أبشر الماحي الصائم

النار ولعت!

[JUSTIFY]
النار ولعت!

*في ثنايا الشهادات والإفادات المتلفزة التي أريقت ليلة تكريم المطرب صلاح بن البادية، شهادة لا يمكن تجاوزها قال بها شقيق المحتفى به الشيخ النيل أبو قرون، وهو للتاريخ ثالث ثلاثة إذ هموا من صنعوا قوانين نميري الإسلامية التي أطلق عليها الإمام الحبيب الصادق المهدي (قوانين سبتمبر)، ذلك إلى جانب الشيخ عوض الجيد والأسطورة القانونية بدرية سليمان.
*قال شيخ النيل حفيد مشيخة ابوقرون بمنطقة شرق النيل وصاحب (العمامة السوداء) قال ليلة التكريم إن شقيقه صلاح كان قلقاً مضطرباً في بادئ الأمر، وهو يبحث عن (تخريج فقهي) لمسألة ممارسة فن الغناء ولا غرو، فهو ابن سجادة أبو قرون بامتياز، يقول النيل غير أن قلبه قد اطمأن لما عثر على أحد الشيوخ من أهل البصر والبصيرة، قال الشيخ مخاطباً الأخ الشقيق المغني، هل عندما تغني تطرب الآخرين وتدخل السرور إليهم! قال صالح الذي هو صلاح، نعم ادخل السرور عليهم، قال الشيخ، إذن لا حرج عليك إن اجتنبت الاختلاط وعلى متن هذه الرؤية عبرت مسيرة المطرب صلاح بن البادية.
*شيء قريب من ذلك في شرق النيل ذاتها التي في وقت واحد أنجبت القباب والشيوخ والمسايد وأشعلت جذوة القرآن، وهي في المقابل ذاتها التي رفدت المسيرة الغنائية السودانية بحزمة من المطربين الذين وضعوا بصماتهم على هذا الضرب من الفنون، والقائمة في هذا المجال تطول.. أحمد المصطفى وسيد خليفة وابن البادية والجاغريو ومبارك حسن بركات وإسماعيل حسب الدائم وثنائي الدبيبة وصولاً إلى معتز صباحي.
*فقد احتفت قناة قوون الرياضية هي الأخرى ليلة أمس الأول بذكرى مروى ثلاثين عاماً على رحيل الشاعر الغنائي محمد ود الرضي، صاحب (من الاسكلا وحلا) واخواتها، واستقدمت فيما استقدمت لخدمة هذه الليلة أحد شيوخ أمضبان، ذلك ليدلي بشهادة داوية بأن ود الرضي قد حفظ القرآن الكريم في مسيد أمضبان قبل أن يلتحق بالحركة الغنائية السودانية ويصبح أحد أهم ركائزها وروائها كما اجتهد كثيراً الاخ الدكتور عبد المطلب الفحل لإيراد نماذج من أغاني الراحل ود الرضي مصدرها كتاب الله أو السنة المطهرة وذكر فيما ذكر (احرموني ولا تحرموني سنة الإسلام السلام) وغيرها من النماذج التي تدلل على تأثر الغناء السوداني بحالة التدين المجتمعية.
*ولا أعرف ما هو الجديد في هذا الأمر، أمر التخريج الشرعي للغناء، فالذي أعرفه أن ليس هنالك جهة حكومة أو أهلية أو حتى صحفية قد فتحت هذا الملف (المسكوت عنه سودانياً) ففي كل المرات والحالات، حالات شيخ النيل وحالات الفحل وصديقنا مختار دفع الله لم يطرح احد ذلك السؤال الذي أرهق هؤلاء الإخوان مشقة البحث عن متلازمة له.
*أطروحة الإسلاميين من جهتها متصالحة مع هذا الضرب، بل اتخذت هذه الأطروحة مطربين مشهورين عبر تاريخها، يضربون الدفوف ويريقون الأناشيد الجهادية والوطنية في المنابر المختلفة، بل للإسلاميين (عرضات) وصولات وجولات مشهودة.. فإذا ما أنشد ذات لمة إنقاذية المدفع الرز.. لم تجد هناك عمامة وقورة تقف على حالها تتساقط كل العمائم والملافح وتشهر العصي، كأن الإسلاميون أكثر ذكاء وهم لا يتصادمون مع هذه الماكينة السودانية الضخمة، إذ راحوا ينتقون بعض الأهزوجات الوطنية والأناشيد الإسلامية والسودانية، وأزعم أن أكبر محرض ومحرك لترك آلاف الشهداء قاعات دروسهم ومنابر علمهم وحقولهم، هو تلك الإناشيد التي زادت من احتدام مشروع الإسلاميين على أيام صيف العبر وعبقرية الإسلاميين تكمن من معرفتهم بمقتاح الشخصية السودانية، لهذا وذاك دورت ماكيناتهم بهذه المفاتيح ولا يزال السيد الرئيس شخصياً يستخدم هذه المفاتيح.
مخرج.. كان زين العابدين منشد الإسلاميين ومطربهم الأشهر، كان ذات يوم يدخل بآلة عوده إلى المسجد، فوضع العود على شباك المسجد، وذهب لأداء تحية المسجد، فصاح المؤذن (يازول طلع الداهية دا من هنا وما تدخل بيه المسجد)، قال الزين (أود أن أدخل بعودي هذا الجنة)..
*أخي السموأل خلف الله.. لنا عودة بحوله وقوته..

[/JUSTIFY]

ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي

تعليق واحد