الهندي عزالدين: سينطلق الدولار في طريق اللا عودة، ولن يعود مطلقاً إلى محطة (الأربعينات) التي يتسكع فيها حالياً

احذروا القفزة الثانية في الظلام
عندما قررت الحكومة المصرية تحرير سعر صرف الدولار وبقية العملات الأجنبية في العام 2016، كان بنك مصر المركزي يملك في حساباته وخزائنه احتياطياً يقدّر بـ(19.5) مليار دولار (تسعة عشر ملياراً ونصف المليار دولار)، بينما كانت تقديرات البنك المركزي لحجم النقد الأجنبي في السوق السوداء تشير إلى (40) مليار دولار.

{ إذن.. القرار الذي تتجّه حكومة السيد “معتز موسى” اليوم لإعلانه بتحرير سعر الدولار، وإدارته عبر لجنة مستقلة من مديري البنوك (سوق للنقد الأجنبي) يدار من قاعة باتحاد المصارف، وهو بالمناسبة مقترح وزير المالية الأسبق السيد “عبد الرحيم حمدي”، يحتاج إلى استناد الحكومة إلى احتياطي كبير من النقد الأجنبي، وليس خزينة خاوية وحسابات فارغة من الدولار، ثم اتخاذ قرار بالتحرير ليتحكم في السعر مجموعة من (تجار العملة) من وراء ستار عبر موظفي بعض البنوك!!

{ سينطلق الدولار في طريق اللا عودة، ولن يعود مطلقاً إلى محطة (الأربعينات) التي يتسكع فيها حالياً، وتبعاً لذلك ترتفع أسعار جميع السلع بأضعاف ما هي عليه الآن، ما يجعل حياة المواطن جحيماً على جحيمه الآني!!

{ ولن يستفيد المواطن كثيراً من تخفيض قيمة الدولار الجمركي، ولو هبط إلى (10) جنيهات كما يقترح السيد “عبد الرحيم حمدي”، فستذهب هذه التخفيضات المحتملة لصالح حسابات خاصة بالمستوردين وتجار الجملة والقطاعي، لأن تبريرهم الجاهز والثابت سيكون أن السلعة مستوردة بدولار (55) جنيهاً.. مثلاً، بينما البضاعة السابقة محسوبة بدولار (42) جنيهاً!!

{ ما دمنا نعيش في مجتمع هو أقرب إلى البداوة منه إلى الحداثة، وسوقه أقرب إلى الفوضى وغياب الوازع الديني والأخلاقي من أسواق مجتمع القانون والنزاهة والانضباط كما هو الحال في الغرب، فإن تطبيق سياسة التحرير الكامل مع عدم توفر أرضية ثابتة من رصيد معتبر من النقد الأجنبي، سيكون القفزة الثانية في الظلام بعد قفزة الفريق “الركابي” الأولى برفع قيمة الدولار الرسمي والدولار الجمركي بنسبة (300%) في ميزانية 2018.

{ إن اتخاذ أي قرارات أو موجهات جديدة بشأن الدولار في الفترة الراهنة، قبل انتظار ثمرات إجراءات فك ضائقة السيولة، ونتائج حصاد الموسم الزراعي، وتسلُّم دفعة من رسوم صادرات بترول الجنوب، يؤدي إلى نسف كل ما بُني من آمال على الخطوات الإيجابية التي شرعت حكومة “معتز موسى” في تنفيذها فور تسلُّمها مقاليد الجهاز التنفيذي للدولة.
{ الوقت غير مناسب – يا سادتي – لأية (جراحات) .. أو (صدمات) عنيفة..
انتظروا الآتي قبل هذه القفزة الظلامية:

1- حصاد الموسم الصيفي، 2 – بعضاً من عائدات بترول الجنوب وما يمكن اقتراضه بضمان البترول كما حدث في تمويل سد مروي وغيره من المشروعات، 3 – تسلُّم جزء من عائدات الذهب بعد سدّ (مواسير) التهريب عبر مطار الخرطوم والحدود البرية، 4 – فتح تجارة الحدود مع مصر للصادرات والواردات دون تدخلات سياسية وتفعيل سياسة التبادل السلعي، وفتح صادر المنتجات الزراعية والزيوت لجنوب السودان.
{ ألا قد بلغنا.. اللهم فاشهد.

الهندي عزالدين
المجهر

Exit mobile version