عيّنها الخليفة عمر .. “الشفاء” أول معلمة وأول وزيرة للتجارة في الإسلام

لم تكن المرأة مهمشة ولا مهملة عبر التاريخ الإسلامي كما يدعي البعض، بل كان لها مكانتها وقدرها المعروف حتى إنها تولت مناصب مهمة ومؤثرة كانت قديمًا حكرًا على الرجال وأثبتت براعة وتوفقًا فيها.

وفي هذا التقرير يتوقف مصراوي أمام شخصية فريدة كونها أول امرأة تتولى مسؤولية كبيرة تعادل منصب وزيرة، إنها “الشفاء” التي ولاها الخليفة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولاية السوق ومسؤولية التجار، وهي مهمة ليست بالسهلة.

و”الشفاء” هي ليلى بنت عبد الله العدوية القرشية صحابية من المهاجرات الأُول ولقبت بالشفاء لأنها كانت ترقي المرضى قبل الإسلام في مكة فأصبح شهرتها، وتميزت كذلك بأنها كانت من القلائل الذين عرفوا القراءة والكتابة في الجاهلية فكانت تعلم الناس.
أول معلمة

وصفها الإمام ابن حجر في كتابه “الإصابة في تمييز الصحابة” بأنها “من عقلاء النساء وفضلاهن، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يبر بها فأقطعها داراً في الحكاكين بالمدينة لتسكنها، فنزلتها مع ابنها سليمان وكانت تكتب بالعربية في الوقت الذي كانت الكتابة في العرب قليلة”، فكانت كذلك أول معلمة في الإسلام، ومن ضمن من علمتهم السيدة حفصة رضي الله عنها.

الطبيبة الراقية

ليس ذلك فحسب بل ظلت تمارس الرقية والتطبيب بعد أن استأذنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكانت رضي الله عنها تخرج مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزواته فتداوي الجرحى وكان يأتيها الصحابة في بيتها للتطبيب وقد اشتهرت برقية النمِلة وهي قروح تصيب الجنين.

وذكر ذلك الإمام الحاكم في المستدرك ما قاله بقي بن مخلد إن الشفاء كانت ترقي في الجاهلية وأنها لما هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت قد بايعته بمكة قبل أن يخرج فقدمت عليه فقالت: يا رسول الله إني كنت أرقي برقى الجاهلية وقد أردت أن أعرضها عليك، قال: “اعرضيها علي”. فعرضتها عليه فكانت منها النملة، (والنملة : نوع من التقرحات تصيب الجلد)، فقال: “ارقي بها وعلميها حفصة”، فكانت تقول: بسم الله صَلوبٌ حين يعُودُ من أفواهها فلا تضر أحدًا، اللهم اكشف البأس رب الناس”. فكانت ترقي بها على عود كركم (زعفران) سبع مرات، وتضعه مكانًا نظيفًا ثم تدلّكه على حجر بخلّ ثقيف وتطليه على النملة.

أول وزيرة للتجارة


وكان الخليفة الراشد الثاني سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه عرف مكانتها ويقدرها بل ويستشيرها في كثير من الأمور، لذا أصدر أمرًا بتوليها نظام الحسبة في السوق وهو ما يمكن أن نصفه بمنصب “وزيرة التجارة” في مفهومنا المعاصر، وقد ذكر ذلك الإمام ابن حجر في كتابه “الإصابة في تمييز الصحابة فقال: “وكان عمر يقدمها في الرأي ويرعاها ويفضلها وربما ولاها شيئا من أمر السوق روى عنها حفيداها أبو بكر وعثمان ابنا سليمان بن أبي حثمة” .

وكانت تتولى عقد الصفقات التجارية والإشراف عليها، والفصل في المنازعات التجارية والمالية بين الناس ومعاقبة المقصرين والغشاشين في الأسواق، ووضع القواعد التي تنظم العمل في الأسواق والبيع والشراء.

وتوفيت الشفاء رضي الله عنها سنة 20 للهجرة النبوية المشرفة في زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقبل وفاته بثلاث سنوات بعد أن أدت خدمات جليلة وكثيرة لأمة الإسلام.

مصراوي

Exit mobile version