لا تزال التوترات سيدة الموقف بين أكبر بلدين في أفريقيا من حيث عدد السكان، وهما مصر وإثيوبيا، حيث يسيطر الجمود على المحادثات الثلاثية بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا بشأن ما تسميه الأخيرة “سد النهضة الكبير”، ويستمر انعقاد الاجتماعات دون الخروج بنتائج محددة، بينما فشل القائمون على المشروع حتى الآن في تثبيت مضخة واحدة.
وناقش الاجتماع الثلاثي لوزراء المياه والري لمصر والسودان وإثيوبيا، الذي انعقد في أديس أبابا، الأربعاء، نتائج الدراسة المتعلقة بسد النهضة، بحضور أول لأعضاء اللجنة الوطنية البحثية المستقلة من الدول الثلاث والمكونة من 15 عضوا.
ولا تزال هذه الاجتماعات تنعقد في ظل غموض يكتنف مصير السد الذي كان اقترب من الانتهاء، حتى تهيأت أديس أبابا لأن تكون أكبر دولة مصدرة للطاقة في أفريقيا.
وكان من المقرر أن يكتمل المشروع في يوليو من العام الماضي، لكن إنجازه تأخر كثيرا. وعقب تغيير الحكومة في إثيوبيا، في وقت سابق هذا العام، دفع رئيس الوزراء الجديد أبي أحمد المشروع إلى الأمام مرة أخرى.
لكن العثرات أمام أبي أحمد كانت عائقا لاستكمال بناء أكبر سد في أفريقيا، بطاقة 6 آلاف ميغاوات، وتكلفة أكثر من أربعة مليارات دولار.
وكانت أولى هذه العثرات هي إعلان رئيس الوزراء الجديد، في أغسطس الماضي “مشاكل تتعلق بتصميم السد، الأمر الذي ينذر بعرقلة إتمام بنائه”.
إدارة فاشلة
وقال رئيس وزراء إثيوبيا: “لم نتمكن حتى الآن من تثبيت توربين (مضخة)، كما لم نستطع استكمال المشروع وفق الجدول الزمني”.
واضطر أبي أحمد إلى اتخاذ بعض القرارات كان أبرزها استبدال إحدى الشركات التابعة للجيش الإثيوبي المشاركة في أعمال البناء بشركة أخرى، أملا في إنجاز المشروع سريعا، وفي محاولة لمعالجة المشاكل التي رافقت التصميم.
وشن أحمد، خلال مؤتمر صحفي، هجوما لاذعا على إدارة مشروع السد، قائلا: “بناء سد النهضة كان من المخطط أن ينتهي في 5 سنوات، لكن لم نتمكن من ذلك بسبب إدارة فاشلة للمشروع، وخاصة بسبب تدخل شركة ميتيك”.
“لم يروا سدا في حياتهم”
وأضاف “ميتيك تتسبب في تأخير لا لزوم له في بناء مشروع السد، لقد سلمنا مشروعا مائيا معقدا إلى أناس لم يروا أي سد في حياتهم، وإذا واصلنا السير بهذا المعدل، فإن المشروع لن يرى النور”.
وشركة “ساليني إمبريغيلو” الإيطالية هي المقاول الرئيس في مشروع بناء السد، بينما كانت شركة المعادن والهندسة “ميتيك” التي تديرها قوة الدفاع الإثيوبية التابعة للجيش متعاقدة على القطاعات المعدنية الخاصة بالمكونات الكهروميكانيكية والهيدروليكية في المشروع.
ويبدو أن أبي حمد أبلغ شركة الجيش بقراره قبل يومين من إعلانه ذلك، فبحسب مسؤول في ميتيك، تحدث إلى رويترز وطلب عدم نشر اسمه، قال إن الشركة سمعت خبر الإلغاء للمرة الأولى السبت (25 أغسطس) بينما جاء إعلان أبي في (27 أغسطس)، لكنه لم يعلق على حديث رئيس الوزراء.
وجاء حديث أحمد بناء على لجنة شكلها “لمتابعة سير العمل في السد، لكن تقاريرها إلى أن شركة ميتيك لم تنفذ الاتفاقية بشكل مطلوب”.
“قتل وإضراب”
وقبل شهر من قرار أبي بإزاحة شركة الجيش عن أعمال بناء السد، عثرت الشرطة على مدير المشروع، المهندس سيمغنيو بيكيلي، مقتولا داخل سيارته بأحد ميادين أديس أبابا، في حادث هز الشارع الإثيوبي، بينما لا تزال التحقيقات جاريه بشأن ملابسات الحادث.
وفي ظل هذه التطورات المتسارعة، نظم العاملون في السد إضرابا، طالبين زيادة رواتبهم بالنظر إلى التأخيرات في إنجاز أعمال السد التي كأنت سببا أيضا في طلب شركة ساليني تعويضا”.
ولطالما شكلت خطط بناء وملء السد أزمة في العلاقة بين مصر وإثيوبيا.
واعتبرت مصر قرار إثيوبيا عام 2010 بالمضي قدما في خطط طويلة المدى لاستغلال نهر النيل الأزرق، قرب الحدود الإثيوبية السودانية، كمصدر رئيسي للطاقة تهديدا لما لحقوقها المائية المعروفة منذ عهد الفراعنة.
سكاي نيوز