على يقيني ان هذا النوع من الكتابات يثير اكزيما بعض الاصدقاء الذين ان اتت سيرة (البشير) المشير والرئيس عطسوا لكني ومن زوايا التأمل ادعوهم لمراجعة وتطواف معي في سيرة (ضابط)
بت اقرب ميلا لتصديق ان معايير اختياره من المكون السياسي الذي سند وخطط لإنقلاب 30 يونيو 1989 ؛ لم تصنعه الصدفة او واقعية الخيارات بعد استبعاد العميد عثمان احمد حسن رئيس اللجنة السياسية لمجلس قيادة الثورة بعد الإنقلاب وقبله الطيار مختار محمدين الذي اسقطت طائرته واستشهد بجنوب السودان .
واظن ان هناك ثالث نسيت اسمه اذ اكتب من ذاكرة المساء ووارد الوقت ؛ فالعميد حسن البشير كما هو واضح من الصور المرفقة كان ضابطا صاحب تاريخ وحضور في السياقات العسكرية فقد قاد عمليات في غرب النوير وولاية الوحدة الحالية _المقاطعة في تقسيمات الدولة الجديدة _ وظهر في عملية تحرير شهيرة لمنطقة (ميوم) ادارها بذكاء تخطيط في استخدامات طرق الحرب النفسية حينما استخدم جرارات حراثة للارض في مؤخرة المتحرك لاثارة غبار ظنت معه قوات الجيش الشعبي ان الحملة المجردة عليهم ذات ثقل في التشكيل والمعدات فاصيبت بالرعب وغلب عليها التجابن وتقبل الهزيمة وقد وثقت العملية تلفزيونيا وعرضت كانتصار عسكري بقيمة سياسية للحكومة في الخرطوم التي لم تكن تعلم انها تصنع نجومية قائد انقلاب قيد الظهور وقبل تلك السنوات خدم البشير في القيادة (الغربية) وهو برتبة الملازم وطاف غالب دارفور ولاحقا وهو عميد كردفان وغرب كردفان وتلك حاميات عسكرية شديد الاثر في تكوين الضباط من حيث الاحاطة بطبيعة نفسيات المؤسسة العسكرية وتكسبهم ميزة ادراك خصائص القوة التي تدار ؛ كما انها تصنع اسما للضابط وصيتا ؛
ثم ان الرجل شارك في الجبهة المصرية او ما يعرف في ادبيات تاريخ الجيش السوداني بالشرق الاوسط وكل هذا تكامل مع فترة الاحزاب التي كان واضحا ان للعقيد حينها (البشير) انشطة وتحركات ذات طبيعة سياسية لدرجة ظهور اسمه في مكتوب بصحيفة الدستور البعثية العراقية كاسم تحوم حوله شبهات نية القيام بإنقلاب وقطعا فان المعلومة لم تكن اجتهاد مصادر صحفية مدنية قدر ما انها تسريب خلفه جهة عسكرية ذات صلة بالصحيفة العراقية .
البشير كان كذلك الضابط الذي ظهر قبلها بالزي الرسمي ظهر مسيرات الانتفاضة وسط الجماهير وهو الفعل الذي تحاشاه حتى جنرالات المجلس الانتقالي بقيادة سوار الذهب ؛ وبالطبع تجب الاشارة هنا الى انه كان ثلاثة كلفوا بملفات جهاز الامن (المنحل) عقب سقوط الرئيس نميري وقطعا فهو اختيار تم وفق تقديرات من القيادة العامة للجيش تراعي ضباطا بمواصفات لا تطلق في ظرف مبتل مثل تلك الايام خبط عشواء او مصادفة حظ ،
كل هذا في تقديري يشير الى ان التعامل مع قراءة سيرة الرئيس البشير كضابط عادي لا تبدو صحيحة وهو ما صدقته الايام اذ عبر لاحقا كمائن سياسية لو تعرض اليها اي زعيم غيره لخرج من اقرب منفذ طؤاري ؛حيث اجاد التكيف مع كل مرحلة في عشريات الانقاذ بتكتيك في البدايات صرف نفسه فيه عن الاحتكاكات ثم اتت مرحلة مفاصلة الاسلاميين وظهرت قدراته في توظيف اجنحة المدنيين في التنظيم لجعل مسرح الصراع في الملعب الرديف (الحزب والحركة) مع احتفاظه باحتياطي اثر قوة ومنعة في الجيش والامن ثم حديثا الدعم السريع وهو ما جعل اي حدة في المسرح الاول سقوفاته لا تتجاوز ابدال اسم محل اسم وقطع جناح اجنحة الطرف الاخر .
فيما ظلت القوة الضاربة والحاسمة ملتزمة بخط الرئيس وتوجهاته والتي صار لاحقا يمضى على اثارها المكون المدني ؛ واظن وخلافا لما يظن البعض ان البشير من اذكى الذين ظهروا في المسرح السياسي الوطني ويكفيه انه الوحيد في تاريخ هذه البلاد الذي ابطل لفترة طويلة اثر الترابي كما انه كان اشد من النميري في جعل الصادق المهدي والميرغني سواح بالجوار وحتى اقليميا وفيما اعرف بالجوار القريب والبعيد فانه زعيم يحظى _ من يحبه ويمقته _ بحقيقة انه لاعب مهم في مسارات تحرك اللاعبين بالمنطقة على رقعة الشطرنج لدرجة ان خيارات تتعلق بالسودان فان تصورات الخارج فيها تبني على البشير او بتسوية تتم بموافقته.