفاق تم على تعزيز تقوية أجهزة الضمان الاجتماعي لحماية المواطن، وأضاف: “مجلس الوزير اطمأن على استعداد المؤسسات الإيرادية من جمارك وضرائب، لمكافحة التهريب والتهرب الضريبي وتطبيق نظم الحوسبة وتحسين كفاءة التحصيل، بما يدفع جهود الدولة في زيادة الإيرادات دون إضافة أي أعباء على المواطن.
وتطابقت توقعات مصادر (السوداني) مع إعلان وزارة المالية عن النظام الجديد للموازنة وفق مفهوم البرامج، وفي ذات الاتجاه مضت توقعات الأكاديمي والاقتصادي د. محمد الناير، أن تكون موزانة عام 2019م هي موازنة برامج، وقال في حديثه لـ(السوداني) إنها تحتاج إلى ترتيبات محددة وإحداث تغيير كبير في هيكلها، وزاد أن الموازنة التقليدية تعتمد على الإيرادات والانفاق وفقاً لتبويب محدد، أما موازنة البرامج فهي تقوم على مفهوم البرامج والانفاق يتم على هذه البرامج فقط، موضحاً أن هذه الموازنة تتطلب التأهيل والتدريب الداخلي والخارجي للكوادر المعنية بإعدادها وتنفيذها، بجانب إعداد الموازنة الشاملة التي تضم الوحدات الحكومية الاتحادية والولائية والمحلية، وأضاف: “موازنة 2019م تعتبر مفصلية لأنها تمثل العام الأخير من البرنامج الخماسي”، وذكر أن ما تمَّ تنفيذه في الأعوام الأربعة المنصرمة لم يمضِ بحسب ما خُطِّط له، ولابد من زيادة إيقاع معدلات العمل إلى أعلى، من ناحية الالتزم بتنفيذ الأشياء المخطط لها، منوهاً إلى أن هذه الموازنة تدخل البلاد في مرحلة انتخابية جديدة المقررة في عام 2020م، حيث يتطلب حدوث تحسنٍ عام في المؤشرات الاقتصادية وخاصة تحسن معاش المواطن، وأشار الناير، إلى أهمية إتاحة فرصة نحو ثلاثة أشهر لإعداد الموازنة ومناقشتها ثم إجازتها من قبل الجهات المختصة.

الخرطوم: ابتهاج متوكل
صحيفة السوداني.

Exit mobile version