قضينا يوم نهار أمس في جلسة طويلة بقاعة الشهيد الزبير مع مؤسسة صلاح ونسي لأبحاث ومكافحة مرض السرطان، حيث نظمت المؤسسة التي يقودها الطبيب الاختصاصي والناشط العالمي في مجالات العمل الإنساني د. صلاح الدين الدعاك، لقاءً إعلامياً ومؤتمراً صحفياً كبيراً حول
الحملة العربية للتوعية من مخاطر سرطان الثدي، وحضر هذه الفعالية المهمة رهط كبير من المختصين والإعلاميين والصحافيين، وخاطبته وزير التنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم د. أمل البكري البيلي التي ترعى أنشطة متعددة للمنظمة بجانب مهام وبرامج وزارتها الفاعلة، وتقاطر إلى هذا اللقاء عدد من المختصين في مجال الأورام، ومسؤولون بوزارتي الصحة الاتحادية والولائية، وخبراء وأطباء زائرون من دولة الهند يمثلون مؤسسة طبية عالمية رفيعة في مجال الأورام هي (أبللو) بمدينة مومباي، وهم أفضل الأطباء في مجال علاج السرطان..
> ما يهمنا كصحفيين، ألقيت على عواتقنا مسؤولية جسيمة وعظيمة، وهي بالفعل تقع في عمق اهتماماتنا وتلامس أخلاقنا المهنية ودورنا الذي يجب أن نلعبه في المجتمع، فمن خلال التقارير التي قدمت وأحاديث الوزيرة د. أمل ود. صلاح الدعاك الرئيس التنفيذي للمنظمة والخبراء وممثلي وزارة الصحة، هناك تنامٍ مطرد وملحوظ في أعداد المصابين بمرض السرطان، ويمثل سرطان الثدي أكثر من 30% من مصابي السرطانات المختلفة، وتمثل حالات الوفاة بسبب هذا النوع من السرطان الذي يصيب النساء ونسبة ضئيلة من الرجال نسبة مئوية كبيرة ومرتفعة، ومع ازدياد عدد المراكز التشخيصية والعلاجية في ولاية الخرطوم وولايات أخرى، فإن الأمر بات مقلقاً ومزعجاً إلى حد بعيد، يستوجب مبادرة ضخمة في إطار التوعية والإرشاد الطبي نقوم بها نحن الصحافيين والإعلاميين في كل أجهزة الإعلام المختلفة والصحف، ولعل الاهتمام المكثف من الصحافة وأجهزة الإعلام بقضايا أخرى خاصة السياسية منها والرياضية وتكثيف تسليط الأضواء عليها، حجب دور الإعلام الإيجابي عن متابعة مسؤوليات وقضايا أهم بكثير من السياسة والرياضة والفنون وإعداد وبث البرامج الترفيهية التي تأخذ جُل ما تقدمه الفضائيات ووسائل الإعلام والصحف.
> واجبنا كأجهزة إعلامية وصحف أن نبادر في هذه الحملة لحماية مجتمعنا وتوفير الوقاية له من أخطار السرطانات التي تعود أسباب انتشارها إلى سلوكنا الغذائي السيئ وغير الرشيد، وإسرافنا في تناول الأكل غير الصحي، والابتعاد عن الغذاء المفيد والجيد الذي عشنا عليه في عهد آبائنا وأمهاتنا وأجدادنا ثم تركناه، فاليوم نشهد كيف تغير نمط التغذية، فقد اعتمدنا على الطعام والمأكولات والمواد القابلة للتسرطن مثل الزيت المكرور في عمليات التحمير التجارية للطعمية والدجاج والمعجنات ونظام (التيك أوي) والأغذية من البقالات التي تحتوي على المواد الحافظة والصناعات الغذائية غير المأمونة، والأهم من كل هذا وذاك استخدام المبيدات الزراعية بطرق غير علمية، وعدم تطبيق نظم دقيقة ضابطة في المواصفات والمقاييس للمنتج المحلي أو المستورد، بالإضافة إلى الغش في الكثير من المواد الطبية والدوائية، وظاهرة التدخين وعدم ممارسة الرياضة والكشف المبكر والعلاج المبكر للأمراض والإهمال بما يجعلها تتطور وتتفاقم وتؤدي إلى الإصابة بالسرطان.
> الوضع مخيف للغاية.. ومجتمعنا يجب أن ينتبه والأرقام تتصاعد وترتفع والمؤسسات العلاجية لا تكفي، وما يتوفر من دواء غالي الثمن وباهظ التكاليف ومكلف لخزانة الدولة التي تدعم هذا النوع من العلاج خاصة الكيميائي أو الهرموني أو حتى عبر العمليات الجراحية، ومن هنا ندعو كل الصحافيين والإعلاميين إلى إطلاق أضخم مبادرة تخدم المجتمع وتجعل هذا الأمر الخطير في صدارة اهتماماتنا، فدورنا الحقيقي أن ننتبه وننبه مجتمعنا إلى خطورة هذا القاتل الصامت الذي يجتاح الأجساد ولا يرحم صغيراً أو كبيراً رجلاً أو امرأة، فخطر السرطانات الداهم يجب أن نحاصره بالوعي والتثقيف ونشر المعلومات الصحية بما يقينا جميعاً لتسلم أجسادنا وتصح.
> وهناك تجارب عملية تقف أمامنا شاخصة بأهميتها، مثل تجربة شاهدناها بالأمس لعدد من الناجيات من مرض سرطان الثدي، كيف بلطف الله الكريم وقوة الإرادة استطعن مواجهة هذا المرض اللعين وتحديه والانتصار عليه حتى شفين منه، ولو استمع السودانيون فقط لهولاء النسوة ومعركتهن الطويلة مع المرض الخبيث وكيف انتصرن عليه، لقطعنا نصف المسافة في محاربته والحد منه، فالتوعية هي الحصن وخط الدفاع الأول، وهذا الحصن نقف عنده نحن أهل الصحافة والإعلام، وقد أطلقنا بالأمس مبادرة (صحافيون ضد السرطان)، نؤسس بها لعمل حقيقي، مثلما شارك بالأمس مطربون ورياضيون وشعراء مثل حاتم حسن الدابي الذي نظم قصيدة وصفت بأنها دورة تدريبية وورشة عمل وروشتة كاملة للاتقاء من السرطان، وسنعمل على هذه المبادرة وندعو الصحافيين جميعاً للالتفاف حولها.. فهذا أنفع للبلاد وآمن للعباد.. فهلموا.
الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة