استبشرنا خيراً عندما أعلنت الدولة حملتها على الفساد والمفسدين خاصة القطط السمان، وكرر السيد رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة أن الحكومة لن تترك الفاسدين وستأخذ كل مليم أخذوه بدون وجه حق
، وقال سنأخذه من عيونهم، ودب الأمل في هذه الحكومة التي عانت من التعدي على المال العام والنهب غير المبرر حتى كادت أن تفقد وقارها بسبب السمعة السيئة التي خلفها أولئك النهابون على مال الشعب، وبدأت الحكومة إجراءات سريعة على كل من تعدى على مال الدولة وألقيّ القبض على الكثيرين من العاملين في الدولة وفي البنوك حتى أشفقنا على البقية الباقية، وتنفس الجميع الصعداء بتلك السياسات، لأن الحكومة تسير في الاتجاه الصحيح، وظللنا كل يوم نترقب ما الذي سوف تفعله الحكومة على الذين تم القبض عليهم، وهل فعلاً هؤلاء تعدوا على المال العام ونهبوا أموال الدولة؟..
لم تمضِ فترة قصيرة وكل يوم نسمع عن إطلاق سراح أحدهم ولم نعرف أسباب الاعتقال ولا أسباب الإفراج عنهم، فكل الذي حدث زوبعة في فنجان أساءت إلى أولئك الأشخاص الذين تم القبض عليهم وعلى أسرهم وأصبحوا في نظر الكل لصوصاً وحرامية، ومهما قدموا من دفوعات بعد ذلك فلن يصدقهم أحد، فإذا كانت الحكومة متأكدة من سرقة أولئك الأشخاص كان من المفترض أن يكون هناك دليل على المال المسروق أو الرجوع إلى إبراء الذمة إن كانت هناك ذمة فعلاً مكتوبة، اللص لن يترك أثراً لسرقته، ولكن الشواهد والدليل تكون واضحة وضوح الشمس إذا رجعت الحكومة إلى السيرة الذاتية للشخص وإلى الأسرة الصغيرة والكبيرة وإلى مرتبه الذي يتقاضاه شهرياً أو سنوياً، وفي هذه الحالة يمكن أن تكتشف الحكومة إن كان هذا الشخص أو أولئك الأشخاص أثروا من مال الدولة، الحكومة في نظري حاولت أن تعمل فرقة إعلامية من خلال القبض الذي تم لعدد من الصيارفة وغيرهم من الذين اتهموا بتبديد المال أو بالنهب، إن إطلاق سراح المتهمين يدل على أن الدولة غير متأكدة، أو متأكدة وتريد أن تقوم بتلك التسويات على الأقل تقول تمت إعادة المال المسروق، ولكن إذا أعيد جزء من المال أو بزيادة عشرة بالمائة أو عشرين بالمائة، كم المال الذي حصل عليه هذا الشخص من مال الدولة، وهل التسوية يمكن أن تبرر للحكومة إطلاق سراحه.
إن الذي تقوم به الحكومة هي محاولة لإيجاد مخرج للصوص والحرامية، بل تشجع الآخرين على السرقة، وإذا ما تم القبض على الشخص يطلب إجراء تسوية لإعادة المال الذي أخذه بدون وجه حق.. وطالما الحكومة عملت على ذلك، فإن التعدي على المال سيكثر ولن يتورع أحد من السرقة أياً كان نوعها، ولكن إذا كانت الحكومة فعلاً جادة في محاربة الفساد والقضاء على المفسدين، فلا بد من اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه أي شخص مد يده على مال الدولة، أو تكسب بصورة غير شرعية.
إن قفل باب التسويات هو الطريق السليم لوقف التعدي على المال العام أو التكسب بطريقة غير شرعية، فنناشد الدولة أن توقف عملية التسويات وأن ينال كل شخص العقاب اللازم جزاء ما اغترفته يداه.
صلاح حبيب – لنا رأي
صحيفة المجهر السياسي