انتشرت بصورة مخيفة ظاهرة التسول بكل مناطق ولاية الخرطوم، مما شكل مظهراً سالباً وكأنما ولاية الخرطوم أصبحت مدينة للتسول.
إن المتسولين الذين نراهم الآن في الطرقات وأمام الإشارات الضوئية، أغلبهم من الصبية صغار السن، مما يعني أنهم خارج قاعات التعليم، بالإضافة إلى النساء والرجال الذين يجوبون الطرقات حتى ساعات متأخرة من الليل، فالتسول أصبح حرفة وصنعة، وهناك ممن يستغلونهم لمصلحتهم الخاصة، ولذلك نجد أعداداً كبيرة منهم قد اتخذت مواقع إستراتيجية لاستدرار عطف المارة، ولاحظت أن أسفل كبري شمبات اتخذ مكاناً لعدد كبير منهم، فمنهم الرجال فاقدو البصر والنساء والأطفال، مما يعني أن هناك جهة تقوم بإنزالهم في تلك المنطقة وعند نهاية اليوم يعملون على حملهم إلى المناطق التي أخذوا منها، وهناك عدد آخر بالقرب من مسجد بحري العتيق، منهم من يزحفون على الأرض بسبب فقدهم لأطرافهم، وهناك أطفال دون سن العاشرة يحملون رضعاً مما يعني أن هناك جهة تدفع الاثنين للتسول باسمهم، والملاحظ أن معظم المتسولين ليسوا من بني جلدتنا، فمعظمهم من دول الجوار الأفريقي، فإن لم تتصدى السُلطات المختصة إلى تلك الظاهرة، فإن العاصمة التي نسعى لتكون أشبه بالعواصم العربية، من حيث النظام والنظافة والانضباط إلى عاصمة تعج بالمتسولين، نحن لا نمنع أن تقوم الولاية بواجبها تجاه الفقراء والمحتاجين في الحدود المعقولة أو إيجاد طرق لكسب العيش وهذه أفضل للطرفين، ولكن يبدو من تعوَّد على التسول فلن يعمل في أي مكان تضعه فيه، فوزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي، مع الجهات الشرطية والأمنية، عليهم أن يقوموا بواجبهم تجاه هذه الظاهرة قبل أن تنتقل العدوى إلى بقية المدن الأخرى، إن عملية التسول تخصم من المدن الكبيرة وتشوه صورتها إذا استمرت الظاهرة فى تنامي، فالبتر لمثل هذه الظواهر يحد من انتشارها مثلها ومثل السكن العشوائي، فإذا وضع شخص طوبة في منطقة ما واتخذها سكنا له دون أن تنظمه السُلطات تصبح العشة مليون عشة ما لم تتدخل السُلطات لوقفها قبل تمددها، لقد شهدت ولاية الخرطوم في أوقات سابقة تمدد السكن العشوائي حتى أصبح ظاهرة عجزت معظم الحكومات من وقفه حتى جاء الباشمهندس “شرف الدين بانقا” وزير الشؤون الهندسية، وقتها وعمل على تخطيط الولاية وحطم أسطورة السكن العشوائي، خاصة عشش فلاتة التي كانت من أصعب المناطق دخولها لأي مسؤول، وكانت وكراً للجريمة والرذيلة وغيرها من الموبقات، وتطهرت الولاية من دنس السكن العشوائي.. فالآن لابد من وقف عملية التسول المنتشرة في كل الأماكن فإن لم يكون هناك شخص بمستوى الباشمهندس “شرف الدين بانقا” فإننا موعودون بولاية مسكونة بالمتسولين، إن تخطيط المدن بصورة سليمة تمنع وتحد من تلك الظواهر السالبة، فالآن المملكة العربية السعودية التي تعاني من مثل تلك الظواهر عملت على تحطيم كثير من المناطق العشوائية، فالثورة التي قادها ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان” ثورة سليمة وإن اختلف البعض فيها، فلا يمكن أن يأتي رعايا دول أخرى فيعبثون بوطني وينقلون كل الظواهر السالبة التي كانوا يمارسونها في أوطانهم ليتضرر منها وطني، فيجب أن تكون أعين الأجهزة الأمنية والشرطية ببلادنا ساهرة للقضاء على مثل تلك الظواهر ليكون لنا وطناً معافى من الجريمة وغيرها من الظواهر الأخرى.
صلاح حبيب – لنا رأي
صحيفة المجهر السياسي