دولة عبد الرحيم باشا !!

* لو صح ما ذكرته الزميلة الصحفية (هبة عبالعظيم) فى صفحتها على (الفيس بوك) بأن الوالى السابق لولاية الخرطوم (الفريق أول مهندس طيار عبدالرحيم محمد حسين) لا يزال مسيطرا على كل الملفات بالولاية ومحتفظا بسيارة الوالى وطاقم الحراسة، فيما انزوى الوالى الجديد الفريق أول شرطة (هاشم عثمان) في مكتب داخل أمانة الحكومة دون سكرتارية أو مكتب تنفيذي، ولم يستطع ممارسة مهامه بصورة طبيعية ولم يعقد سوى اجتماع واحد فقط بهيئة النظافة، ولم تجرِ عملية التسليم والتسلم بينه وبين الوالى السابق إلا في وزارتي المالية والاستثمار فقط، فإنها تكون مهزلة كبيرة، وفقدان لهيبة الدولة ولمن يديرها !!

* لقد مر على إعفاء الوالى السابق من منصبه وتعيين والٍ جديد قرابة الشهر الآن، وهو وقت كافٍ جدا لإكمال عملية التسليم والتسليم بين الرجلين، إلا إذا كان للوالى السابق ما يخشى ان يعرفه خلفه، ويماطل فى التسليم حتى يخفيه ويطمس معالمه، أو أنه يرفض التخلى عن المنصب الذى أزيح منه بقرار من رئيس الجمهورية، وهو ما يدل فى الحالتين على مدى الإنهيار الذى أصاب الدولة فى مقتل، والضعف الشديد الذى يعترى قادتها لدرجة أنهم عاجزون عن إزاحة شخص من منصبه، وتولية بديل له لا يعرف كيف يتصرف فى هذه المحنة سوى الإنتظار !!

* عند إعفاء الوالى السابق كتب الزميل (محمد لطيف) مقالين عن القرار واصفا له بالغرابة، ومؤكدا أن الوالى السابق لم يتلق إخطارا رسميا بإعفائه من منصبه (حتى لحظة كتابته لمقاله الأول) !!

* ويضيف محمد: ” لعل من تولى إعفاء حسين من موقعه قد تعمد تفادى صدور قرار الإعفاء، خشية ان يكون مطلوبا منه تقديم مبررات لذلك الإعفاء، لأن والى الخرطوم هو الوحيد من بين كل ولاة السودان (دستة ونص) الذى تم إبعاده من موقعه، رغم أن المراجع العليا فى الدولة ظلت تؤكد أنه لا تغيير بين الولاة، فضلا عن أن تقارير أداء حكومة الولاية حصلت على تقديرات عالية جدا حين عُرضت فى المكتب القيادى الولائى للمؤتمر الوطنى، ثم حصلت على ذات التقدير حين عرضت على المجلس القيادى الولائى للمؤتمر الوطنى، ثم حصلت على ذات التقدير حين عرضت على مجلس شورى المؤتمر الوطنى بولاية الخرطوم”

* ويتساءل: ” أو ليست كل هذه المؤسسات جزءا لا يتجزأ من حزب المؤتمر الوطنى؟ ألآ يُفترض أن الحزب فى مستواه الإتحادى يعتمد على التقارير التى ترفع اليه من مؤسساته الدنيا فى الولايات المختلفة، أم أن للمركز العام مصادر أخرى يعتمد عليها فى تقييم كوادره، وأن التقارير التى ترفع من مؤسسات الحزب لا تساوى الحبر الذى كتبت به، فيرمى بها فى اقرب مكب للنفايات ؟!”

* ويتساءل أيضا:” إذا كان رئيس الجمهورية وهو رئيس الحزب الذى اقصى عبد الرحيم، قد أشاد بإنجازات الولاية وأكد استعداده لكى تكون وحدها برنامجه الإنتخابى فى الانتخابات القادمة، فمن الذى إختار عبدالرحيم من بين كل الولاة لكى يكون عبرة لمن إعتبر ؟”

* ويجيب (محمد) فى نهاية المقالين بأن قيادة الحزب (وليس من بينهم الرئيس ــ حسب تعريفه لمعنى القيادة)، هى التى أطاحت بعبدالرحيم إقتصاصا منه لرفضه إقصاء نائبه (محمد حاتم سليمان) الذى رفض قبول منصب الوالى فى غرب كردفان، فاعتبرته خارجا عن طاعتها، وأطاحت به دونا عن كل الولاة الآخرين!!

* وبما أن (محمد لطيف) هو أحد أقرب المقربين للوالى السابق، كما تربطه صلة رحم وصداقة قوية وعامرة برئيس الجمهورية، فهل يجوز لنا تفسير ما كتبه مقروءا مع ما اوردته الزميلة (هبة)، بأن (عبدالرحيم) يرفض بالفعل مغادرة منصبه، وان ذلك يحدث بعلم وموافقة رئيس الجمهورية، نكاية فى (قيادة الحزب) ــ إذ انه من المستبعد، بل من المستحيل، أن يجرؤ الوالى السابق على هذا الفعل بدون رضا الرئيس؟!

* وإذا كان الرئيس لم يكن موافقا على عزل (عبدالرحيم)، فلماذا قبل بإعفائه من منصبه ووقَّع عليه، أم أنه ضحى به مقابل موافقة الحزب على ترشيحه لرئاسة الجمهورية فى الانتخابات القادمة، ثم اوعز له بغير ذلك وترك له الخيار بأن يفعل ما يريد .. وهل وصلت المهزلة الى هذا الحد؟

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة

Exit mobile version