على ما يبدو فإن سياسة الرئيس الأميركي دونالد #ترمب القائمة على الدولار “القوي”، لن تفلح في حماية العملة الأميركية في الأشهر القادمة.
إذ إن “الرالي” الصعودي الذي شهده الدولار في النصف الأول من العام 2018، ضاربا عرض الحائط عملات الأسواق الناشئة وأسعار السلع، عكس اتجاهه في نهاية العام.
بعدما خسر مؤشر الدولار الأميركي، الذي يقيس العملة الأميركية مقابل سلة من العملات، حوالي ثلث مكاسبه في الأشهر الثمانية الأولى من العام، متراجعاً بنسبة 1.7% عن “القمة” التي وصل إليها في أغسطس.
من يمعن التدقيق في مسار الأحداث في الأشهر الأخيرة الماضية، يرى أن عوامل عدة قد تضافرت للتأثير على الدولار.
ويأتي في طليعتها النهج الأميركي “المتدرج” لفرض الرسوم الجمركية على السلع الصينية، ما ولد الآمال بأن الولايات المتحدة والصين قد تحلان نزاعهما التجاري في نهاية المطاف، وفق ما ورد في تقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وهذا ما انعكس بدوره على تشجيع المستثمرين لتقليص رهاناتهم على الدولار والتحول نحو الأسهم الأميركية، ما وجه ضربة موجعة لعملات الأسواق الناشئة.
علماً أن هذا النزاع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم لعب دورا استراتيجيا في تعزيز العملة الأميركية في وقت سابق من هذا العام، وسط اعتقاد العديد من المستثمرين أن الولايات المتحدة ستكون أقل تضررا مقارنة بالدول الأخرى في حربها التجارية الشاملة.
ماذا عن العوامل الأخرى؟
بوادر النمو في اقتصادات الدول خارج الولايات المتحدة الأميركية أثرت أيضاً على الدولار، والتي جاءت على خلفية تصريحات محافظ المركزي الأوروبي ماريو دراغي في سبتمبر الماضي، حيث أعطى تقييما متفائلاً لاقتصاد منطقة اليورو، مشدداً على الخطة التي تم الإعلان عنها في يونيو لإنهاء برنامج شراء السندات بحلول نهاية العام بقيمة 2.5 تريليون يورو ما يعادل 2.91 تريليون دولار.
كما عاد الاقتصاد الياباني إلى النمو في الربع الثاني بعد انكماشه في الأشهر الثلاثة الأولى من العام. في الوقت نفسه، كان العديد من المستثمرين قد توقعوا ارتفاع أسعار الفائدة 4 مرات في عام 2018.
وبالفعل أقدم المركزي الفيدرالي على رفع أسعار الفائدة للمرة الثالثة هذا العام في سبتمبر، ومن المتوقع على نطاق واسع أن يرفعها مرة أخرى في ديسمبر.
وفي حين أن السياسة النقدية الأكثر تشددًا في الولايات المتحدة تجعل الدولار أكثر جاذبية للمستثمرين الباحثين عن العوائد، يعتقد البعض أن السوق قد امتص مسبقاً وأخذ في الاعتبار الزيادات المرتقبة لأسعار الفائدة في سعر العملة.
لذا كان طبيعياً أن تؤدي هذه العوامل مجتمعة إلى إضعاف حماس المستثمرين تجاه العملة الأميركية.
الدولار مقابل اليورو
وهو ما عبر عنه محللون في معهد ويلز فارجو للاستثمار “Wells Fargo Investment Institute”، في مذكرة صدرت مؤخراً: “نعتقد أن قوة الدولار، القائمة على الاختلاف في الاقتصاد الكلي والسياسة النقدية، قد أوشكت على الانتهاء”.
وبحسب التوقعات، فإن الدولار سيبقى ثابتًا مقابل اليورو للفترة المتبقية من عام 2018 ، ليعود وينخفض مقابل العملة الموحدة في منطقة اليورو في العام 2019.
ما إيجابيات تراجع الدولار؟
من شأن ضعف الدولار الأميركي أن يمنح الفرصة لعملات الأسواق الناشئة في أن تلتقط أنفاسها، بعدما وجه الدولار صفعة قوية لعملات هذه الدول في الأشهر الأخيرة، مثل الليرة التركية والبيزو الأرجنتيني وعملة جنوب إفريقيا، خصوصاً أن ارتفاع الدولار الأميركي قد زاد الضغوط على هذه الدول في تسديد الديون المتراكمة عليها في السنوات الأخيرة، لاسيما تلك المقومة بالدولار.
أما بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فإن تراجع الدولار سيكون موضع ترحيب، لاسيما أن ضعف الدولار سيسهم في تعزيز العملات الأخرى مثل اليورو، ويؤدي بدوره إلى تراجع معدلات التضخم في منطقة اليورو والاقتصادات الأخرى.
الشركات متعددة الجنسيات
من جهة أخرى، وفي الولايات المتحدة تحديدا، قد يؤدي انخفاض الدولار إلى تخفيف الضغوط على الشركات متعددة الجنسيات التي عانت مسبقاً لكونها تحتاج إلى تحويل أرباحها الأجنبية إلى العملة الأميركية.
كما يمكن أن تساعد في دعم السلع مثل النفط والذهب والنحاس، والتي يتم تسعيرها بالعملة الأميركية، وتصبح أكثر بأسعار معقولة للمشترين الأجانب عندما ينخفض سعر الدولار.
العربية نت